تفسير سورة الإنفطار

تفسير النسفي

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي.
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة الانفطار مكية وهى تسع عشرة آية

إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)
﴿إِذَا السماء انفطرت﴾ انشقت
وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)
﴿وَإِذَا الكواكب انتثرت﴾ تساقطت
وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣)
﴿وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ﴾ فتح بعضها إلى بعض وصارت البحار بحراً واحداً
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤)
﴿وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ﴾ بحثت وأخرج موتاها وجواب إذا
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ أي كل نفس برة وفاجرة ﴿مَّا قَدَّمَتْ﴾ ما عملت من طاعة ﴿وَأَخَّرَتْ﴾ وتركت فلم تعمل أو ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧)
﴿يا أيها الإنسان﴾ قيل الخطاب لمنكري البعث ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم الذى خَلَقَكَ﴾ أي شيء خدعك حتى ضيعت ما وجب عليك مع كرم ربك حيث أنعم عليك بالخلق والتسوية والتعديل وعنه عليه السلام حين تلاها غره جهله وعن عمر رضى الله عنه غره حمقه وعن الحسن غره شيطانه وعن الفضيل لو خوطبت أقول غرتني ستورك المرخاة وعن يحيى بن معاذ أقول غرنى بربك بي سالفاً وآنفاً ﴿فَسَوَّاكَ﴾ فجعلك مستوي
610
الخلق سالم الأعضاء ﴿فَعَدَلَكَ﴾ فصيّرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا إحدى العينين أوسع ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائماً لا كالبهائم وبالتخفيف كوفي وهو بمعنى المشدد أي عدّل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت فكنت معتدل الخلقة متناسبا
611
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)
﴿فِى أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ ما مزيد للتوكيد أي
ركبك في أي صورة اقتضتها مشيئته من الصور المختلفة في الحسن والقبح والطول والقصر ولم تعطف هذه الجملة كما عطف ما قبلها لأنها بيان لعدلك والجار يتعلق بركبك على معنى وضعك في بعض الصور ومكنك فيها أو بمحذوف أي ركبك حاصلاً في بعض الصور ﴿كَلاَّ﴾ ردع عن الغفلة عن الله تعالى
كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)
﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين﴾ أصلاً وهو الجزاء أو دين الإسلام فلا تصدقون ثواباً ولا عقاباً
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠)
﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين﴾ أعمالكم وأقوالكم من الملائكة
كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)
﴿كِرَاماً كاتبين﴾ يعني أنكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجاوزوا بها
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)
﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند الله من جلائل الأمور وفيه إنذار وتهويل للمجرمين ولطف للمتقين وعن الفضيل انه إذا قرأها قال ماأشدها من آية على الغافلين
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)
﴿إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ﴾ إن المؤمنين لفي نعيم الجنة
وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)
﴿وَإِنَّ الفجار لَفِى جَحِيمٍ﴾ وإن الكفار لفي النار
يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥)
﴿يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين﴾ يدخلونها يوم الجزاء
وَمَا هُمْ عَنْهَا
بِغَائِبِينَ (١٦)
﴿وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ أي لا يخرجون منها كقوله تعالى وما هم بخارجين منها ثم عظم شأن يوم القيامة فقال
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨)
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين﴾ فكرر للتأكيد والتهويل وبينه بقوله
يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)
﴿يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً﴾ أي لا تستطيع دفعاً عنها ولا نفعاً لها بوجه وإنما تملك الشفاعة بالإذن يَوْم بالرفع مكي وبصري أي هو يوم أو بدل من أي لا أمر إلا لله تعالى وحده فهو القاضى فيه دون غيره
612
سورة المطففين مختلف فيها وهي ست وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

613
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).