تفسير سورة الطور

مجاز القرآن

تفسير سورة سورة الطور من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن.
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

«سورة الطّور» (٥٢)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

«وَالطُّورِ» (١) هو الجبل فى كلام العرب..
«وَكِتابٍ مَسْطُورٍ» (٢) أي مكتوب وقال رؤبة:
إنى وأيات سطرن سطرا
«١» [٨٧٢].
«فِي رَقٍّ» (٣) أي فى ورق..
«وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ» (٤) الكثير الغاشية «٢»..
«وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ «٣» » (٦) بعضه فى بعض من الماء قال النّمر بن تولب:
إذا شاء طالع مسجورة ترى حولها النّبع والسّاسما
«٤» «٥» [٨٧٣]
(١). - ٨٧٢: ديوانه ص ١٧٤ والطبري ٢٧/ ٩.
(٢). الغاشية: السؤال الذين يغشونك يرجون فضلك ومعروفك وغاشية الرجل من ينتابه من زواره وأصدقائه (اللسان).
(٣). - ٨ «المملو» الذي ورد فى الفروق: رواه ابن حجر عن أبى عبيده (٧/ ٤٦٣).
(٤). - ٨٧٣: البيتان من كلمة فى مختارات شعراء العرب ٢٠٥ والعيني ١/ ٥٧٥، ٤/ ١٥١ وشواهد المغني ص ٦٥ والخزانة ٤/ ٤٣٤ وهما فى الطبري ٢٧/ ١١ والأول فى الشنتمرى ١/ ١٣٥ والقرطبي ١٧/ ٦١ والثاني: الكتاب ١/ ١١٣ والشنتمرى ١/ ١٣٥، ٤٧١.
معناه: إما من صيف وإما من خريف فلن بعدم الري البتة، المسجورة الروضة المملوءة عشبا والنبع والساسم من شجر الجبال والصيف مطر الصيف وأراد بالخريف مطر الخريف (الشنتمرى).
(٥). - ٨٧٤: ديوانه ص ١٦٥.
سقتها رواعد من صيّف وإن من خريف فلن يعدما.
«يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً» (٩) أي تكفأ قال الأعشى:
كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل «١»
«٢» [٨٧٥] وهو أن ترهيأ «٣» فى مشيتها أي تكفّأ كما ترهيأ النخلة العيدانة «٤»..
«الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ» (١١) الخوض الفتنة والاختلاط..
«يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ» (١٢) أي يدفعون، يقال: دعت فى قفاه أي دفعت وفى آية أخرى «يَدُعُّ الْيَتِيمَ» (١٠٧/ ٢) وقال بعضهم: يدع اليتيم مخففة. «دَعًّا هذِهِ النَّارُ» (١٣- ١٤) مختصر مخرجه: فيقال: هذه النار..
«أَفَسِحْرٌ هذا» (١٥) ليس باستفهام بل هو توعّد..
«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فكهين» (١٧- ١٨) لأن نصبت مجازها مجاز الاستغناء فإذا استغنيت أن تخبر ثم جاء خبر بعد فإن شئت رفعت وإن شئت نصبت ومعناها: متفكهين، قال صخر بن عمرو أخو خنساء: «٥»
(١). - ٢- ٣ «أي تكفأ... عجل» : الطبري ٢٧/ ١١، وصاحب اللسان (مور) والقرطبي (١٧/ ٦١).
(٢). - ٨٧٥: ديوانه ٤٢.
(٣). - ٤ «ترهيأ... العيدانة» : هذا الكلام فى اللسان (رهأ).
(٤). - ٤ «غيدان» الذي ورد فى الفروق: بالفتح ثم السكون كأنه فعلان من الغيد.
(٥). - ٨٧٧: فى اللسان (رهأ).
فكه على حين العشاء إذا... ما الضّيف أقبل مسرعا يسرى
«١» [٨٧٨] ومن قرأها «فاكهين» فمجازها مجاز، «لابن» و «تامر» أي عنده لبن كثير وتمر كثير..
«وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ» (٢٠) مجازها: جعلنا ذكران أهل الجنة أزواجا بحور عين من النساء، يقال: للرجل: زوّج هذا الفعل الفرد أي اجعلهما زوجا..
«وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ» (٢١) أي ما نقصناهم ولا حبسنا منه شيئا وفيه ثلاث لغات «ألت يألت» تقديرها: أفل يأفل وألات يليت، تقديرها: أقال يفيل ولات يليت قال رؤبة:
وليلة ذات ندى سريت... ولم يلتنى عن سراها ليت
(٨٥٦).
«مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ» (٢١) مجازها: ما ألتناهم شيئا والعرب تفعل هذا تزيد «من» قال أبو ذؤيب:
جزيتك ضعف الحب لما استثبته... وما إن جزاك الضعف من أحد قبلى
(٥٨) معناها أحد قبلى لأن «من» لا تنفع ولا تضرّ..
«يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً» (٢٣) يتعاطون أي يتداولون «٢» قال الأخطل:
(١). - ٨٧٨: راجع رقم ٧٦٥.
(٢). - ١٣ «يتنازعون... يتداولون» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة (فتح الباري ٥/ ٤٦٣). [.....]
نازعته طيّب الراح الشّمول وقد صاح الدّجاج وحانت وقعة الساري
«١» [٨٧٩].
«كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ» (٢٤) مصون..
«عَذابَ السَّمُومِ» (٢٧) عذاب النار..
«فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ» (٢٩- ٣٠) مجازها: بل يقولون، وليست بجواب استفهام قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظّلام من الرّباب خيالا
(٦٩) لم يستفهم إنما أوجب أنه رأى بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا..
«أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا» (٣٢) بل تأمرهم أحلامهم بهذا ثم رجع فقال:.
«أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ» (٣٢)
«أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ «٢» » (٣٧) أم هم الأرباب ويقال: تصيطرت علىّ اتخذتني خولا «٣»..
«أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ» (٣٨) هى السلّم وهو السلّم «٤» ومجاز «فيه» به وعليه وفى القرآن:
«وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» (١٩/ ٢٣) إنما هو على جذوع النخل
(١). - ٨٧٩: ديوانه ص ١١٦ والطبري ٢٧/ ١٦ والقرطبي ١٧/ ٦٨.
(٢). - ١٠ «المصيطرون» : قال القرطبي (١٧/ ٧٥: وفيه ثلاث لغات: الصاد وبها قرأت العامة والسين وهى قراءة ابن محيصن وحميد ومجاهد وقنبل وهشام وأبى حيوة وبإشمام الصاد الرأي وهى قراءة حمزة.
(٣). - ١٠- ١١ «المصيطرون... خولا» : روى تفسيره هذا عنه الطبري (٢٧/ ١٨).
«تصيطرت... خولا» : رواه القرطبي عن عطا الخول اسم يقع على العبد والأمه.
(٤). - ١٢ «السلم والسلم» : قال ابن دريد: والسلم يذكر ويؤنث وهو فى التنزيل مذكر (الجمهرة ٣/ ٥٠).
والسلّم السبب والمرقاة «١» قال الشّيبانىّ:
هم صلبوا العبدى فى جذع نخلة... فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا
[٥٤٧] وقال ابن مقبل:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا... يبنى له فى السموات السّلاليم
«٢» [٢١٦] ويقول الرجل: اتخذتني سلّما لحاجتك أي سببا..
«أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ» (٤١) فهم يخبرون بما شاءوا ويثبتون ما شاءوا..
«وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً» (٤٤) أي قطعا وواحد الكسف كسفة مثل سدرة وسدر «٣»..
«سَحابٌ مَرْكُومٌ» (٤٤) بعضه على بعض ركام..
«وَإِدْبارَ «٤» النُّجُومِ» (٤٩) من كسر الألف جعله مصدرا ومن فتحها جعلها جميع دبر.
(١). - ١ «السبب والمرقاة» : كما فى الطبري ٢٢/ ١٨.
(٢). - ٢١٦: مر بيت ابن مقبل هذا وانظره أيضا فى الطبري ٢٧/ ١٩ والقرطبي ١٧/ ٧٦.
(٣). - ٨- ٩ «الكسف... سدر» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة (فتح الباري ٨/ ٤٦٣).
(٤). - ١١- «وإدبار» : قرأ السبعة على المصدر... وقرأ سالم بن أبى الجعد ومحمد بن السميقع بالفتح ومثله روى عن يعقوب وسلام وأيوب (القرطبي ١٧/ ٨٠).
سورة الطور
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطُّور) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (السَّجْدة)، وقد جاءت بتحذيرِ الكافرين من تحقيقِ وقوع العذاب بهم؛ ترهيبًا لهم من عاقبة كفرهم، كما أبانت عن صفاتِ أهل التقوى التي ينبغي أن نتصفَ بها، وبيَّنتْ جزاءَ الكفار، وسُوءَ عاقبتهم التي ينبغي أن نَحذَرَ منها، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم اللهُ عليه موسى عليه السلام.

ترتيبها المصحفي
52
نوعها
مكية
ألفاظها
312
ترتيب نزولها
76
العد المدني الأول
47
العد المدني الأخير
47
العد البصري
48
العد الكوفي
49
العد الشامي
49

* سورة (الطُّور):

سُمِّيت سورةُ (الطُّور) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله بـ(الطُّور)، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عليه السلام.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغرب بـ(الطُّور):

عن جُبَيرِ بن مُطعِمٍ رضي الله عنه: «أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ في المغرِبِ بالطُّورِ». أخرجه ابن حبان (١٨٣٣).

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ (الطُّور) وهو بجانبِ الكعبة:

عن أمِّ المؤمنين أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها، قالت: «شكَوْتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ أنِّي أشتكي، فقال: «طُوفِي مِن وراءِ الناسِ وأنتِ راكبةٌ»، فطُفْتُ ورسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يَقرَأُ بـ {اْلطُّورِ * وَكِتَٰبٖ مَّسْطُورٖ}». أخرجه البخاري (٤٨٥٣).

1. تحقيق وقوع العذاب (١-١٦).

2. صفات أهل التقوى (١٧-٢٨).

3. مزاعمُ باطلة (٢٩-٤٦).

4. عاقبة المكذِّبين، وحفظُ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم (٤٧-٤٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /468).

يقول البِقاعيُّ مشيرًا إلى مقصدها الأعظم - وهو إثبات وقوع العذاب بمَن عصى وكفَر -: «ومقصودها: تحقيقُ وقوع العذاب، الذي هو مضمونُ الوعيد المُقسَم على وقوعه في (الذَّاريَات)، الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقِه في (ق)، وأنَّ وقوعه أثبَتُ وأمكَنُ من الجبال التي أخبر الصادقُ بسَيْرِها، وجعَل دَكَّ بعضِها آيةً على ذلك، ومِن الكتاب في أثبَتِ أوضاعه؛ لإمكان غَسْلِه وحَرْقِه، ومن البيت الذي يُمكِن عامِرَه وغيرَه إخرابُه، والسقفِ الذي يُمكِن رافِعَه وَضْعُه، والبحرِ الذي يُمكِن مَن سجَرَه أن يُرسِلَه». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /28).