تفسير سورة الدّخان

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة الدخان من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن.
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

«سورة الدّخان» (٤٤)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

«فِيها يُفْرَقُ» (٤) يفصل ويقسط..
«إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» (٥- ٦) نصب على مجاز نصب المصادر. قال أبو عبيدة: سمعت ابن عون يقول: قد مضى الدخان «١» وزعم غيره أن الدخان هو الجدب والسنون التي دعا النبي صلى الله عليه فيها على مضر، اللهم اشدد وطأتك على مضر، وقال بعضهم وطأتك «٢»..
«يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى» (١٦) يقال: إنها يوم بدر «٣»..
«وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً» (٢٤) ساكنا «٤» : يقال: أره على نفسك أي ارفق بها ولا تخرق. يقال: عيش راه، قال بشر بن أبى خازم:
فإن أهلك عمير فربّ زحف يشبّه نقعه رهوا ضبابا
«٥» [٨٣٤]
(١). - ٥ «قد مضى الدخان» : وفى الطبري (٢٥/ ٦١: حدثنا أبو كريت قال حدثنا أبو بكر ابن عباس عن عاصم قال شهدت جنازة فيها زيد بن على فأنشأ يحدث يومئذ فقال إن الدخان يجىء قبل يوم القيامة فيأخذ بأنف المؤمن الزكام ويأخذ بمسامع الكافر قال قلت وحد الله إن صاحبنا عبد الله قال غير هذا. قال إن الدخان قد مضى...
(٢). - ٦ «اللهم... وطأتك» : هذا الحديث فى النهاية واللسان (وطأ) وقالا صاحبهما:
وكان حماد بن سلمة يروى هذا الحديث أشدد وطدتك على مضر والوطد الإثبات والغمز فى الأرض.
(٣). - ٨ «يقال... بدر» : هو قول ابن مسعود! وابن عباس وأبى بن كعب ومجاهد والضحاك، وانظر القرطبي (١٦/ ١٣٤).
(٤). - ٩ «ساكنا» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة (فتح الباري ٨/ ٣٣٩).
(٥). - ٨٣٤: فى اللسان (رهو).
«أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ» (٣٧) ملوك اليمن كان كل واحد منهم يسمّى تبّعا لأنه يتبع صاحبه وكذلك الظل لأنه يتبع الشمس «١» وموضع تبّع فى الجاهلية موضع الخليفة فى الإسلام وهم ملوك العرب الأعاظم..
«يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً» (٤١) ابن عم عن ابن عم..
«ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» (٤٩) فى الدنيا..
«وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ» (٥٤) جعلناهم أزواجا كما تزوج النعل بالنعل جعلناهم اثنين اثنين جميعا بجميع. «٢» «٣»
(١). - ١- ٢ «تبع... الشمس» : رواه البخاري يقول وقال غيره تبع... إلخ. وقال ابن حجر: قول أبى عبيدة بلفظه وزاد موضع... الأعاظم (فتح الباري ٨/ ٤٣٩).
(٢). - ٨٣٥: من قصيدة مفضلية وهى فى الشرح ٥٢٦- ٥٤٤.
(٣). - ٨٣٦: فى اللسان (حور). [.....]
سورة الدخان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الدُّخَان) من السُّوَر المكية، وقد احتوت على ذِكْرِ علامةٍ من العلامات الكبرى ليومِ القيامة؛ وهي دُخَانٌ يملأ ما بين السماءِ والأرض يغشى الناسَ، وفي ذلك تحذيرٌ للكفار من هلاك قريب، وترهيبٌ لهم من مصيرٍ مَهُول، ودعوةٌ لهم إلى العودة إلى طريق الله، والاستجابةِ لأمره، وتركِ ما هم عليه من تكبُّرٍ وكفر، وخُتمت السورة بالترغيب فيما يَلْقاه المؤمنُ من عطاء الله، والخيرِ الذي عنده، وكلُّ هذا دعوةً للكفار للإيمان، وتثبيتًا للمؤمنين على إيمانهم.

ترتيبها المصحفي
44
نوعها
مكية
ألفاظها
346
ترتيب نزولها
64
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
57
العد الكوفي
59
العد الشامي
56

* قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «إنَّما كان هذا لأنَّ قُرَيشًا لمَّا استعصَوْا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، دعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يوسُفَ، فأصابَهم قَحْطٌ وجَهْدٌ حتى أكَلوا العِظامَ، فجعَلَ الرجُلُ ينظُرُ إلى السماءِ فيَرى ما بَيْنَه وبينها كهيئةِ الدُّخَانِ مِن الجَهْدِ؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠ يَغْشَى اْلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} [الدخان: 10-11]، قال: فأُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسولَ اللهِ، استَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ؛ فإنَّها قد هلَكتْ، قال: «لِمُضَرَ؟ إنَّك لَجريءٌ»، فاستَسقى لهم؛ فَسُقُوا؛ فنزَلتْ: {إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ} [الدخان: 15]، فلمَّا أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ، عادُوا إلى حالِهم حينَ أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]، قال: يَعنِي: يومَ بَدْرٍ». أخرجه البخاري (٤٨٢١).

* سورة (الدُّخَان):

سُمِّيت سورة (الدُّخَان) بهذا الاسم؛ لورودِ لفظ (الدُّخَان) فيها في قوله تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} [الدخان: 10].

مقصدُ سورة (الدُّخَان) هو الإنذار بالهلاكِ والعذاب لكلِّ مَن أعرض عن هذا الكتابِ الحكيم، ولم يَقبَلْ ما أُرسِل به مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى العودة إلى الحقِّ واتباع هذا الدِّين قبل أن يَنزِلَ بهم العذاب، كما أن فيه إقامةَ الحُجَّة بتمام البلاغ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /471).