تفسير سورة الطور

أوضح التفاسير

تفسير سورة سورة الطور من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير.
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿وَالطُّورِ﴾ هو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام
﴿وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ﴾ هو التوراة، أو القرآن؛ وقيل: إنه اللوح المحفوظ
﴿فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ﴾ هو الصحيفة المفتوحة، التي لا ختم عليها
﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ هو بيت في السماء السابعة؛ حيال الكعبة. وقيل: هي الكعبة نفسها؛ لكونها معمورة دائماً بالحجاج. ومن المشاهد أن الطواف بها لا ينقطع ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءاً، صبحاً ومساءاً؛ زادها الله تعالى تشريفاً وتعظيماً
﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ السماء
﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ المملوء. وجميع ما تقدم: قسم، وجوابه:
﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ﴾ أي لنازل بمستحقيه من المكذبين
﴿مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ﴾ يدفعه عنهم
﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَآءُ مَوْراً﴾ تتحرك وتدور وتضطرب؛ يوم القيامة
﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً﴾ في الهواء؛ كسير السحاب؛ لأنها تصير هباء منثوراً
﴿الَّذِينَ هُمْ﴾ في الدنيا ﴿فِي خَوْضٍ﴾ باطل ﴿يَلْعَبُونَ﴾ غير عابئين بما ينتظرهم
﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ يدفعون بعنف
﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾ يعني: كنتم تقولون عن معجزات الأنبياء: إنها سحر «أفسحر هذا» أيضاً كما كنتم تدعون؟ ﴿أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ﴾ النار، وتحسون بلهبها؛ الذي يجعلها حقيقة واقعة
﴿اصْلَوْهَا﴾ ادخلوها ﴿فَاصْبِرُواْ﴾ على حرها وألمها ﴿أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ﴾ أي إن صبركم وجزعكم ﴿سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ﴾ لأنكم لم تؤمنوا حين دعوناكم للإيمان ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ﴾ عقوبة ﴿مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا
﴿فَاكِهِينَ﴾ متلذذين. وسميت الفاكهة فاكهة: للتلذذ بتناولها
﴿وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ﴾ حسان الأعين (انظر آية ٥٤ من سورة الدخان)
﴿وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم﴾ أي وما نقصناهم من ثواب عملهم ﴿كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ﴾ بما عمل من خير أو شر ﴿رَهَينٌ﴾ مرهون: يثاب على الخير، ويعاقب على الشر
﴿يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً﴾ أي يتعاطون خمراً لذة للشاربين: يتناول هذا الكأس من يد هذا، وهذا من يد هذا. أو يتخاطفون من بعضهم كما يتخاطف الأصدقاء والأحباء في الدنيا لذيذ المطعم والمشرب
-[٦٤٦]- ﴿لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ﴾ أي لا تحمل شاربها على اللغو والسباب، ولا على ارتكاب الجرائم والآثام؛ كشأن خمر الدنيا
﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ للخدمة ﴿غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ﴾ لفرط جمالهم ﴿لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ﴾ عزيز مصون
﴿مُشْفِقِينَ﴾ خائفين من عذاب الله تعالى
﴿وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ عذاب النار؛ لأنها تتخلل المسام
﴿إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ﴾ نعبده ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ﴾ المحسن للمحسن والمسيء، المعطى للمؤمن والكافر، الحافظ للطائع والعاصي
﴿فَذَكِّرْ﴾ يا محمد بالقرآن ﴿فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ﴾ أي أنت بفضل الله تعالى عليك لست بكاهن، ولا بمجنون؛ كما يدعون ﴿نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ ننتظر له نوائب الزمن
﴿قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ﴾ أي انتظروا هلاكي؛ فإني منتظر هلاككم. ومآلي إلى الجنة، ومآلكم إلى النار
﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ﴾ عقولهم ﴿بِهَذَآ﴾ القول، وهذا الفعل ﴿أَمْ﴾ بل ﴿هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ كافرون
﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ اختلقه
﴿فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ﴾ أي بقرآن مختلق مثل هذا القرآن
﴿أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ أي من غير خالق خلقهم؛ كما يقول الطبعيون ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ للأشياء ولأنفسهم
﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ﴾ من الرحمة، والنبوة، والرزق؛ فيخصون من شاءوا بما شاءوا
-[٦٤٧]- ﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ﴾ ﴿أَمْ هُمُ المُصَيْطِرُونَ﴾ المتسلطون على الكون، الموجهون للأمور؛ وفق رغبتهم ومشيئتهم
﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ﴾ يصعدون عليه، و ﴿يَسْتَمِعُونَ فِيهِ﴾ كلام الملائكة، وتدبير الأرض من السماء؛ وإن زعموا هذا ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم﴾ الذي سمع من السماء ﴿بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ بحجة واضحة تدل على صعوده إلى السماء واستماعه
﴿أَمْ لَهُ﴾ تعالى ﴿الْبَنَاتُ﴾ ذلك بأنهم قالوا: الملائكة بنات الله
﴿أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ﴾ ما غاب علمه عن الأنظار والأفهام ﴿فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ منه، ويخبرون الناس به
﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً﴾ بك؛ كما اتفقوا في دار الندوة على إهلاكك ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾ أي الواقع بهم الكيد والهلاك
﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾ يعينهم ويرزقهم، ويمنعهم منه ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ﴾ تنزه، وتعالى، وتقدس ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ به من الآلهة
﴿وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ﴾ يريد أنهم قالوا لك تعجيزاً: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً﴾ ولو أسقطتها كسفاً - كما طلبوا - لقالوا: ليس هذا من السماء؛ بل هو سحاب متراكم
﴿فَذَرْهُمْ﴾ اتركهم ودعهم ﴿حَتَّى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾ يموتون؛ ثم يعذبون
﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ﴾ قبل يوم القيامة؛ وهو عذاب القبر
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ بإمهالهم؛ ولا يضيق صدرك بمكرهم ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ أي بحفظنا وكلاءتنا، وتحت رعايتنا. وكذا ﴿اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ من النوم، أو «حين تقوم» إلى الصلاة
﴿وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ حين تغرب: وقت صلاة الفجر.
647
سورة النجم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

648
سورة الطور
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطُّور) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (السَّجْدة)، وقد جاءت بتحذيرِ الكافرين من تحقيقِ وقوع العذاب بهم؛ ترهيبًا لهم من عاقبة كفرهم، كما أبانت عن صفاتِ أهل التقوى التي ينبغي أن نتصفَ بها، وبيَّنتْ جزاءَ الكفار، وسُوءَ عاقبتهم التي ينبغي أن نَحذَرَ منها، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم اللهُ عليه موسى عليه السلام.

ترتيبها المصحفي
52
نوعها
مكية
ألفاظها
312
ترتيب نزولها
76
العد المدني الأول
47
العد المدني الأخير
47
العد البصري
48
العد الكوفي
49
العد الشامي
49

* سورة (الطُّور):

سُمِّيت سورةُ (الطُّور) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله بـ(الطُّور)، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عليه السلام.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغرب بـ(الطُّور):

عن جُبَيرِ بن مُطعِمٍ رضي الله عنه: «أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ في المغرِبِ بالطُّورِ». أخرجه ابن حبان (١٨٣٣).

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ (الطُّور) وهو بجانبِ الكعبة:

عن أمِّ المؤمنين أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها، قالت: «شكَوْتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ أنِّي أشتكي، فقال: «طُوفِي مِن وراءِ الناسِ وأنتِ راكبةٌ»، فطُفْتُ ورسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يَقرَأُ بـ {اْلطُّورِ * وَكِتَٰبٖ مَّسْطُورٖ}». أخرجه البخاري (٤٨٥٣).

1. تحقيق وقوع العذاب (١-١٦).

2. صفات أهل التقوى (١٧-٢٨).

3. مزاعمُ باطلة (٢٩-٤٦).

4. عاقبة المكذِّبين، وحفظُ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم (٤٧-٤٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /468).

يقول البِقاعيُّ مشيرًا إلى مقصدها الأعظم - وهو إثبات وقوع العذاب بمَن عصى وكفَر -: «ومقصودها: تحقيقُ وقوع العذاب، الذي هو مضمونُ الوعيد المُقسَم على وقوعه في (الذَّاريَات)، الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقِه في (ق)، وأنَّ وقوعه أثبَتُ وأمكَنُ من الجبال التي أخبر الصادقُ بسَيْرِها، وجعَل دَكَّ بعضِها آيةً على ذلك، ومِن الكتاب في أثبَتِ أوضاعه؛ لإمكان غَسْلِه وحَرْقِه، ومن البيت الذي يُمكِن عامِرَه وغيرَه إخرابُه، والسقفِ الذي يُمكِن رافِعَه وَضْعُه، والبحرِ الذي يُمكِن مَن سجَرَه أن يُرسِلَه». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /28).