مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء.
ومدنية في قول ابن عباس وأنس بن مالك وقتادة.
بسم الله الرحمان الرحيم
ﰡ
(وطعنةٍ ذاتِ رشاشٍ واهيهْ | طعنْتُها عند صدور العاديْه) |
(فلا والعاديات غَداة جَمْعٍ | بأيديها إذا صدع الغبار) |
(عدمت بُنَيّتي إن لم تَروْها | تثير النقْعَ من كنفي كَداءِ) |
(أَحْدِثْ لها تحدث لوصْلك إنها | كُنُدٌ لوصْلِ الزائرِ المُعْتادِ) |
(دع البخلاءَ إن شمخوا وصَدُّوا | وذكْرى بُخْلِ غانيةٍ كَنوُدِ) |
مكية في قولهم جميعاً بسم الله الرحمن الرحيم
أحدها : أنها الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت من شدة الوقع، قاله عطاء.
الثاني : أنها نيران الحجيج بمزدلفة، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أنها نيران المجاهدين إذا اشتعلت فكثرت نيرانها١ إرهاباً، قاله ابن عباس.
الرابع : أنها تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم، قاله قتادة.
الخامس : أنه مكر الرجال٢، قاله مجاهد ؛ يعني في الحروب.
السادس : أنها الألسنة إذا ظهرت بها الحجج، وأقيمت بها الدلائل، وأوضح بها الحق، وفضح بها الباطل، قاله عكرمة.
وهو قَسَمٌ ثانٍ.
٢ والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه. والله لأمكرن بك ثم لأورين لك..
أحدهما : أنها الخيل تغير على العدو صبحاً، أي علانية، تشبيهاً بظهور الصبح، قاله ابن عباس.
الثاني : أنها الإبل حين تعدو صبحاً من مزدلفة إلى منى، قاله عليّ رضي الله عنه.
أحدها : فأثرن به غباراً، والنقع الغبار، قاله قتادة، وقال عبد الله بن رواحة :
عدمت بُنَيّتي إن لم تَروْها | تثير النقْعَ من كنفي كَداءِ١ |
الثالث : أنه بطن الوادي، فلعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.
عدمنا خلينا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء
انظر ديوان حسان، وسيرة ابن هشام أشعار فتح مكة..
أحدهما : جمع العدو حتى يلتقي الزحف، قاله ابن عباس والحسن.
الثاني : أنها مزدلفة، تسمى جمعاً لاجتماع الحاج بها، وإثارة النقع في الدفع إلى منى، قاله مكحول.
أحدها : لكفور، قاله قتادة، والضحاك، وابن جبير، ومنه قول الأعشى :
أَحْدِثْ لها تحدث لوصْلك، إنها | كُنُدٌ لوصْلِ الزائرِ المُعْتادِ |
الثاني : أنه اللوام لربه، يذكر المصائب، وينسى النعم، قاله الحسن، وهو قريب من المعنى الأول.
الثالث : أن الكنود الجاحد للحق، وقيل : إنما سميت كندة لأنها جحدت أباها، وقال إبراهيم بن زهير الشاعر :
دع البخلاءَ إن شمخوا وصَدُّوا | وذكْرى بُخْلِ غانيةٍ كَنوُدِ١ |
الخامس : أنه البخيل بلسان مالك بن كنانة، وقال الكلبي : الكنود بلسان كندة وحضرموت : العاصي، وبلسان مضر وربيعة : الكفور، وبلسان مالك بن كنانة : البخيل.
السادس : أنه ينفق نعم الله في معاصي الله.
السابع : ما رواه القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الكنود الذي يضرب عبده، ويأكل وحده، ويمنع رفده "، وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة.
وعلى هذا وقع القسم بجميع ما تقدم من السورة.
أحدهما : أن الله تعالى على كفر الإنسان لشهيد، قاله ابن جريج.
الثاني : أن الإنسان شاهد على نفسه ؛ لأنه كنود، قاله ابن عباس.
أحدهما : المال، قاله ابن عباس، ومجاهد وقتادة.
الثاني : الدنيا، قاله ابن زيد.
ويحتمل ثالثاً : أن الخير ها هنا الاختيار، ويكون معناه : وإنه لحب اختياره لنفسه لشديد.
وفي قوله ﴿ لشديد ﴾ وجهان :
أحدهما : لشديد الحب للخير، وشدة الحب قوته وتزايده.
الثاني : لشحيح بالمال يمنع حق الله منه، قاله الحسن، من قولهم : فلان شديد، أي شحيح.
أحدها : من فيها من الأموات.
الثاني : معناه مات.
الثالث : بحث، قاله الضحاك، وهي في قراءة ابن مسعود :" بُحْثِرَ ما في القبور ".
أحدها : ميز ما فيها، قاله الكلبي.
الثاني : استخرج ما فيها.
الثالث : كشف ما فيها.
أحدهما : لخبير بما في نفوسهم.
الثاني : لخبير، بما تؤول إليه أمورهم.
سورة العاديات
سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.
ترتيبها المصحفي
100نوعها
مكيةألفاظها
40ترتيب نزولها
14العد المدني الأول
11العد المدني الأخير
11العد البصري
11العد الكوفي
11العد الشامي
11* سورة (العاديَات):
سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].
1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).
2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).
التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.
يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.
وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).