تفسير سورة العاديات

مراح لبيد

تفسير سورة سورة العاديات من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المعروف بـمراح لبيد.
لمؤلفه نووي الجاوي . المتوفي سنة 1316 هـ

سورة والعاديات
مكية، إحدى عشرة آية، أربعون كلمة، مائة وثلاثة وستون حرفا
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) أي والخيل الجارية بشدة في الغزو تصوت أنفاسهن من الجري، والضبح صوت يسمع من صدور الخيل عند شدة الجري، وليس بصهيل، ولا حمحمة، بل هو صوت نفس، وقال علي رضي الله عنه وكرم وجهه: أي وإبل الحاج الجارية من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى تمد أعضاءها في سيرها، و «ضبحا» حال بمعنى اسم الفاعل، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) أي فالخيل التي تطأ الخصي صاكات بحوافرها ما يخرج النار كنار حباحب وهو رجل من العرب أبخل الناس الذي في العساكر لا يوقد نارا حتى ينام الناس، ثم يوقدها فإذا انتبه أحد أطفأها لئلا ينتفع بها أحد فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع، أو يقال فالجماعة الذين يركبون الإبل وهم الحجيج الموقدون نيرانهم بالمزدلفة، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) أي فالجماعة الذين يركبون الخيل الذين يهجمون على الأعداء للنهب، أو للقتل في وقت صبح لير، وإما يأتون وما يذرون، أو فالجماعة الذين يندفعون من جمع إلى منى ركبانا بإسراع السير صبيحة يوم النحر فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) أي فهيجن في وقت الصبح، أو بالجري غبارا، أو فهيجن في المغار صباحا، فتوسطن في ذلك الوقت أو بالغبار جمعا من جموع الأعداء.
وقرأ أبو حيوة «فأثرن» بالتشديد أي أظهرن بجريهن غبارا وقرئ «فوسطن» بالتشديد أي جعلن جمع الأعداء في ذلك الوقت، أو في ذلك المكان، أو بجريهن، أو بالغبار في الوسط، أو قطعن جمع الأعداء نصفين. روي أنه صلّى الله عليه وسلّم بعث خيلا فمضى شهر لم يأته منهم خبر، فنزلت هذه الآيات، وعن محمد بن كعب قال: النقع ما بين مزدلفة ومنى الجمع مزدلفة، فالمعنى: فتحركن وقت الصبح أو بالجري في وادي محسر فصرن بجريهن وسط مزدلفة، أو يكون المعنى: فأظهرن في ذلك الوقت أو في جريهن صباحا بالتلبية فجعلن مزدلفة بجريهن في الوسط ويتأكد حمل الآيات على الإبل، أو مع خيول الحجاج بما
روى أبي في فضل هذه السورة مرفوعا: «من قرأها أعطي من الأجر بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا»
إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) أي إن طبع
سورة العاديات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.

ترتيبها المصحفي
100
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
14
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* سورة (العاديَات):

سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].

1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).

2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).

التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.

وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).