تفسير سورة الإنفطار

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا أنْذَرهُم بعض وقائع القيامة أتبعه ببعض آخر منها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ ﴾ انشقت ﴿ وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ ﴾: تساقطت متفرقة ﴿ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾: بعضها إلى بعض فصارت واحدة كما مر ﴿ وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾: قلب ترابها وبعث من فيها ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ﴾: أي: لكل نفس ﴿ مَّا قَدَّمَتْ ﴾: بعمله ﴿ وَأَخَّرَتْ ﴾: بتركه ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا ﴾: أي: شيء ﴿ غَرَّكَ بِرَبِّكَ ﴾: أي: أمنك من عقاب ربك ﴿ ٱلْكَرِيمِ ﴾: والكرم يقتضى عدم التسوية بين المطيع والعاصي فيكف مع صفة القهر، قيل: عمله بذكر الكريم جوابه ليقول: كرمك، وهذا إنما يصح إذا لم يكن المراد الكافر ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ ﴾: جعلك سليم الأعضاء ﴿ فَعَدَلَكَ ﴾: جعلك معتدل الأعضاء متناسبها ﴿ فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا ﴾: صلة ﴿ شَآءَ رَكَّبَكَ * كَلاَّ ﴾: ردع عن الاغترار ﴿ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ ﴾: بالجزاء، هو سبب معاصيكم ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾: لأعمالكم، ملائكة ﴿ كِرَاماً ﴾: على الله تعالى ﴿ كَاتِبِينَ ﴾: لها ﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾: حتى ما تهمون به، فيعلمونه بريحه، والأصح أن الكفار عليهم حفظة لهذه الآية، وآية﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ ﴾[الحاقة: ٢٥]، وحينئذ فصاحب اليمين للشهادة على ما كتبه الآخر ﴿ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾: ولذلك يكتبونها ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ يدخلونها ﴿ يَوْمَ ٱلدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ ﴾ لخلودهم فيها ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ أعلمك ﴿ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ ﴾: أي: لا تدريه لعظمته وإنْ تأملته مرة بعد أخرى، ولك مَا ذكر في القرآن من: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ فأدراه،﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾[عبس: ٣] طواهُ، قاله بان عباس أعني أو هو ﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً ﴾: من الضرر والنفع ﴿ وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾: بلا توسط أحد - واللهُ أعْلمُ.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).