بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الفجر وهي مكيةﰡ
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الشفع هُوَ يَوْم نحر، وَالْوتر يَوْم عَرَفَة، وروى بَعضهم هَذَا مَرْفُوعا
وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا.
وَهُوَ قَول مَعْرُوف.
وَعَن ابْن الزبير: أَن الشفع هُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ﴾ فاليومان الْأَوَّلَانِ من أَيَّام الرَّمْي شفع، وَالْيَوْم الثَّالِث وتر.
وروى هشيم، عَن مُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم أَن الشفع هُوَ الزَّوْج، وَالْوتر هُوَ الْفَرد.
قَالَ مُجَاهِد: هُوَ الْعدَد كُله، مِنْهُ الشفع، وَمِنْه الْوتر، وَهُوَ قريب من قَول إِبْرَاهِيم.
وَعَن عَطاء قَالَ: الشفع هُوَ عشر ذِي الْحجَّة، وَالْوتر أَيَّام التَّشْرِيق.
وَعَن جمَاعَة أَنهم قَالُوا: الشفع هُوَ الْخلق، وَالْوتر هُوَ الله تَعَالَى.
وَيُقَال: الشفع هُوَ آدم وحواء، وَالْوتر هُوَ الله.
وَقُرِئَ " وَالْوتر " بِالْفَتْح، وَقَالَ أهل اللُّغَة: بِالْفَتْح وَالْكَسْر بِمَعْنى وَاحِد.
وَقد أول بليلة جمع، وَهِي لَيْلَة يَوْم النَّحْر.
وَقَالَ الْفراء: " لذِي حجر " أَي: لمن كَانَ ضابطا لنَفسِهِ قاهرا لهواه.
وَيُقَال: " لذِي حجر " أَي لذِي حكم، والحَجْر فِي اللُّغَة: هُوَ الْمَنْع، والحِجْر مَأْخُوذ مِنْهُ، وسمى
وَعَن مَالك بن أنس: أَن إرم كورة دمشق.
وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: أَنه الْإسْكَنْدَريَّة.
وَقَوله: ﴿ذَات الْعِمَاد﴾ أَي: ذَات الْبناء الرفيع، هَذَا إِذا قُلْنَا: إِن إرم اسْم بَلْدَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله ﴿ذَات الْعِمَاد﴾ أَي: ذَات الْأَجْسَام الطوَال.
يُقَال: رجل معمد إِذا كَانَ طَويلا، فعلى هَذَا عَاد اسْم الْقَبِيلَة، فَقَوله: ﴿ذَات الْعِمَاد﴾ منصرف إِلَى الْقَبِيلَة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن طول الطَّوِيل مِنْهُم كَانَ خَمْسمِائَة ذِرَاع، والقصير ثلثمِائة.
وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يتَّخذ المصراع من الْحجر، فَلَا يَنْقُلهُ خَمْسمِائَة نفر مِنْكُم، وَقَالَ مُجَاهِد: ذَات عماد أَي: ذَات عَمُود، وَالْمعْنَى: أَنهم أهل خيام لَا يُقِيمُونَ فِي مَوضِع وَاحِد، بل ينتجعون لطلب الْكلأ أَي: ينتقلون من مَوضِع إِلَى مَوضِع، وَقَالَ الضَّحَّاك: ذَات الْعِمَاد أَي: ذَات الْقُوَّة، مَأْخُوذ من قُوَّة الأعمدة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن عاج بن عوج كَانَ مِنْهُم.
وَذكر النقاش: أَن طول مُوسَى كَانَ سَبْعَة أَذْرع، وَعَصَاهُ سَبْعَة أَذْرع، ووثب سَبْعَة أَذْرع، فَأصَاب كَعْب عاج بن عوج فَقتله.
وَفِيمَا نقل فِيهِ أَيْضا فِي الْقَصَص: أَن ضلعا من أضلاعه جسر أهل مصر كَذَا كَذَا سنة أَي: كَانَ جِسْرًا لَهُم وَهُوَ على النّيل، وَفِي التَّفْسِير أَن عادا اثْنَان: عادا الأولى، وعادا الْأُخْرَى، فَعَاد الأولى عَاد إرم، وَعَاد الثَّانِيَة هُوَ عَاد الْمَعْرُوفَة، وَهُوَ الَّذِي أرسل إِلَيْهِم هود النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.
قَالَ ابْن قيس الرقيات:
(مجدا تليدا بناه أَوله | أدْرك عادا وَقَبله إرما) |
(فلست أُبَالِي حِين أقتل مُسلما | على أَي جنب كَانَ فِي الله مصرعي) |
(يُبَارك فِي شلو الْأَدِيم الممزع))
وَعَن عَامر بن قيس: أَنه وَفد على عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - فَجَلَسَ على بَابه، فَخرج عَلَيْهِ عُثْمَان فَرَأى أَعْرَابِيًا فِي بت، فَلم يعرفهُ، فَقَالَ: أَيْن رَبك يَا أَعْرَابِي؟ قَالَ: بالمرصاد.
فأفحم عُثْمَان، وَهَذَا على قَوْله: ﴿إِن رَبك لبالمرصاد﴾ وَالله أعلم.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
{لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد (١) وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد (٢)تَفْسِير سُورَة الْبَلَد
وَهِي مَكِّيَّة
سورة الفجر
سورة (الفجر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الليل)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)، وجاءت على ذكرِ ما عذَّب اللهُ به عادًا وثمودَ وقوم فرعون؛ ليعتبِرَ بذلك مشركو قريش، وفي ذلك تثبيتٌ للنبي صلى الله عليه وسلم على طريق الدعوة، وخُتمت السورة الكريمة بتقسيم الناس إلى أهل الشقاء وأهل السعادة.
ترتيبها المصحفي
89نوعها
مكيةألفاظها
139ترتيب نزولها
10العد المدني الأول
32العد المدني الأخير
32العد البصري
29العد الكوفي
30العد الشامي
30* سورة (الفجر):
سُمِّيت سورة (الفجر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)؛ قال تعالى: {وَاْلْفَجْرِ} [الفجر: 1].
1. في التاريخ عِبْرة وعِظة (١-١٤).
2. أهل الشقاء وأهل السعادة (١٥- ٣٠).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /127).
مقصدُ السورة هو إنذارُ قُرَيش بعذاب الآخرة عن طريقِ ضربِ المثَلِ في إعراضهم عن قَبول رسالة ربهم بمثَلِ عادٍ وثمودَ وقومِ فرعون، وما أوقَعَ اللهُ بهم من عذاب، وفي ذلك تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الدعوة.
ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /312).