بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الطوروهي مكية. وقد ثبت برواية جبير بن مطعم أنه قال :" سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في المغرب سورة الطور " ١.
ﰡ
وَيُقَال: إِن المُرَاد مِنْهُ الصُّحُف الَّتِي تقْرَأ مِنْهَا الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء الْقُرْآن على مَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فِي صحف مكرمَة مَرْفُوعَة مطهرة بأيدي سفرة﴾ وَيُقَال: إِنَّه اللَّوْح الْمَحْفُوظ قد كتب فِيهِ مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿منشور﴾ أَي: مَبْسُوط، وَهَذَا يُؤَيّد القَوْل الَّذِي قُلْنَا إِن الْكتاب هُوَ صَحَائِف الْأَعْمَال فِي الْآخِرَة، لِأَن الله تَعَالَى قد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَإِذا الصُّحُف نشرت﴾ وَالْمرَاد مِنْهُ صَحَائِف الْأَعْمَال فِي الْآخِرَة.
وَاخْتلفُوا فِي مَوْضِعه، فروى أنس بن مَالك بن صعصعة عَن النَّبِي فِي قصَّة الْمِعْرَاج أَنه قَالَ: " رفع لي الْبَيْت الْمَعْمُور فِي السَّمَاء السَّابِعَة ".
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه فِي السَّمَاء السَّادِسَة. وَعَن الرّبيع بن أنس وَغَيره أَنه فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بحيال الْكَعْبَة لَو سقط سقط عَلَيْهِ.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْبَيْت الْمَعْمُور [أنزلهُ] الله تَعَالَى من السَّمَاء لآدَم، وَوَضعه مَكَان الْكَعْبَة فَلَمَّا كَانَ زمَان نوح رَفعه الله تَعَالَى إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَهُوَ مَوضِع حج الْمَلَائِكَة وحرمته كَحُرْمَةِ الْكَعْبَة فِي الأَرْض.
قَالَ عَليّ وَغَيره: اسْمه الضراح يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا وَقد أسْند هَذَا اللَّفْظ إِلَى الرَّسُول.
وَعَن بَعضهم أَنه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة. وَفِي بعض المسانيد " أَن الله تَعَالَى خلق نَهرا
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ المفجور على مَا قَالَ الله تَعَالَى فِي مَوضِع آخر: ﴿وَإِذا الْبحار فجرت﴾ وتفجيرها هُوَ بسطها وإرسالها على الأَرْض. وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الْمُرْسل، وَذَلِكَ لِمَعْنى مَا بَينا.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الموقد نَارا، من قَوْلهم: سجرت التَّنور. وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لكعب الْأَحْبَار: أَيْن جَهَنَّم؟ قَالَ: هُوَ الْبَحْر، فَقَالَ: مَا أَرَاك إِلَّا صَادِقا، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا الْبحار سجرت﴾
وَالْقَوْل الرَّابِع: أَن الْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ الْبَحْر الَّذِي يبس مَاؤُهُ وَذهب، كَأَن بحار الأَرْض تفرغ عَن المَاء يَوْم الْقِيَامَة. وَعبر بَعضهم عَن هَذَا الْبَحْر الْمَسْجُور بالفارغ.
وَقَوله: ﴿وَاقع﴾ أَي: كَائِن.
وَقَوله: ﴿دَعَا﴾ أَي: دفعا. والدع فِي اللُّغَة: هُوَ الدّفع بِشدَّة وعنف.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي قَوْله: ﴿أم أَنْتُم لَا تبصرون﴾ أَي: مَعْنَاهُ بل كُنْتُم لَا تبصرون، أَي: لَا تعلمُونَ، وَهَذَا قَول مَعْرُوف.
وَقَوله: ﴿فَاصْبِرُوا أَو لَا تصبروا﴾ هُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا﴾ وَالْمعْنَى: أَنكُمْ سَوَاء صَبَرْتُمْ أَو جزعتم، فالعذاب وَاقع بكم وَلَا يُخَفف عَنْكُم. وَفِي بعض الْآثَار: أَن أهل النَّار يجزعون مُدَّة مديدة، وينادون على أنفسهم بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور ثمَّ يَقُولُونَ: تَعَالَوْا نصبر، فيصبرون أَيْضا مُدَّة مديدة فَلَا يَنْفَعهُمْ وَاحِد من الْأَمريْنِ، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿سَوَاء عَلَيْكُم﴾ أَي: مستو [كلتا] الْحَالَتَيْنِ، وَالْعَذَاب مُسْتَمر بكم فيهمَا.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا تُجْزونَ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ يَعْنِي: أَن هَذَا عَمَلكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ.
وَقَوله: ﴿بِمَا آتَاهُم رَبهم﴾ أَي: أَعْطَاهُم رَبهم.
وَقَوله: ﴿ووقاهم رَبهم عَذَاب الْجَحِيم﴾ أَي: عَذَاب النَّار، والجحيم: مُعظم النَّار.
وَقَوله: ﴿بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ أَي: تَعْمَلُونَ من الطَّاعَات.
وَقَوله: ﴿مصفوفة﴾ أَي مضموم بَعْضهَا إِلَى بعض. وَيُقَال: مصطفة.
وَفِي التَّفْسِير: أَن ارْتِفَاع السرير يكون كَذَا كَذَا ميلًا، فَإِذا أَرَادَ الْمُؤمن أَن يَصْعَدهُ تطامن حَتَّى يرْتَفع عَلَيْهِ الْمُؤمن، ثمَّ يعود إِلَى مَا كَانَ.
وَقَوله: ﴿وزوجناهم﴾ أَي: قرناهم، قَالَه الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا من أهل الْمعَانِي. قَالُوا: وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ التَّزْوِيج الْمَعْرُوف الَّذِي يكون فِي الدُّنْيَا، فَإِن عقد التَّزْوِيج من عُقُود الدُّنْيَا لَيْسَ من عُقُود الْآخِرَة.
وَقَوله: ﴿بحور عين﴾ الْحور: الْبيض، وَمِنْه الْحوَاري، وَمِنْه الحواريون، لأَصْحَاب عِيسَى، وهم القصارون الَّذين يبيضون الثِّيَاب. وَالْعرب تسمى نسَاء الْأَمْصَار حواريات لبياضهن.
وَقَالَ بَعضهم:
(فَقَالَ للحواريات يبْكين غَيرنَا | وَلَا تبكنا إِلَّا الْكلاب النوابح) |
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي " أَن أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ يكونُونَ مَعَ آبَائِهِم فِي الْجنَّة وَأَوْلَاد الْكفَّار مَعَ آبَائِهِم فِي النَّار. "
وَقد قَالَ أهل الْعلم: إِن الْأَصَح فِي ذرارى الْمُؤمنِينَ أَنهم فِي الْجنَّة، وَيحْتَمل أَن النَّبِي إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على مَا كَانَ عرفه فِي الأَصْل، ثمَّ إِن الله تَعَالَى أخبرهُ أَن ذرارى الْمُسلمين فِي الْجنَّة بِهَذِهِ الْآيَة وَغَيرهَا، وأنما ذرارى الْكفَّار: فَالْأَصَحّ أَن الْأَمر فيهم على التَّوَقُّف على مَا روى عَن النَّبِي " أَنه سُئِلَ عَن أَطْفَال الْمُشْركين فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
وَقَوله: ﴿بِإِيمَان﴾ أَي: بإيمَانهمْ، إِمَّا بإيمَانهمْ بِأَنْفسِهِم، أَو بِثُبُوت الْإِيمَان لَهُم
﴿ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ﴾ أَي: فِي الدرجَة على مَا قُلْنَا.
وَقَوله: ﴿وَمَا ألتناهم من عَمَلهم من شَيْء﴾ أَي: مَا نقصناهم من عَمَلهم من شَيْء. وَقَرَأَ ابْن كثير: " وَمَا ألتناهم " بِكَسْر اللَّام، وَالْأول هُوَ الأولى. وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " وَمَا لتناهم " وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الشَّاعِر:
(أبلغ بنى ثقل عني مغلغلة | جهد الرسَالَة لَا ألتا وَلَا كذبا) |
وَقَوله: ﴿وَلحم طير مِمَّا يشتهون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(فَلَمَّا تنازعنا الحَدِيث وأسمحت | هصرت بِغُصْن ذِي شماريخ ميال) |
(الْيَوْم يَوْم بَارِد سمومه | من يجزع الْيَوْم فَلَا ألومه) |
وَقَوله: ﴿بكاهن وَلَا مَجْنُون﴾ الكاهن هُوَ الَّذِي يخبر عَن الْغَيْب كذبا. يُقَال: تكهن كهَانَة إِذا فعل ذَلِك. وَالْمَجْنُون: هُوَ الَّذِي زَالَ عقله وَاخْتَلَطَ.
وَقَوله: ﴿شَاعِر نتربص بِهِ ريب الْمنون﴾ مَعْنَاهُ: حوادث الدَّهْر.
وَقَالَ الْخَلِيل: الْمنون هُوَ الْمَوْت، ذكره ابْن السّكيت أَيْضا. وَقيل: هُوَ صرف الدَّهْر،
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَمن الْمنون وريبها نتوجع | وَالْمَوْت لَيْسَ بمعتب من يجزع) |
﴿فَإِنِّي مَعكُمْ من المتربصين﴾ أَي: المنتظرين، وانتظاره كَانَ [إِمَّا] أَن يظفر بهم أَو يسلمُوا.
وَقَوله: ﴿أم هم قوم طاغون﴾ أَي: بل هم قوم طاغون.
وَقَوله: ﴿بل لَا يُؤمنُونَ﴾ أَي: لَا يصدقون.
وَقَوله: ﴿أم هم الْخَالِقُونَ﴾ أَي: خلقُوا أنفسهم، وَالْمرَاد على هَذَا القَوْل، أَنهم إِذا لم يدعوا أَنهم تَكُونُوا من غير خَالق وصانع، وَلَا ادعوا أَنهم الَّذين هم خلقُوا أنفسهم، وأقروا أَن خالقهم هُوَ الله، فَلَا يَنْبَغِي أَن يعبدوا مَعَه غَيره. وَالْقَوْل الثَّانِي أَن مَعْنَاهُ: أم خلقُوا من غير شَيْء أَي: لغير شَيْء، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا﴾ وَمثل قَوْله تَعَالَى: ﴿أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: هَل يجوز أَن يكون " من " بِمَعْنى اللَّام؟ وَالْجَوَاب: أَن بَعضهم قد أجَاز ذَلِك، وَمن لم يجز قَالَ مَعْنَاهُ: أم خلقُوا من غير شَيْء توجبه الْحِكْمَة يعْنى: أَن الْحِكْمَة أوجبت خلقهمْ ذكره النّحاس أَيْضا وَالْأول أظهر فِي الْمَعْنى.
قَوْله ﴿بل لَا يوقنون﴾ أى لَا يوقنون بِمَا يدعونَ وَقيل أم خلقُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض أى أهم الَّذين خلقُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض. مَعْنَاهُ: أَنهم لم يخلقوا السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَفِي التَّفْسِير: أَنهم كَانُوا مقرين بِأَن الله خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض. فَالْمَعْنى: أَنهم إِذا كَانُوا مقرين بِأَن الله هُوَ الْخَالِق فَلم يشركوه مَعَه غَيره؟ !.
قَوْله: ﴿أم هم المسيطرون﴾ أَي: الأرباب المسلطون. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَالْمعْنَى: أَنهم لَيْسُوا كَذَلِك. يُقَال: تسيطر الرجل على فلَان، إِذا حمله على مَا يُحِبهُ ويهواه.
وَقَوله: ﴿يَسْتَمِعُون فِيهِ﴾ أَي: عَلَيْهِ، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل﴾ أَي: على جُذُوع النّخل.
وَقَوله: ﴿فليأت مستمعهم بسُلْطَان مُبين﴾ أَي: فليأت من ادّعى الِاسْتِمَاع مِنْهُم بِحجَّة بَيِّنَة. وَفِي بعض التفاسير: كَمَا أَتَى جِبْرِيل بِالْحجَّةِ فِي أَنه قد سمع الْوَحْي.
وَقَوله {فهم من مغرم مثقلون أَي: فهم من المغرم الَّذِي لحقهم مثقلون. يُقَال: لحق فلَانا دين فادح، أَو دين ثقيل، فَهُوَ مثقل.
وَقَوله: ﴿فَالَّذِينَ كفرُوا هم المكيدون﴾ أَي: هم المقتولون، وَقد قتلوا ببدر. وَيُقَال: مَعْنَاهُ: أَن كيدنا ومكرنا نَازل بهم.
وَقَوله: ﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ﴾ نزه نَفسه عَن شركهم، وَعَما كَانُوا يعتقدونه من عبَادَة غَيره.
وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينْصرُونَ﴾ أَي: لَا يمْنَع مِنْهُم الْعَذَاب. وَيُقَال: لَا يكون لَهُم نَاصِر يدْفع عَنْهُم.
وَقَوله: ﴿فَإنَّك بأعيننا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: بمرأى منا، وَيُقَال: نَحن نرَاك ونحفظك ونرعاك. قَالَ أهل الْمعَانِي: وَهَذَا إِنَّمَا قَالَه لتيسير الْأَمر عَلَيْهِ وتسهيله، لِأَنَّهُ إِذا علم أَن الْأَذَى الَّذِي يلْحقهُ من الْكفَّار بِحكم الله ومرأى مِنْهُ، سهل عَلَيْهِ بعض السهولة، فَإِنَّهُ لَا يتْرك مجازاتهم على ذَلِك وإثابته على مَا لحقه من الْأَذَى.
وَقَوله: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك﴾ أَي: صل حامدا لِرَبِّك.
وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن مَعْنَاهُ: هُوَ أَنه إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك، وَتَعَالَى جدك، وَلَا إِلَه غَيْرك.
وَعَن بَعضهم أَنه إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يَقُول: الله أكبر كَبِيرا، وَالْحَمْد لله كثيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا، فَهُوَ المُرَاد من الْآيَة، قَالَه زر بن حُبَيْش. وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَص مَعْنَاهُ: أَنه يَقُول: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك إِذا قَامَ [من] أَي مجْلِس كَانَ. وَعَن بَعضهم أَنه بقول: إِذا قَامَ من الْمجْلس: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. فَهُوَ كَفَّارَة لكل مجْلِس جلسه الْإِنْسَان.
وَقَوله: ﴿حِين تقوم﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿وإدبار النُّجُوم﴾ قَالَ عَليّ وَابْن عَبَّاس: هُوَ الركعتان قبل الصُّبْح. وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " رَكعَتَا الْفجْر خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
فعلى هَذَا معنى " إدبار السُّجُود " رَكعَتَا الْمغرب، قَالَه ابْن عَبَّاس، " وإدبار النُّجُوم " رَكعَتَا الصُّبْح، وَإِنَّمَا سماهما إدبار النُّجُوم لِأَن الرجل يُصَلِّيهمَا عِنْدَمَا يَزُول سُلْطَان النُّجُوم من الضَّوْء، كَالرّجلِ يدبر عَن الشَّيْء فيزول سُلْطَانه عَنهُ. وَيُقَال: معنى قَوْله: ﴿وإدبار النُّجُوم﴾ هُوَ التَّسْبِيح بعد صَلَاة الصُّبْح.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿والنجم إِذا هوى (١)تَفْسِير سُورَة والنجم
وَهِي مَكِّيَّة، وَفِي قَول بَعضهم إِلَّا قَوْله تَعَالَى: {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم﴾ الْآيَة. قَالَ: هِيَ نزلت بِالْمَدِينَةِ.
وَهَذِه السُّورَة أول سُورَة أعلنها النَّبِي وَقرأَهَا جَهرا عِنْد الْمُشْركين.
سورة الطور
سورة (الطُّور) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (السَّجْدة)، وقد جاءت بتحذيرِ الكافرين من تحقيقِ وقوع العذاب بهم؛ ترهيبًا لهم من عاقبة كفرهم، كما أبانت عن صفاتِ أهل التقوى التي ينبغي أن نتصفَ بها، وبيَّنتْ جزاءَ الكفار، وسُوءَ عاقبتهم التي ينبغي أن نَحذَرَ منها، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم اللهُ عليه موسى عليه السلام.
ترتيبها المصحفي
52نوعها
مكيةألفاظها
312ترتيب نزولها
76العد المدني الأول
47العد المدني الأخير
47العد البصري
48العد الكوفي
49العد الشامي
49* سورة (الطُّور):
سُمِّيت سورةُ (الطُّور) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله بـ(الطُّور)، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عليه السلام.
* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغرب بـ(الطُّور):
عن جُبَيرِ بن مُطعِمٍ رضي الله عنه: «أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ في المغرِبِ بالطُّورِ». أخرجه ابن حبان (١٨٣٣).
* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ (الطُّور) وهو بجانبِ الكعبة:
عن أمِّ المؤمنين أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها، قالت: «شكَوْتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ أنِّي أشتكي، فقال: «طُوفِي مِن وراءِ الناسِ وأنتِ راكبةٌ»، فطُفْتُ ورسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يَقرَأُ بـ {اْلطُّورِ * وَكِتَٰبٖ مَّسْطُورٖ}». أخرجه البخاري (٤٨٥٣).
1. تحقيق وقوع العذاب (١-١٦).
2. صفات أهل التقوى (١٧-٢٨).
3. مزاعمُ باطلة (٢٩-٤٦).
4. عاقبة المكذِّبين، وحفظُ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم (٤٧-٤٩).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /468).
يقول البِقاعيُّ مشيرًا إلى مقصدها الأعظم - وهو إثبات وقوع العذاب بمَن عصى وكفَر -: «ومقصودها: تحقيقُ وقوع العذاب، الذي هو مضمونُ الوعيد المُقسَم على وقوعه في (الذَّاريَات)، الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقِه في (ق)، وأنَّ وقوعه أثبَتُ وأمكَنُ من الجبال التي أخبر الصادقُ بسَيْرِها، وجعَل دَكَّ بعضِها آيةً على ذلك، ومِن الكتاب في أثبَتِ أوضاعه؛ لإمكان غَسْلِه وحَرْقِه، ومن البيت الذي يُمكِن عامِرَه وغيرَه إخرابُه، والسقفِ الذي يُمكِن رافِعَه وَضْعُه، والبحرِ الذي يُمكِن مَن سجَرَه أن يُرسِلَه». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /28).