تفسير سورة الفجر

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الفجر من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَالْفَجْرِ﴾ أي: فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ، وهو الوقتُ الَّذِي يَنْشَقُّ فيه الضوءُ وَيَنْفَجِرُ النُّورُ.
﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ أي: لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ، وقيل: فإنها ليالٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أيامٍ فَاضِلَةٍ، وَيَقَعُ فيها من العباداتِ والقُرُبَاتِ مَا لَا يَقَعُ في غَيْرِهَا.
﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ أي الزَّوْجِ والفَرْدِ.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ أي: وَقْتَ سَرَيَانِهِ، وَإِرْخَاؤُهُ: ظَلَامُهُ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا.
﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ﴾ هل في الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ تعالى به قَسَمٌ كَافٍ مُقْنِعٌ لصاحبِ العَقْلِ الرَّاجِحِ؟!
﴿بِعَادٍ﴾ هي عَادٌ الأُولَى، وكان مَسْكَنُهُمْ في الأَحْقَافِ وهي كثبانُ الرملِ في جنوبِ الجزيرةِ بَيْنَ حَضْرَمَوْتَ وَالْيَمَنِ.
﴿إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ أي: عَاد إِرَمَ، وَإِرَمُ هُوَ جَدُّ عَادٍ، وقيل: إِرَمُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ، وقيل: اسَمٌ لِلْقَرْيَةِ، وقيل غيرُ ذلك، وَذَاتُ العِمَادِ: ذاتُ الأعمدةِ والأبنيةِ القويةِ، وقد نَكَّلَ اللهُ تعالى بهم نَكَالًا عَظِيمًا مع أنهم أقوياءُ.
﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ أي: لَمْ يُصْنَعْ مِثْلُهَا في البلادِ؛ لأنها قويةٌ مُحْكَمَةٌ، وهذا هُوَ الَّذِي غَرَّهُمْ، حتى قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟
﴿جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ أي: قَطَعُوا الصخرَ وَجَعَلُوا من الصخورِ بُيُوتًا بِوَادِي القُرَى.
﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾ أي: مَلِكُ مِصْرَ الَّذِي كان في عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السلامُ، «ذِي الأَوْتَادِ» ذِي المَبَانِي العظيمةِ الثابتةِ والجموعِ والجنودِ الكبيرةِ التي تَشُدُّ مُلْكَهُ.
﴿طَغَوْا فِي الْبِلَادِ﴾ أي: تَجَبَّرُوا فيها وَظَلَمُوا العبادَ وأكثروا فيها الفسادَ، وَتَجَاوَزُوا الحدَّ في الكُفْرِ وَالظّلْمِ والعُدْوَانِ.
﴿سَوْطَ عَذَابٍ﴾ نَوْعُ عَذَابٍ، وَأَصْلُ السَّوْطِ: خَلْطُ الشيءِ بَعْضِهِ ببعضٍ، وسُمِّيَ ما يُضْرَبُ به سَوْطًا؛ لأنه يُصِيبُ الجِلْدَ وَيُخَالِطُهُ.
﴿لَبِالْمِرْصَادِ﴾ يَرْصُدُ أَعْمَالَ العبادِ لِيَجْزِيَهُمْ عليها، فلا يفوتُه شيءٌ منها، والمرصادٌ: الطريقُ الَّذِي يُرْصَدُ فيه العدوُّ.
﴿لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ لا تُعْطُونَهُ حَقَّهُ ولا تُحْسِنُونَ إليه مع غِنَاكُمْ.
﴿وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ أي: لا يَحُضُّ بعضُكم بعضًا عَلَى إطعامِ المحتاجين من الفقراءِ والمساكينَ؛ لِأَجْلِ الشّحِّ في الدنيا، ومَحَبَّتِهَا الشديدةِ المتمكنةِ في القلوب.
﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ﴾ الميراثَ أو ميراثَ الْيَتَامَى.
﴿أَكْلًا لّمًّا﴾ شَدِيدًا، واللَّمُّ: الجَمْعُ.
﴿حُبًّا جَمًّا﴾ حُبًّا شَدِيدًا كَثِيرًا.
﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾ أي: حُرِّكَتْ حَرَكَةً شديدةً وزُلزِلَتْ زلزالًا قويًّا فلم يَبْقَ عليها شَاخِصٌ الْبَتَّةَ.
﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾ مَجِيئًا يَلِيقُ بجلاله وكماله لفصلِ القضاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ.
﴿وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ أي: والملائكةُ صَفًّا بعد صَفٍّ.
﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ أي: تُجرُّ بسبعينَ ألفَ زِمَامٍ بأيدي سَبْعِينَ ألفَ مَلَكٍ.
﴿يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ﴾ أي الكافرُ ما قالت له الرسلُ مِنْ وَعْدِ اللهِ ووعيدِه يومَ لِقَائِهِ.
23
﴿وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ مِنْ أَيْنَ لهذه الذكرى أن تَنْفَعَهُ، أو أن تَرْجِعَ إليه بفائدة وقد جَاءَتْ في غيرِ وَقْتِهَا.
23
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ﴾ قدمتُ الإيمانَ والعملَ الصالحَ.
﴿لِحَيَاتِي﴾ أي الحياةُ الحقيقيةُ التي تَسْتَحِقُّ اسمَ الحياةِ، والتي تَسْتَحِقُّ الاستعدادَ لها والادخارَ.
﴿لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾ أي: لا يُعَذِّبُ مثلَ عذابِ اللهِ أَحَدٌ، أي: في قُوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ.
﴿وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ أي: وَلَا يُوثِقُ أَحَدٌ مِثْلَ وَثَاقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
﴿النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ﴾ أي: المؤمنةُ الآمنةُ اليومَ من العذابِ لما لَاحَ لها من بشائرِ النجاةِ.
﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ﴾ إلى جِوَارِهِ في دارِ كَرَامَتِهِ، أي: الجنةِ.
﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ أي: في جُمْلَةِ عِبَادِي المؤمنين المُتَّقِينَ.
29
سُورة الْبَلَدِ
سورة الفجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفجر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الليل)، وقد افتُتحت بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)، وجاءت على ذكرِ ما عذَّب اللهُ به عادًا وثمودَ وقوم فرعون؛ ليعتبِرَ بذلك مشركو قريش، وفي ذلك تثبيتٌ للنبي صلى الله عليه وسلم على طريق الدعوة، وخُتمت السورة الكريمة بتقسيم الناس إلى أهل الشقاء وأهل السعادة.

ترتيبها المصحفي
89
نوعها
مكية
ألفاظها
139
ترتيب نزولها
10
العد المدني الأول
32
العد المدني الأخير
32
العد البصري
29
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* سورة (الفجر):

سُمِّيت سورة (الفجر) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله عز وجل بـ(الفجر)؛ قال تعالى: {وَاْلْفَجْرِ} [الفجر: 1].

1. في التاريخ عِبْرة وعِظة (١-١٤).

2. أهل الشقاء وأهل السعادة (١٥- ٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /127).

مقصدُ السورة هو إنذارُ قُرَيش بعذاب الآخرة عن طريقِ ضربِ المثَلِ في إعراضهم عن قَبول رسالة ربهم بمثَلِ عادٍ وثمودَ وقومِ فرعون، وما أوقَعَ اللهُ بهم من عذاب، وفي ذلك تثبيتُ النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الدعوة.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /312).