روى الضحاك عن ابن عبَّاس : أنها نزلت في الأخنس بن شريق، كان يلمز الناس، ويعيبهم مقبلين، ومدبرين٩.
وقال ابن جريج : نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه، ويقدح فيه في وجهه١٠.
وقيل : إنها نزلت في أبي بن خلف.
وقيل : في جميل بن عامر الثقفي.
وقيل : إنها عامة من غير تخصيص، وهو قول الأكثرين.
قال مجاهد : ليست بخاصة لأحد ؛ بل لكل من كانت هذه صفته١١.
وقال الفراءُ : يجوز أن يذكر الشيء العام، ويقصد به الخاص، قصد الواحد إذا قال : أزورك أبداً، فتقول : من لم يزرني فلست بزائره، تعني ذلك القائل.
ﰡ
وقيل: وادٍ في جهنم.
﴿لِّكُلِّ هُمَزَةٍ﴾، أي: كثير الهمز، وكذلك «اللُّمَزَة»، أي: الكثير اللَّمْز. وتقدم معنى الهمز في سورة «ن» واللمز في سورة «براءة».
والعامة: على فتح ميمها، على أن المراد الشخص الذي كثر منه ذلك الفعل.
قال زياد الأعجم: [البسيط]
٥٣٠٢ - تُدْلِي بِوُدِّي إذَا لاقَيْتَنِي كَذِباً | وإنْ أغَيَّبْ فأنْتَ الهَامِزُ اللُّمَزَه |
قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - وهم المشَّاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبُرآء العيب، فعلى هذا هما بمعنى، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «شِرارُ عبادِ اللهِ تَعالَى:
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أن الهمزة: القتَّات، واللُّمزة: المغتاب، والقتَّاتُ: هو النمام، يقال: قتّ الحديث يقتّه: إذا زوره وهيّأه وسواه.
[وقيل: النَّمامُ الذي يكون مع القوم يتحدثون لينمّ عليهم، والقتَّات الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون، ثم ينم، والقتات الذي يسأل عن الأخبار، ثم ينميها نقله ابن الأثير.
وقال أبو العالية، والحسن، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح: الهمزة: الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل، واللُّمزة: الذي يعيب به من خلفه، وهذا اختيار النحاس.
قال: ومنه قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات﴾ [التوبة: ٥٨].
وقال مقاتل هنا هذا القول: إن الهمزة: الذي يغتاب بالغيبة، واللمزة الذي يغتاب في الوجه.
وقال قتادة، ومجاهد: الهمزة: الطَّعَّان في أنسابهم، وقال ابن زيد: الهامز: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللامز: الذي يلمزهم بلسانه ويلمز بعينه].
وقال ابن كيسان: الهمزة: الذي يؤدي جلساءه بسوء اللفظ، واللُّمزة: الذي يكسر عينه على جليسه، ويشير بعينه، ورأسه، وبحاجبيه.
وقرأ عبد الله بن مسعود، وأبو وائل، والنخعي، والأعمش: «ويلٌ للهمزة اللمزة».
وأصل الهمز: الكسر، والعض على الشيء بعنف، ومنه همز الحرف، ويقال: همزت رأسه، وهمزت الجوز بكفي: كسرته.
وقيل: أصل الهمزِ، واللمز: الدفع والضرب لمزه يلمزه لمزاً، إذا ضربه، ودفعه، وكذلك همزه: أي: دفعه، وضربه؛ قال الراجز: [الرجز]
٥٣٠٣ - ومَنْ هَمَزْنَا عِزَّهُ تَبَركَعَا | عَلى اسْتِهِ زَوْبعَةً أوْ زَوْبَعَا |
٥٣٠٥ - إنَّا حَطَمْنَا بالقَضيبِ مُصْعبَا | يَوْمَ كَسرْنَا أنفهُ ليَغْضَبَا |
وقال الضحاك: وهي الدرك الرابع.
وقال ابن زيدٍ: اسم من أسماء جهنم.
قوله: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة﴾، على التعظيم لشأنها، والتفخيم لأمرها: ثم فسرها ما هي فقال: ﴿نَارُ الله الموقدة﴾، أي: هي نار الله التي أوقد عليها ألف عام، حتى احمرت، وألف عام حتى اسودّت، وألف عام حتى ابيضّت.
قوله: ﴿التي تَطَّلِعُ﴾ يجوز أن تكون تابعة ل «نارُ اللهِ»، وأن تكون مقطوعة.
قال محمد بن كعب: تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد، خلقوا خلقاً جديداً، فرجعت تأكلهم، وكذلك روى خالد بن أبي عمران عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إنَّ النار تأكل أهلها، حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت، ثُمَّ إذا صدروا تعود، فلذلك قوله تعالى: ﴿نَارُ الله الموقدة التي تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة﴾ » وخص الأفئدة؛ لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، أي: أنه في حال من يموت، وهم لا يموتون، كما قال تعالى: ﴿لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى﴾ [طه: ٧٤] فهم إذاً أحياءٌ، في معنى الأموات.
وقيل: معنى ﴿تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة﴾ أي: تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب، وكذلك بما استبقاه الله - تعالى - من الأمارة الدَّالة عليه، ويقال: اطَّلَع فلان على كذا: أي: علمه، [وقد قال تعالى: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾ [المعارج: ١٧].
قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾. أي: مطبقة عليهم، قاله الحسن والضحاك وقد تقدم في سورة البلد.
وقيل: مغلقة بلغة قريش، يقولون: أصدتُ الباب: إذا أغلقته. قاله مجاهد.
ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات: [الخفيف]
٥٣٠٦ - إنَِّ في القصْرِ لوْ دخلْنَا غَزالاً | مُصْفقاً مُوصداً عليْهِ الحِجَابُ |
وقيل: جمع عماد، نحو: كتاب وكتب.
وروي عن أبي عمرو: الضم، والسكون، وهوتخفيف لهذه القراءة.
والباقون: «عَمَدٍ» بفتحتين، فقيل: بل هو اسم جمع ل «عمود».
وقيل: بل هو جمع له.
قال الفراء: ك «أديم وأدم».
وقال أبو عبيدة: هو جمع عماد.
و «فِي عَمَدٍ» يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «عَليهِم»، أي: موثقين، وأن يكون خبراً لمبتدأ مضمر، أي: هم في عمد، وأن يكون صفة ل «مُؤصَدةٌ»، قاله أبو البقاء. يعني: فتكون النَّار داخل العمد.
وقال القرطبي: «الفاء بمعنى الباء، أي: موصدة بعمد ممدة». قاله ابن مسعود، وهي في قراءته: «بعمد ممددة».
قال الجوهريُّ: العمُود: عمود البيت، وجمع القلّة، أعمدة، وجمع الكثرة: عُمُد وعَمَد، وقرئ بهما في قوله تعالى: ﴿فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ﴾.
فصل في معنى الآية
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إنَّ الله تَبارَكَ وتَعَالَى يَبعَثُ عَليْهِمْ مَلائِكَةً بأطْباقٍ من نَارٍ، ومَسامِيرَ مِنْ نَارٍ، وعُمدٍ منْ نَارٍ، فتطبق عليهم بتِلْكَ الأطْبَاقِ، وتُسَدُّ بتلْكَ المَسَامِيرِ، وتُمَدُّ بتِلْكَ العُمدِ، فلا يَبْقَى فيْهَا خَلَلٌ يَدخلُ مِنهُ رَوْحٌ ولا يَخرجُ مِنهُ غمٌّ، فيكُونُ فِيهَا زَفيرٌ وشَهِيقٌ، فذلكَ قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ﴾ ».
وقال قتادة: عمد يعذبون بها، واختاره الطَّبري.
وقال ابن عبًّاس: إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم.
وقال أبو صالح: قيود في أرجلهم.
وقال القشيري: العمد: أوتاد الأطباق.
وقيل: المعنى، في دهور ممدودة، لا انقطاع لها.
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأ ﴿ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ﴾ أعطيَ مِنَ الأجْرِ عَشْرَ حَسناتٍ، وبعدد من اسْتَهْزأ بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ».
قال محمد بن كعب : تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد، خلقوا خلقاً جديداً، فرجعت تأكلهم، وكذلك روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم :«إنَّ النار تأكل أهلها، حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت، ثُمَّ إذا صدروا تعود، فلذلك قوله تعالى :﴿ نَارُ الله الموقدة التي تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة ﴾١ وخص الأفئدة ؛ لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، أي : إنه في حال من يموت، وهم لا يموتون، كما قال تعالى :﴿ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى ﴾ [ طه : ٧٤ ] فهم إذاً أحياءٌ، في معنى الأموات.
وقيل : معنى ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة ﴾ أي : تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب، وكذلك بما استبقاه الله - تعالى - من الأمارة الدَّالة عليه، ويقال : اطَّلَع فلان على كذا : أي : علمه، [ وقد قال تعالى :﴿ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وتولى ﴾ [ المعارج : ١٧ ].
وقال تعالى :﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ﴾٢ [ الفرقان : ١٢ ].
٢ سقط من: أ..
وقيل : مغلقة بلغة قريش، يقولون : أصدتُ الباب : إذا أغلقته. قاله مجاهد٢.
ومنه قول عبيد الله بن قيس الرقيات :[ الخفيف ]
٥٣٠٦- إنَِّ في القصْرِ لوْ دخلْنَا غَزالاً | مُصْفقاً مُوصداً عليْهِ الحِجَاب٣ |
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٦٧٠)، عن ابن عباس وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر..
٢ أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٢/٦٨٩)، عن ابن زيد، وينظر تفسير القرطبي (٢٠/١٣٧)..
٣ ينظر ديوانه ٨٤، والقرطبي ٢٠/١٢٧..
وقيل : جمع عماد، نحو : كتاب وكتب.
وروي عن أبي عمرو : الضم، والسكون، وهو تخفيف لهذه القراءة.
والباقون :«عَمَدٍ » بفتحتين، فقيل : بل هو اسم جمع ل«عمود ».
وقيل : بل هو جمع له.
قال الفراء : ك«أديم وأدم ».
وقال أبو عبيدة : هو جمع عماد.
و «فِي عَمَدٍ » يجوز أن يكون حالاً من الضمير في «عَليهِم »، أي : موثقين، وأن يكون خبراً لمبتدأ مضمر، أي : هم في عمد، وأن يكون صفة ل «مُؤصَدةٌ »، قاله أبو البقاء٢. يعني : فتكون النَّار داخل العمد.
وقال القرطبي٣ :«الفاء بمعنى الباء، أي : موصدة بعمد ممدة ». قاله ابن مسعود، وهي في قراءته :«بعمد ممددة ».
قال الجوهريُّ٤ : العمُود : عمود البيت، وجمع القلّة : أعمدة، وجمع الكثرة : عُمُد وعَمَد، وقرئ بهما في قوله تعالى :﴿ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ﴾.
وقال أبو عبيدة : العمُود : كل مستطيل من خشب، أو حديد، وهو أصل للبناء مثل العماد. عمدت الشيء فانعمد أي : أقمته بعماد يعتمد عليه، وأعمدته أي جعلت تحته عماداً.
فصل في معنى الآية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إنَّ الله تَبارَكَ وتَعَالَى يَبعَثُ عَليْهِمْ مَلائِكَةً بأطْباقٍ من نَارٍ، ومَسامِيرَ مِنْ نَارٍ، وعُمدٍ منْ نَارٍ، فتطبق عليهم بتِلْكَ الأطْبَاقِ، وتُسَدُّ بتلْكَ المَسَامِيرِ، وتُمَدُّ بتِلْكَ العُمدِ، فلا يَبْقَى فيْهَا خَلَلٌ يَدخلُ مِنهُ رَوْحٌ ولا يَخرجُ مِنهُ غمٌّ، فيكُونُ فِيهَا زَفيرٌ وشَهِيقٌ، فذلكَ قوله تَعَالَى :﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ ﴾ »٥.
وقال قتادة : عمد يعذبون بها٦، واختاره الطَّبري٧.
وقال ابن عبًّاس : إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم٨.
وقال أبو صالح : قيود في أرجلهم.
وقال القشيري : العمد : أوتاد الأطباق.
وقيل : المعنى، في دهور ممدودة، لا انقطاع لها.
٢ ينظر الإملاء ٢/٢٩٤..
٣ الجامع لأحكام القرآن ٢٠/١٢٧..
٤ الصحاح ٢/٥١١..
٥ ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٦٧١)، وعزاه إلى الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن أبي هريرة..
٦ أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٢/٦٩٠)، عن قتادة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٦٧٠)، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر..
٧ ينظر جامع البيان ١٢/٦٩٠..
٨ أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٢/٦٩٢)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (١/١٢٢)، من طريق محمد بن سيرين عن ابن عباس وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٦٧٤)، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه..
سورة الهمزة
سورة (الهُمَزة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القيامة)، وقد افتُتحت بإثبات الوَيْلِ لكلِّ مَن يطعن في المؤمنين ويَلمِزهم، والمقصودُ ابتداءً من هذا الخطابِ مشركو قُرَيش عندما كانوا يَعِيبون المسلمين؛ ليتركوا الإسلامَ، ويعُودُوا إلى الشِّرك.
ترتيبها المصحفي
104نوعها
مكيةألفاظها
33ترتيب نزولها
32العد المدني الأول
9العد المدني الأخير
9العد البصري
9العد الكوفي
9العد الشامي
9* سورةُ (الهُمَزة):
سُمِّيت سورةُ (الهُمَزة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {وَيْلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، و(الهُمَزة): هو الذي يغتاب الناسَ، ويطعن فيهم.
جزاء الطعَّان والعيَّاب للناس (١-٩).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /342).
تحذيرُ المشركين من الطعنِ في المؤمنين ولَمْزِهم طمعًا في أن يُلجِئَهم الملَلُ من أصناف الأذى إلى الانصراف عن الإسلام، والرجوع إلى الشرك.
ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /536).