تفسير سورة الطور

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة الطور من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ وزوّجناهم بحور عين ﴾ [ الطور : ٢٠ ]
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن الحور العين في الجنة، مملوكات ملك يمين، لا ملك نكاح ؟
قلتُ : معناه قرنّاهم بهنّ( ١ )، من قولك : زوّجت إبلي أي قرنت بعضها إلى بعض، وليس من التزويج الذي هو عقد النكاح، ويؤيّده أن ذلك لا يُعدّى بالباء بل بنفسه، كما قال تعالى :﴿ زوّجناكها ﴾ [ الأحزاب : ٣٧ ].
١ - معنى الآية: جعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حسانا من الحور العين..
قوله تعالى :﴿ كل امرئ بما كسب رهين ﴾ [ الطور : ٢١ ].
إن قلتَ : كيف قال تعالى في وصف أهل الجنة ذلك، مع أن المعنى : كل امرئ مرهون في النار بعمله ؟
قلتُ : بل المعنى كلّ نفس مرهونة بالعمل الصالح، الذي هو مطالبة به، فإن عمل صالحا فلها، وإلا أوبقها، أو الجملة من صفات أهل النار، معترضة بين صفات أهل الجنة، روي عن مقاتل أنه قال : معناه كل امرئ كافر بما عمل من الكفر، مرتهن في النار، والمؤمن لا يكون مرتهنا، لقوله تعالى :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين... ﴾ [ المدثر : ٣٨، ٣٩ ].
قوله تعالى :﴿ ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون ﴾ [ الطور : ٢٤ ].
قاله هنا وفي الإنسان( ١ ) بالواو، عطفا على ما قبله، وقاله في الواقعة( ٢ ) بغير واو، لأنه حال أو خبر بعد خبر.
١ - في الإنسان ﴿ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا﴾..
٢ - وفي الواقعة ﴿يطوف عليهم ولدان مخلّدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين﴾..
قوله تعالى :﴿ فذكّر فما أنت بنعمة ربّك بكاهن ولا مجنون ﴾ [ الطور : ٢٩ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن كلّ أحد غيره كذلك ؟
قلتُ : معناه فما أنت –بحمد الله وإنعامه عليك بالصّدق والنبوة- بكاهن ولا مجنون كما يقول الكفار، أو " الباء " هنا بمعنى " مع " كما في قوله تعالى :﴿ فتستجيبون بحمده ﴾ [ الإسراء : ٥٢ ].
قوله تعالى :﴿ أم يقولون شاعر نتربّص به ريب المنون ﴾ [ الطور : ٣٠ ] ذكر " أمْ " خمس عشرة مرة( ١ )، وكلّها إلزامات، ليس للمخاطبين بها عنا جواب.
١ - الاستفهام بـ "أم" في المواضع الخمسة عشر للتوبيخ والتقريع والإنكار، ففي كل مرة يسفّه أحلامهم، ويُزْرِي بعقولهم، وكأن هؤلاء المشركين النوابغ، خُشب مسنّدة، لا يعقلون ولا يدركون..
قوله تعالى :﴿ واصبر لحكم ربّك فإنك بأعيننا... ﴾ ( ١ ) [ الطور : ٤٨ ] معنى الجمع هنا : التفخيم والتعظيم، أي بحيث نراك ونحفظك، ومثله قوله تعالى :﴿ تجري بأعيننا ﴾ [ القمر : ١٤ ].
١ - معنى ﴿فإنك بأعيننا﴾ أي بحفظنا ورعايتنا نحرسك ونرعاك، ويا له من تعبير رائع، فاق كل أسلوب، في عناية الله ورعايته لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم..
سورة الطور
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطُّور) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (السَّجْدة)، وقد جاءت بتحذيرِ الكافرين من تحقيقِ وقوع العذاب بهم؛ ترهيبًا لهم من عاقبة كفرهم، كما أبانت عن صفاتِ أهل التقوى التي ينبغي أن نتصفَ بها، وبيَّنتْ جزاءَ الكفار، وسُوءَ عاقبتهم التي ينبغي أن نَحذَرَ منها، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم اللهُ عليه موسى عليه السلام.

ترتيبها المصحفي
52
نوعها
مكية
ألفاظها
312
ترتيب نزولها
76
العد المدني الأول
47
العد المدني الأخير
47
العد البصري
48
العد الكوفي
49
العد الشامي
49

* سورة (الطُّور):

سُمِّيت سورةُ (الطُّور) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَم الله بـ(الطُّور)، و(الطُّور): هو اسمُ الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى عليه السلام.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغرب بـ(الطُّور):

عن جُبَيرِ بن مُطعِمٍ رضي الله عنه: «أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرَأُ في المغرِبِ بالطُّورِ». أخرجه ابن حبان (١٨٣٣).

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ (الطُّور) وهو بجانبِ الكعبة:

عن أمِّ المؤمنين أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها، قالت: «شكَوْتُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ أنِّي أشتكي، فقال: «طُوفِي مِن وراءِ الناسِ وأنتِ راكبةٌ»، فطُفْتُ ورسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يَقرَأُ بـ {اْلطُّورِ * وَكِتَٰبٖ مَّسْطُورٖ}». أخرجه البخاري (٤٨٥٣).

1. تحقيق وقوع العذاب (١-١٦).

2. صفات أهل التقوى (١٧-٢٨).

3. مزاعمُ باطلة (٢٩-٤٦).

4. عاقبة المكذِّبين، وحفظُ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم (٤٧-٤٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /468).

يقول البِقاعيُّ مشيرًا إلى مقصدها الأعظم - وهو إثبات وقوع العذاب بمَن عصى وكفَر -: «ومقصودها: تحقيقُ وقوع العذاب، الذي هو مضمونُ الوعيد المُقسَم على وقوعه في (الذَّاريَات)، الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقِه في (ق)، وأنَّ وقوعه أثبَتُ وأمكَنُ من الجبال التي أخبر الصادقُ بسَيْرِها، وجعَل دَكَّ بعضِها آيةً على ذلك، ومِن الكتاب في أثبَتِ أوضاعه؛ لإمكان غَسْلِه وحَرْقِه، ومن البيت الذي يُمكِن عامِرَه وغيرَه إخرابُه، والسقفِ الذي يُمكِن رافِعَه وَضْعُه، والبحرِ الذي يُمكِن مَن سجَرَه أن يُرسِلَه». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /28).