تفسير سورة العاديات

النهر الماد من البحر المحيط

تفسير سورة سورة العاديات من كتاب النهر الماد من البحر المحيط
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ

﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ﴾ هذه السورة مكية لما ذكر فيما قبلها ما يقتضي تهديداً ووعيداً بيوم القيامة اتبع ذلك بتعنيف لمن لا يستعد لذلك اليوم ومن آثر أمر دنياه على أمر آخرته ﴿ وَٱلْعَادِيَاتِ ﴾ الجاريات بسرعة والضبح تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا غراء.﴿ فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً ﴾ الإِيراء إخراج النار أي تقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار لصك بعض الحجارة ببعض.﴿ فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً ﴾ أي تغير على العدو في الصبح وفي هذا دليل على أن هذه الأوصاف لذات واحدة لعطفها بالفاء التي تقتضي التعقيب والضمير في به عائد في الأول على الصبح أي هيجن في ذلك الوقت غباراً وفي به الثاني على الضبح قيل أو النقع أي وسطن النقع الجمع فتكون الباء للتعدية وقيل الضمير في به يعود على المكان الذي يقتضيه المعنى وإن لم يجر له ذكر لدلالة ﴿ وَٱلْعَادِيَاتِ ﴾ وما بعدها عليه والظاهر أن المقسم به هو جنس العاديات وليست ال فيه للعهد والمقسم عليه.﴿ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾ الذي أكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده والظاهر عود الضمير في:﴿ وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾ أي لشهيد على كنوده ولا يقدر أن يجحده لظهور أمره.﴿ وَإِنَّهُ ﴾ أي وان الإِنسان.﴿ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ ﴾ أي المال.﴿ لَشَدِيدٌ ﴾ أي قوي في حبه وقيل له لبخيل بالمال ضابط.﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ ﴾ توقيف على ما يؤول إليه الإِنسان ومفعول يعلم محذوف وهو العامل في الظرف أي فلا يعلم مآله إذا بعثر ويجوز أن تكون يعلم معلقة والجملة المعلقة قوله: ﴿ إِنَّ رَبَّهُم ﴾ كما تقول علمت ان زيداً لقائم فالجملة في موضع نصب ﴿ وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ ﴾ أي جمع.
سورة العاديات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.

ترتيبها المصحفي
100
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
14
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* سورة (العاديَات):

سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].

1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).

2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).

التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.

وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).