تفسير سورة العاديات

تفسير البيضاوي

تفسير سورة سورة العاديات من كتاب أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بـتفسير البيضاوي.
لمؤلفه البيضاوي . المتوفي سنة 685 هـ
سورة العاديات مختلف فيها، وآيها إحدى عشرة آية.

(١٠٠) سورة والعاديات
مختلف فيها، وآيها إحدى عشرة آية
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥)
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً أقسم سبحانه بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحاً، وهو صوت أنفاسها عند العدو ونصبه بفعله المحذوف، أو ب الْعادِياتِ فإنها تدل بالالتزام على الضابحات، أو ضبحاً حال بمعنى ضابحة.
فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فالتي توري النار، والإِيراء إخراج النار يقال قدح الزند فأورى.
فَالْمُغِيراتِ يغير أهلها على العدو. صُبْحاً أي في وقته.
فَأَثَرْنَ فهيجن. بِهِ بذلك الوقت. نَقْعاً غباراً أو صياحاً.
فَوَسَطْنَ بِهِ فتوسطن بذلك الوقت أو بالعدو، أو بالنقع أي ملتبسات به. جَمْعاً من جموع الأعداء،
روي: أنه عليه الصلاة والسلام بعث خيلاً فمضت أشهر لم يأته منهم خبر فنزلت.
ويحتمل أن يكون القسم بالنفوس العادية أثر كمالهنّ الموريات بأفكارهن أنوار المعارف، والمغيرات على الهوى والعادات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس، فَأَثَرْنَ بِهِ شوقاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً من جموع العليين.
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ٦ الى ٨]
إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)
إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ لكفور من كَنَدِ النعمة كنوداً، أو لعاص بلغة كندة، أو لبخيل بلغة بني مالك وهو جواب القسم.
وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ وإن الإِنسان على كنوده لَشَهِيدٌ يشهد على نفسه لظهور أثره عليه، أو أن الله سبحانه وتعالى على كنوده لشهيد فيكون وعيداً.
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ المال من قوله سبحانه وتعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً أي مالاً. لَشَدِيدٌ لبخيل أو لقوي مبالغ فيه.
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ٩ الى ١١]
أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ بعث. مَا فِي الْقُبُورِ من الموتى وقرئ «بحثر» و «بحث».
وَحُصِّلَ جمع محصلاً في الصحف أو ميز. مَا فِي الصُّدُورِ من خير أو شر، وتخصيصه لأنه الأصل.
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ وهو يوم القيامة. لَخَبِيرٌ عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم عليه، وإنما قال
331
مَا ثم قال بِهِمْ لاختلاف شأنهم في الحالين، وقرئ «أن» و «خبير» بلا لام.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم «من قرأ سورة والعاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا».
332
سورة العاديات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (العاديَات) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (العصر)، وقد افتُتحت بقَسَم الله عز وجل بـ(العاديَات)؛ وهي: خيلُ الغُزَاة، أو رواحلُ الحَجيج، وذكَّرتْ بالآخرة، وذمَّتْ خِصالًا تؤدي بصاحبها إلى الخسران والنِّيران؛ منها الجحود، والطَّمَعُ في هذه الدنيا ومَلذَّاتها وشهواتها.

ترتيبها المصحفي
100
نوعها
مكية
ألفاظها
40
ترتيب نزولها
14
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* سورة (العاديَات):

سُمِّيت سورة (العاديَات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عزَّ وجلَّ بـ(العاديَات)؛ قال تعالى: {وَاْلْعَٰدِيَٰتِ ضَبْحٗا} [العاديات: 1].

1. القَسَم على جحود الإنسان (١-٨).

2. مشهد البعث والحشر (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /299).

التذكيرُ بالآخرة، وذمُّ الخصالِ التي تؤدي إلى الخسران والنِّيران.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله عن مقاصدها: «ذمُّ خصالٍ تفضي بأصحابها إلى الخسران في الآخرة، وهي خصالٌ غالية على المشركين والمنافقين، ويراد تحذيرُ المسلمين منها، ووعظُ الناس بأن وراءهم حسابًا على أعمالهم بعد الموت؛ ليتذكرَه المؤمن، ويُهدَّد به الجاحد.

وأُكِّد ذلك كلُّه بأن افتُتح بالقَسَم، وأدمج في القَسَم التنويه بخيلِ الغزاة، أو رواحلِ الحجيج». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /498).