تفسير سورة العاديات

التفسير الواضح

تفسير سورة سورة العاديات من كتاب التفسير الواضح
لمؤلفه محمد محمود حجازي .

سورة العاديات
مكية، وعدد آياتها إحدى عشرة آية، وفيها يقسم الله على أن الإنسان الذي أنعم عليه كفور جحود، وأنه شهيد على ذلك، وأنه محب للمال بخيل، ثم هدده بالعقاب الشديد يوم القيامة.
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ١ الى ١١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩)
وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
المفردات:
وَالْعادِياتِ أى: الخيل التي تعدو وتسرع في الجري. ضَبْحاً الضبح:
نوع من السير، أو نوع من العدو، وقيل: هو اسم للصوت. فَالْمُورِياتِ قَدْحاً أورى فلان: إذا أخرج النار بزند ونحوه. والقدح: ضرب شيء بشيء ليخرج من بينهما شرار النار. فَالْمُغِيراتِ: الإغارة والهجوم. فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً أى:
هيجن، والنقع: الغبار. فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً: توسطن به جمعا. لَكَنُودٌ الكنود في الأصل: الأرض التي لا تنبت، شبه به الإنسان الذي يمنع الحق والخير والواجب عليه، والمراد به الكفور، أو العاصي. لَشَدِيدٌ أى: بخيل ممسك شديد الضن بالمال. بُعْثِرَ أى: بعث وأثير وأخرج. وَحُصِّلَ: أظهر ما في الصدور محصلا مجموعا.
894
المعنى:
أقسم الحق- تبارك وتعالى- بالخيل إذا عدت حالة كونها تضبح ضبحا، فالخيل التي تغير على العدو في الصباح، فالخيل التي تثير التراب وتهيجه فوق الرءوس فتتوسط به جموع الأعداء، وهن متلبسات بالغبار.
أقسم الله بالخيل الشديدة العدو التي تخرج من أفواهها زفيرا عاليا، فالتي تورى النار أثناء الجري، وتغير على العدو في الصبح، وتثير النقع وتتوسط به جمع الأعداء، وتلك أوصاف للخيل التي يجاهد بها أصحابها في سبيل الله، وهذا شرف كبير، ولذلك أقسم الله بها، على أن الخيل من الدواب التي لها مكانتها، وهي كما قال العربي: ظهورها حرز وبطونها كنز. ومهما استحدث من آلات الحرب فلا زال للخيل مكان ملحوظ، على أن هذه الأوصاف تعلمنا كيف نستخدم الخيل، حتى لا نتخذها زينة فقط.
لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً [سورة النحل آية ٨].
أما المقسم عليه فقوله: إن الإنسان لربه لكنود، وإنه على ذلك لشهيد، وإنه لحب الخير لشديد، وقد وصف الله الإنسان بثلاث صفات: الأولى كونه كنودا، أى:
مناعا للخير جحودا يجحد نعمة ربه، ولا يقوم بشكرها، وهذا إنما يكون من الإنسان الكفور أو العاصي، لقد صدق
الحديث: «الكنود الّذى يمنع رفده، ويأكل وحده، ويضرب عبده»
الثانية كونه على أعماله شهيدا فأعماله شاهدة عليه فلا تحتاج لدليل، وهو لا يستطيع إنكار جحده لظهوره، على أنه إن أنكر بلسانه عناده فبينه وبين ضميره يشهد بأنه منكر جاحد لنعم ربه، وسيشهد على نفسه يوم القيامة، فهو إذا على أعماله شهيد، والثالثة: إنه لحب الخير لشديد، نعم، إن الإنسان لأجل حبه المال حبا جما بخيل به شحيح لا ينفق منه إلا بقدر بسيط، وهو حريص عليه، متناه في الحرص، ممسك مبالغ في الإمساك.
يحصل منه هذا؟! أفلا يعلم الإنسان أن ربه به بصير؟ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وأخرجت الناس من الدور، ثم أظهرت دفائن القلوب وأسرار الصدور: إن ربهم بهم يومئذ لخبير، وإنه سيجازى على النقير والقطمير.
895
سورة العاديات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.

ترتيبها المصحفي
100
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
14
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* سورة (العاديَات):

سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].

1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).

2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).

التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.

وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).