تفسير سورة الفجر

الوجيز للواحدي

تفسير سورة سورة الفجر من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي.
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي ثلاثون وآيتان

﴿والفجر﴾ يعني: فجر كلِّ يومٍ
﴿وليالٍ عشر﴾ عشر ذي الحجَّة
﴿والشفع﴾ يعني: يوم النَّحر لأنَّه يوم العاشر ﴿والوتر﴾ يوم عرفة لأنَّه يوم التَّاسع
﴿والليل إذا يسر﴾ يعني: ليل المزدلفة إذا مضى وذهب وقيل: إذا جاء وأقبل
﴿هل في ذلك﴾ الذي ذكرت ﴿قَسَمٌ لذي حجر﴾ أَيْ: مقنعٌ ومكتفى في القسم لذي عقلٍ ثمَّ ذكر الأمم التي كذَّبت الرُّسل كيف أهلكهم فقال:
﴿ألم تر كيف فعل ربك بعاد﴾
﴿إرم﴾ يعني: عاداً الأولى وهو عاد بن عوص بن إرم وإرم: اسم القبيلة ﴿ذات العماد﴾ أَيْ: ذات الطُّول وقيل: ذات البناء الرفيع وقيل: ذات العمد السيَّارة وذلك أنَّهم كانوا أهل عمدٍ سيَّارة ينتجعون الغيث
﴿التي لم يخلق مثلها في البلاد﴾ في بطشهم وقوَّتهم وطول قامتهم
﴿وثمود الذين جابوا﴾ قطعوا ﴿الصخر﴾ فاتَّخذوا منها البيوت ﴿بالواد﴾ يعني: وادي القرى وكانت مساكنهم هناك
﴿وفرعون ذي الأوتاد﴾ ذي الجنود والجموع الكثيرة وكانت لهم مضارب كثيرةٌ يوتدونها في أسفارهم وقوله:
﴿الذين طغوا في البلاد﴾
﴿فأكثروا فيها الفساد﴾
﴿فصبَّ عليهم ربك سوط عذاب﴾ أَيْ: جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب
﴿إنَّ ربك﴾ جواب القسم الذي في أوَّل السُّورة ﴿لبالمرصاد﴾ بحيث يرى ويسمع ويرصد أعمال بني آدم
﴿فأمَّا الإنسان﴾ يعني: الكافر ﴿إذا ما ابتلاه ربُّه﴾ امتحنه بالنِّعمة والسَّعة ﴿فأكرمه﴾ بالمال ﴿ونعَّمة﴾ بما وسَّع عليه ﴿فيقول ربي أكرمنِ﴾ لا يرى الكرامة من الله إلاَّ بكثرة الحظِّ من الدُّنيا
﴿وإمَّا إذا ما ابتلاه فقدر﴾ فضيَّق ﴿عليه رزقه فيقول: ربي أهانن﴾ يرى الهوان في قلَّة حظِّه من الدنيا وهذا صفة الكافر فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يُكرمه الله بطاعته والهوان أن يُهينه بمعصيته ثم رَدَّ هذا على الكافر فقال:
﴿كلا﴾ أي: ليس الأمر كما يظنُّ هذا الكافر ﴿بل لا تكرمون اليتيم﴾ إخبارٌ عمَّا كانوا يفعلونه من ترك اليتيم وحرمانه ما يستحقُّ من الميراث
﴿ولا تَحَاضُّون على طعام المسكين﴾ لا تأمرون به ولاتعينون عليه
﴿وتأكلون التراث﴾ يعني: ميراث اليتامى ﴿أكلاً لمّاً﴾ شديداً تجمعون المال كلَّه في الأكل فلا تُعطون اليتيم نصبه
﴿وتحبون المال حباً جماً﴾ كثيراً
﴿كلا﴾ ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ﴿إذا دكت الأرض دكاً دكاً﴾ إذا زُلزلت الأرض فكَسر بعضها بعضاً
﴿وجاء ربك﴾ أَيْ: أمر ربِّك وقضاؤه ﴿والملك﴾ أَيْ: الملائكةُ ﴿صفاً صفاً﴾ صفوفاً
﴿وجيء يومئذٍ بجهنم﴾ تُقاد بسبعين أَلْفِ زمامٍ كلُّ زمامٍ بأيدي سبعين ألف مَلَكٍ ﴿يومئذٍ يتذكَّر الإنسان﴾ يُظهر الكافر التَّوبة ﴿وأنى له الذكرى﴾ ومن أين له التَّوبة؟
﴿يقول يا ليتني قدمت لحياتي﴾ أَيْ: للدَّار الآخرة التي لا موت فيها
﴿فيومئذٍ لا يعذِّب عذابه أحد﴾ لا يتولَّى عذاب الله تعالى يومئذٍ أحدٌ والأمر يومئذ أمره ولا أمر غيره
﴿ولا يوثق وثاقه﴾ يعني: بالوثاق الإِسار والسًَّلاسل والأغلال والمعنى: لا يبلغ أحدٌ من الخلق كبلاغ الله سبحانه في التَّعذيب والإِيثاق
﴿يا أيتها النفس المطمئنة﴾ إلى ما وعد الله سبحانه المصدِّقة بذاك
﴿ارجعي إلى ربك﴾ يقال لها ذلك عند الموت ﴿راضية﴾ بما آتاها الله ﴿مرضية﴾ رضي الله عنها ربُّها هذا عند خروجها من الدُّنيا فإذا كان يوم القيامة قيل:
﴿فادخلي في عبادي﴾ أَيْ: في جملة عبادي الصَّالحين
﴿وادخلي جنتي﴾
سورة الفجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفجر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الليل)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)، وجاءت على ذكرِ ما عذَّب اللهُ به عادًا وثمودَ وقوم فرعون؛ ليعتبِرَ بذلك مشركو قريش، وفي ذلك تثبيتٌ للنبي صلى الله عليه وسلم على طريق الدعوة، وخُتمت السورة الكريمة بتقسيم الناس إلى أهل الشقاء وأهل السعادة.

ترتيبها المصحفي
89
نوعها
مكية
ألفاظها
139
ترتيب نزولها
10
العد المدني الأول
32
العد المدني الأخير
32
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* سورة (الفجر):

سُمِّيت سورة (الفجر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)؛ قال تعالى: {وَاْلْفَجْرِ} [الفجر: 1].

1. في التاريخ عِبْرة وعِظة (١-١٤).

2. أهل الشقاء وأهل السعادة (١٥- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /127).

مقصدُ السورة هو إنذارُ قُرَيش بعذاب الآخرة عن طريقِ ضربِ المثَلِ في إعراضهم عن قَبول رسالة ربهم بمثَلِ عادٍ وثمودَ وقومِ فرعون، وما أوقَعَ اللهُ بهم من عذاب، وفي ذلك تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الدعوة.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /312).