تفسير سورة الإنفطار

تفسير مقاتل بن سليمان

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب تفسير مقاتل بن سليمان
لمؤلفه مقاتل بن سليمان . المتوفي سنة 150 هـ
سورة الانفطار
مكية، عددها تسع عشرة آية كوفي

﴿ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ ﴾ [آية: ١] يعني انشقت، يعني انفرجت من الخوف لنزول الرب عز وجل والملائكة، ثم طويت ﴿ وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ ﴾ [آية: ٢] يعني تساقطت ﴿ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ ﴾ يعني العذب والمالح ﴿ فُجِّرَتْ ﴾ [آية: ٣] بعضها في جوف بعض، فصارت البحار بحراً واحداً، فامتلأت ﴿ وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾ [آية: ٤] يعني بحثت عن من فيها من الموتى ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ ﴾ من خير ﴿ وَأَخَّرَتْ ﴾ [آية: ٥] من سيئة.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ ﴾ [آية: ٦] نزلت في أبى الأشدين، أسمه أسيد بن كلدة، وكان أعور شديد البطش، فقال: لئن أخذت بحلقة من باب الجنة ليدخلنها بشر كثير، ثم قتل يوم فتح مكة، يعني غره الشيطان. ثم قال: ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ [آية: ٧] يعني فقومك ﴿ فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ﴾ [آية: ٨] يعني لو شاء ركبك في غير صورة الإنسان.﴿ كَلاَّ ﴾ لا يؤمن هذا الإنسان بمن خلقه وصوره، ثم قال: ﴿ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ ﴾ [آية: ٩] يعني الحساب ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾ [آية: ١٠] من الملائكة يحفظون أعمالكم ثم نعتهم، فقال: ﴿ كِرَاماً ﴾ يعني مسلمين ﴿ كَاتِبِينَ ﴾ [آية: ١١] يكتبون أعمال بنى آدم بالسريانية، فبأى لسان تكلم ابن آدم؟ فإنه إنما يكتبونه بالسريانية والحساب بالسريانية، وإذا دخلوا تكلموا بالعربية على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [آية: ١٢] من الخير والشر فيكتبون ﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ ﴾ يعني المطيعين لله في الدنيا ﴿ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [آية: ١٣] يعني نعيم الآخرة.﴿ وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ ﴾ يعني الظلمة في الدنيا ﴿ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [آية: ١٤] يعني النار يعني ما عظم منه ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ يصلون الجحيم ﴿ يَوْمَ ٱلدِّينِ ﴾ [آية: ١٥] يعني يوم الحساب يوم يدان بين العباد بأعمالهم ﴿ وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ ﴾ [آية: ١٦] يعني الفجار محضرون الجحيم لا يغيبون عنها. ثم قال: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ ﴾ [آية: ١٧] تعظيماً له، كرره، فقال: ﴿ ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ ﴾ [آية: ١٨] يعني يوم الحساب، ثم أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عن يوم الدنيا، فقال: ﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ ﴾ يعني لا تقدر ﴿ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً ﴾ يعني من المنفعة، ثم قال: ﴿ وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [آية: ١٩] يعني يوم الدين كله لله وحده، يعني لا يملك يومئذ أحد غيره، وحده.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).