تفسير سورة العاديات

القطان

تفسير سورة سورة العاديات من كتاب تيسير التفسير المعروف بـالقطان.
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ

العاديات: الخيل التي تجري والفعلُ عدا يعدو عَدْواً جرى... ضَبحا: الضبح صوت انفاس الخيل. فالمورياتِ قَدحا: أورى النارَ اوقَدها، فالموريات هي الخيلُ حين تُسرع فتضرب الحجارةَ بحوافرها فتقدَحُ النارُ منها. وَقدح النارَ من الزند: أخرجها. المُغيرات: واحدها مغيرة، والفعل أغار على العدو إذا هجم عليه بغتة. فأثرنَ به نقعا: فهيّجن الغبارَ، والنقع: الغبار. فوسَطْن به جمعا: توسّطت الخيل في جَمع العدو.. اخترقْته. لَكنود: كفور، كَنَدَ النعمةَ كفرها. بُعثر ما في القبور: فُتحت القبور وقلبت حتى يخرج من فيها، يقال بعثرتُ المتاعَ: إذا جعلتُ أسفلَه أعلاه.
﴿والعاديات ضَبْحاً فالموريات قَدْحاً فالمغيرات صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً﴾.
أقسَم الله تعالى بالخَيْل المسرِعة التي يُسمع لأنفاسها صوتٌ شديد، والتي توري النارَ من الحجارة بحوافرِها، وتُغِيرُ صباحاً على العدوّ لِتَبْغَتَه وتفاجئَه. وهذه عادةٌ معروفة في الغارات. وعندما تُغير الخيل مسرعةً تُثير الغبارَ الكثيف حتى لا تكادُ ُرى. وبعد ذلك تتوسَّط جموعَ الأعداء فتثيرُ فيهم الفَزَعَ والرعب.
لقد أقسم الله تعالى بالخيل التي عدَّد صفاتِها آنفاً أن الإنسانَ لِنَعَمِ ربِّه لَجَحود.
﴿وَإِنَّهُ على ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ﴾
إنه لَشاهد على جحوده وكُفره للنِعم التي لا تُحصى، كما أنه شديدُ الحُبّ للمال حريصٌ على جمعه من اي طريق. وبعد أن عدّد هذه الخصالَ بيّن لذلك الإنسان الغافل عن واقعِه أنه سيترك كل ما جَمَعَه، وسيقفُ يومَ القيامة للحساب، حيث تُبْرَزُ جميعُ حسناته وسيئاته ولا يستطيع ان يُنكرَ منها شيئا.
﴿أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي القبور وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ﴾
أجَهِلَ كلَّ هذا فلا يعلَم إذا نُشر كلُّ من في القبور، وجُمعت أعمالُهم - بأن الله يعلم ما يُسِرّون وما يُعلنون، لا تخفى عليه منهم خافية؟ إن المرجعَ الى الله.. وهو خبيرٌ بالأعمالِ والأسرار.
سورة العاديات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.

ترتيبها المصحفي
100
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
14
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* سورة (العاديَات):

سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].

1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).

2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).

التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.

وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).