تفسير سورة الدّخان

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الدخان من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ فاسر بعبادي ليلا ﴾( ٢٢ )
٩٧٩- قال تعالى لموسى عليه السلام :﴿ فاسر بعبادي ليلا ﴾ والتحصن بالليل اختفاء عن أعين الأعداء ونوع تسبب. ( الإحياء : ٤/٢٩٦ )
﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ﴾( ٢٨ )
٩٨٠- قال علي كرم الله وجهه : إذا مات العبد يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، ثم قرأ ﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ﴾ وقال ابن عباس : تبكي عليه الأرض أربعين صباحا، وقال عطاء الخرساني١ ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت. ( نفسه : ١/١٨٠ )
١ - هو عطاء بن مسلم المحدث الواعظ، نزيل دمشق والقدس. أرسل عن أبي الدرداء وابن عباس وغيرهما. روى عنه معمر وشعبة ومالك وغيرهم، وثقه ابن معين. ت ١٣٥هـ ن. تهذيب التهذيب ٧/٢١٢-٢١٥ وشذرات الذهب ١/١٩٢-١٩٣ وسر أعلام النبلاء: ٦/١٤٠..
﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ﴾( ٣٦ )
٩٨١- عجائب الجو ؛ ما يظهر فيه من الغيوم والرعود والبروق والأمطار والثلوج والشهب والصواعق، فهي عجائب ما بين السماء والأرض، وقد أشار القرآن على جملة ذلك في قوله تعالى :﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ﴾ وهذا هو الذي بينهما، وأشار إلى تفصيله في مواضع شتى، حيث قال تعالى :﴿ والسحاب المسخر بين السماء والأرض ﴾١ حيث تعرض للرعد والبرق والسحاب والمطر. ( نفسه : ٤/٤٧٠ ).
١ - البقرة: ١٦٤..
سورة الدخان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الدُّخَان) من السُّوَر المكية، وقد احتوت على ذِكْرِ علامةٍ من العلامات الكبرى ليومِ القيامة؛ وهي دُخَانٌ يملأ ما بين السماءِ والأرض يغشى الناسَ، وفي ذلك تحذيرٌ للكفار من هلاك قريب، وترهيبٌ لهم من مصيرٍ مَهُول، ودعوةٌ لهم إلى العودة إلى طريق الله، والاستجابةِ لأمره، وتركِ ما هم عليه من تكبُّرٍ وكفر، وخُتمت السورة بالترغيب فيما يَلْقاه المؤمنُ من عطاء الله، والخيرِ الذي عنده، وكلُّ هذا دعوةً للكفار للإيمان، وتثبيتًا للمؤمنين على إيمانهم.

ترتيبها المصحفي
44
نوعها
مكية
ألفاظها
346
ترتيب نزولها
64
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
57
العد الكوفي
59
العد الشامي
56

* قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «إنَّما كان هذا لأنَّ قُرَيشًا لمَّا استعصَوْا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، دعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يوسُفَ، فأصابَهم قَحْطٌ وجَهْدٌ حتى أكَلوا العِظامَ، فجعَلَ الرجُلُ ينظُرُ إلى السماءِ فيَرى ما بَيْنَه وبينها كهيئةِ الدُّخَانِ مِن الجَهْدِ؛ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠ يَغْشَى اْلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ} [الدخان: 10-11]، قال: فأُتِيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسولَ اللهِ، استَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ؛ فإنَّها قد هلَكتْ، قال: «لِمُضَرَ؟ إنَّك لَجريءٌ»، فاستَسقى لهم؛ فَسُقُوا؛ فنزَلتْ: {إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ} [الدخان: 15]، فلمَّا أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ، عادُوا إلى حالِهم حينَ أصابَتْهم الرَّفاهيَةُ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ نَبْطِشُ اْلْبَطْشَةَ اْلْكُبْرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الدخان: 16]، قال: يَعنِي: يومَ بَدْرٍ». أخرجه البخاري (٤٨٢١).

* سورة (الدُّخَان):

سُمِّيت سورة (الدُّخَان) بهذا الاسم؛ لورودِ لفظ (الدُّخَان) فيها في قوله تعالى: {فَاْرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اْلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} [الدخان: 10].

مقصدُ سورة (الدُّخَان) هو الإنذار بالهلاكِ والعذاب لكلِّ مَن أعرض عن هذا الكتابِ الحكيم، ولم يَقبَلْ ما أُرسِل به مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دعوةٌ للكفار إلى العودة إلى الحقِّ واتباع هذا الدِّين قبل أن يَنزِلَ بهم العذاب، كما أن فيه إقامةَ الحُجَّة بتمام البلاغ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /471).