تفسير سورة الدّخان

غريب القرآن

تفسير سورة سورة الدخان من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر. قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليه السّلامُ في قولهِ تعالى :﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ معناه يَقضي ويُدبِّرُ في الليلةِ المباركةِ وهي ليلةُ القَدرِ يَقضي فيها أمرَ السَّنةِ من الأَرزاقِ وغيرِ ذلك إلى مثلِها من السَّنةِ الأَخرى.
وقوله تعالى :﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ معناه فانتظرْ يومَ تأتي السَّماءُ بِدُخانٍ مُّبينٍ.
وقوله تعالى :﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ معناه يومُ بَدرٍ.
وقوله تعالى :﴿ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ معناه تَقْتُلون.
وقوله تعالى :﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ﴾ معناه سَاكنٌ. ويقال : طريقٌ بالنبطيةِ.
وقوله تعالى :﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ ﴾ يقال إنه ليس من مُؤمنٍ إلاّ وَلَهُ بَابٌ يَصعدُ فيهِ عَملُهُ وكلامُهُ. وبابٌ يَخرُجُ منهُ رِزقُهُ. فإذا ماتَ وفُقِدَ بَكيا عَليهِ أربعينَ صباحاً. ولمْ يكنْ لآل فرعون أَعمالٌ صالحةٌ تَبكي ذلك عليهِم.
وقوله تعالى :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ معناه بمبعوثِينَ يوم القيامةِ.
وقوله تعالى :﴿ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ﴾ فالمَولى ابن العَمِ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴾ فَشَجرةُ الزَّقُّومِ : شَجرةٌ في النَّارِ.
والأَثيمُ : أبو جَهل بن هشام.
والمُهلُ : صَديدُ أَهلِ النَّارِ.
وقوله تعالى :﴿ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ ﴾ معناه سُوقوهُ ﴿ إِلَى سَوَآءِ الْجَحِيمِ ﴾ أي وسَطَهُ.
سورة الدخان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الدُّخَان) من السُّوَر المكية، وقد احتوت على ذِكْرِ علامةٍ من العلامات الكبرى ليومِ القيامة؛ وهي دُخَانٌ يملأ ما بين السماءِ والأرض يغشى الناسَ، وفي ذلك تحذيرٌ للكفار من هلاك قريب، وترهيبٌ لهم من مصيرٍ مَهُول، ودعوةٌ لهم إلى العودة إلى طريق الله، والاستجابةِ لأمره، وتركِ ما هم عليه من تكبُّرٍ وكفر، وخُتمت السورة بالترغيب فيما يَلْقاه المؤمنُ من عطاء الله، والخيرِ الذي عنده، وكلُّ هذا دعوةً للكفار للإيمان، وتثبيتًا للمؤمنين على إيمانهم.

ترتيبها المصحفي
44
نوعها
مكية
ألفاظها
346
ترتيب نزولها
64
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
57
العد الكوفي
59
العد الشامي
56

* قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «إنَّما كان هذا لأنَّ قُرَيشًا لمَّا استعصَوْا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، دعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يوسُفَ، فأصابَهم قَحْطٌ وجَهْدٌ حتى أكَلوا العِظامَ، فجعَلَ الرجُلُ ينظُرُ إلى السماءِ فيَرى ما بَيْنَه وبينها كهيئةِ الدُّخَانِ مِن الجَهْدِ؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠ يَغْشَى اْلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} [الدخان: 10-11]، قال: فأُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسولَ اللهِ، استَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ؛ فإنَّها قد هلَكتْ، قال: «لِمُضَرَ؟ إنَّك لَجريءٌ»، فاستَسقى لهم؛ فَسُقُوا؛ فنزَلتْ: {إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ} [الدخان: 15]، فلمَّا أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ، عادُوا إلى حالِهم حينَ أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]، قال: يَعنِي: يومَ بَدْرٍ». أخرجه البخاري (٤٨٢١).

* سورة (الدُّخَان):

سُمِّيت سورة (الدُّخَان) بهذا الاسم؛ لورودِ لفظ (الدُّخَان) فيها في قوله تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} [الدخان: 10].

مقصدُ سورة (الدُّخَان) هو الإنذار بالهلاكِ والعذاب لكلِّ مَن أعرض عن هذا الكتابِ الحكيم، ولم يَقبَلْ ما أُرسِل به مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى العودة إلى الحقِّ واتباع هذا الدِّين قبل أن يَنزِلَ بهم العذاب، كما أن فيه إقامةَ الحُجَّة بتمام البلاغ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /471).