تفسير سورة الهمزة

معاني القرآن للزجاج

تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج المعروف بـمعاني القرآن للزجاج.
لمؤلفه الزجاج . المتوفي سنة 311 هـ

سُورَةُ الهُمَزَة
(مَكِّيَّة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)
(وَيْلٌ) مرفوع بالابتداء والخبر (لِكُلِّ هُمَزَةٍ)
ولو كان في غير القرآن جاز النصب، ولا يجوز في القرآن لمخالفة المصحف. فمن قال: وْيلاً للكافرين.
فالمعنى جعل الله له ويلاً، ومن قال: (وَيْلٌ) فهو أجود فى العربية
لأنه قد ثبت له الويل، والويل كلمة تقال لكل من وقع في هلكة.
والهُمَزَةُ اللُمَزَةُ الذي يغتاب النَّاسَ ويَغُضُّهم
قال الشاعر:
إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني... وإن تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ
* * *
(الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢)
وقرئت: (الذي جَمَّعَ مَالًا)، وقرئت (جَمَعَ مَالًا)، بالتخفيف.
وقرئت (وَعَدَّدَهُ) بالتشديد، وقرئت (وَعَدَدَهُ) - بالتخفيف.
فمن قرأ (وَعَدَّدَهُ) فمعناه، وَعَدَّدَهُ للدهُور.
ومن قرأ (وَعَدَدَهُ) فمعناه جمع مالاً وَعَدَداً، أي وقوماً أعَدَّهم نُصَّاراً (١).
(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿الذى جَمَعَ﴾: يجوزُ جرُّه بدلاً، ونصبُه ورفعُه على القطع. ولا يجوزُ جَرُّه نعتاً ولا بياناً لتغايُرِهما تعريفاً وتنكيراً. وقولُه: «جَمَعَ» قرأ الأخَوان وابن عامر بتشديدِ الميم على المبالغةِ والتكثيرِ، ولأنَّه يوافِقُ «عَدَّدَه» والباقون «جمَعَ» مخففاً وهي محتمِلَةٌ للتكثيرِ وعدمِه.
قوله: «وعَدَّدَه» العامَّةُ على تثقيل الدالِ الأول، وهو أيضاً للمبالغةِ. وقرأ الحسن والكلبُّي بتخفيفِها. وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ المعنى: جَمَعَ مالاً وعَدَدَ ذلك المالَ، أي: وجَمَعَ عَدَدَه، أي: أحصاه. والثاني: أنَّ المعنى: وجَمَعَ عَدَدَ نفسِه مِنْ عَشِيرَتِهِ وأقاربِه، و «عَدَدَه» على هَذَيْنِ التأويلَيْنِ اسمٌ معطوفٌ على «مالاً» أي: وجَمَعَ عَدَدَ المالِ أو عَدَدَ نفسِه. الثالث: أنَّ «عَدَدَه» فعلٌ ماضٍ بمعنى عَدَّه، إلاَّ أنَّه شَذَّ في إظهارِه كما شَذَّ في قولِه:
٤٦٤١...................... إني أَجُوْدُ لأَِقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
وقوله: (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)
أي يعمل عمل من لا يظن مع يساره أنه يَمُوتَ.
* * *
وقوله: (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
أي يرمى به في النار.
والحُطَمَةُ اسم من أسماء النار.
وقرئت (لَيُنْبَذَانِّ فِي الْحُطَمَةِ).
ورويت - عن الحسن، على أن المعنى لينبذنَّ هو وماله في الحُطَمَةِ.
وقرئت (لَتَنْبُذُنَ) فِي الْحُطَمَةِ، فمعناه أنه لينبذ هو وجمعُه في
الحطمة. والقراءة المعروفة (لَيُنْبَذَنَّ).
* * *
قوله: (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)
هذه نار معدة لهؤلاء الكفار ومن كان مثلهم.
ومعنى (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)
يبلغ ألمها وإحْرَاقُها إلى الأفئدة.
* * *
وقوله: (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)
قرئت بالِهمز وبغير همز.
وقرئت مُوصَدَة، والعرب تقول أَوْصَدْتُه فعلى هذا مُوصَدَة.
وتقول آصَدْتُه فعلى هذا مؤصَدَة. بالهمزة.
ومعنى " مُوصَدَةٌ " مطبقة، أي العَذَابُ مطبَق عليهم.
* * *
وقوله: (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
وقرئت (فِي عُمُدٍ) وهو جمع عمَادٍ وَعُمَد وَعُمُد، كما قالوا: إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ. ومعناه أنها في عُمَد مِنَ النَّارِ (١).
(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿فِي عَمَدٍ﴾: قرأ الأخَوان وأبو بكر بضمتين جمعَ «عَمُود» نحو: «رَسُول ورُسُل». وقيل: جمعُ عِماد نحو: كِتاب وكُتُب. ورُوي عن أبي عمروٍ الضمُّ والسكونُ، وهو تخفيفٌ لهذهِ القراءةِ. والباقون «عَمَد» بفتحتَيْن. فقيل: اسمُ جَمْعٍ لعَمود. وقيل: بل هو جمعٌ له، قال الفراء: كأَدِيْم وأَدَم «وقال ابو عبيدة:» هو جمعُ عِماد «و» في عَمَدٍ «يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ الضميرِ في» عليهم «، أي: مُوْثَقِين، وأَنْ يكونَ خبراً لمبتدأ مُضمرٍ، أي: هم في عَمَدٍ، وأَنْ يكونَ صفةٌ لمُؤْصَدَة، قال أبو البقاء» يعني: فتكون النارُ داخلَ العَمَدِ «.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
سورة الهمزة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الهُمَزة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القيامة)، وقد افتُتحت بإثبات الوَيْلِ لكلِّ مَن يطعن في المؤمنين ويَلمِزهم، والمقصودُ ابتداءً من هذا الخطابِ مشركو قُرَيش عندما كانوا يَعِيبون المسلمين؛ ليتركوا الإسلامَ، ويعُودُوا إلى الشِّرك.

ترتيبها المصحفي
104
نوعها
مكية
ألفاظها
33
ترتيب نزولها
32
العد المدني الأول
9
العد المدني الأخير
9
العد البصري
9
العد الكوفي
9
العد الشامي
9

* سورةُ (الهُمَزة):

سُمِّيت سورةُ (الهُمَزة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، و(الهُمَزة): هو الذي يغتاب الناسَ، ويطعن فيهم.

 جزاء الطعَّان والعيَّاب للناس (١-٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /342).

تحذيرُ المشركين من الطعنِ في المؤمنين ولَمْزِهم طمعًا في أن يُلجِئَهم الملَلُ من أصناف الأذى إلى الانصراف عن الإسلام، والرجوع إلى الشرك.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /536).