تفسير سورة الدّخان

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الدخان من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [١٠]٥٠١- أخبرنا محمدُ بن العلاءِ، قال: حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروق، قال عبد الله: إن قُريشاً لما استعصت... على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بسنين كَسنّي يوسف، فأصابهم قحطٌ وجهدٌ، حتى أكلوا العِظام، وجعل (- يعني) الرجل ينظرُ إلى السماءِ، فيرى بينه وبينها كهيئة الدُخان من الجهد. فأنزل اللهُ (- عزَّ وجلَّ -): ﴿ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [١٠-١١].
فأُتي رسول الله، فقيل: يا رسول الله، استسقِ الله لهم؛ فإنهم قد هلكوا، فاستسقى الله، فسقوا. فأنزل اللهُ (تعالى) ﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ﴾ [١٥] فعادوا إلى حالتهم التي كانوا عليها حين أصابتهم الرفاهيةُ، فأنزل اللهُ (تعالى): ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ [١٦].
قال: يوم بدرٍ. ٥٠٢- أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدَّثنا خالدٌ - يعني: ابن الحارث، قال: حدَّثنا عبد الرحمن، قال: حدَّثنا فُراتٌ القزَّازُ، عن أبي الطُفيل، عن حُذيفة بن أسيدٍ، قال:" اطَّلعنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: " إن الساعة لا تقوم حتى تكون عشرٌ: الدُّخانُ، والدَّجَّالُ، وطلوعُ الشمسِ من مغربها، والدابةُ، وثلاثةُ خُسوفٍ - خسفٌ بالمشرقِ، وخسفٌ بالمغربِ، وخسفٌ في جزيرة العربِ -، ونُزُولُ عيسى بن مريم، وفتحُ يأجوج ومأجوج، ونارٌ تخرجُ من قعرةِ عدنٍ - تسوقُ الناسَ إلى المحشرِ " ". قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ﴾ [١٥]٥٠٣- أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا النضر بن شُميلٍ، قال: أخبرنا شُعبةُ، عن منصورٍ، وسليمان، عن أبي الضُّحى، عن مسروقٍ، أن عبد الله، قال:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمَّا استعصت عليه قُريشٌ، قال: " اللَّهُمَّ أعني بسبعٍ كسبع يوسف " "، فأخذتهم سنةٌ، فحصت كلَّ شيءٍ/ فأكلوا الجلود والميتة - وقال الآخرُ: الجلود والعظم - فجعل يخرجُ من الأرض كهيئة الدُخان. فجاء أبو سُفيان، فقال: إن قومك قد هلكوا، فادعُ الله لهمُ. فقال:" إن تعودوا نعد "فذلك قوله: ﴿ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [١٠-١١].
(قال عبد الله: فهل يُكشفُ عذاب الآخرة؟) ثم قال عبد الله: إن الدُّخان قد مضى. ٥٠٤- أخبرنا أبو داود، قال: حدَّثنا أبو النُّعمان، قال: حدَّثنا ثابتٌ، قال: حدَّثنا هلالٌ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ - وقال أبو جهلٍ: أيُخوفنا محمدٌ بشجرةِ الزقُّوم؟! هاتوا تمراً وزُبداً، فتزقَّمُوا.
سورة الدخان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الدُّخَان) من السُّوَر المكية، وقد احتوت على ذِكْرِ علامةٍ من العلامات الكبرى ليومِ القيامة؛ وهي دُخَانٌ يملأ ما بين السماءِ والأرض يغشى الناسَ، وفي ذلك تحذيرٌ للكفار من هلاك قريب، وترهيبٌ لهم من مصيرٍ مَهُول، ودعوةٌ لهم إلى العودة إلى طريق الله، والاستجابةِ لأمره، وتركِ ما هم عليه من تكبُّرٍ وكفر، وخُتمت السورة بالترغيب فيما يَلْقاه المؤمنُ من عطاء الله، والخيرِ الذي عنده، وكلُّ هذا دعوةً للكفار للإيمان، وتثبيتًا للمؤمنين على إيمانهم.

ترتيبها المصحفي
44
نوعها
مكية
ألفاظها
346
ترتيب نزولها
64
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
57
العد الكوفي
59
العد الشامي
56

* قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «إنَّما كان هذا لأنَّ قُرَيشًا لمَّا استعصَوْا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، دعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يوسُفَ، فأصابَهم قَحْطٌ وجَهْدٌ حتى أكَلوا العِظامَ، فجعَلَ الرجُلُ ينظُرُ إلى السماءِ فيَرى ما بَيْنَه وبينها كهيئةِ الدُّخَانِ مِن الجَهْدِ؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠ يَغْشَى اْلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} [الدخان: 10-11]، قال: فأُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسولَ اللهِ، استَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ؛ فإنَّها قد هلَكتْ، قال: «لِمُضَرَ؟ إنَّك لَجريءٌ»، فاستَسقى لهم؛ فَسُقُوا؛ فنزَلتْ: {إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ} [الدخان: 15]، فلمَّا أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ، عادُوا إلى حالِهم حينَ أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]، قال: يَعنِي: يومَ بَدْرٍ». أخرجه البخاري (٤٨٢١).

* سورة (الدُّخَان):

سُمِّيت سورة (الدُّخَان) بهذا الاسم؛ لورودِ لفظ (الدُّخَان) فيها في قوله تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} [الدخان: 10].

مقصدُ سورة (الدُّخَان) هو الإنذار بالهلاكِ والعذاب لكلِّ مَن أعرض عن هذا الكتابِ الحكيم، ولم يَقبَلْ ما أُرسِل به مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى العودة إلى الحقِّ واتباع هذا الدِّين قبل أن يَنزِلَ بهم العذاب، كما أن فيه إقامةَ الحُجَّة بتمام البلاغ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /471).