تفسير سورة الإنفطار

جامع البيان في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة الانفطار مكية
وهي تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إذا السماء انفطرت١ : انشقت،
١ أخرج النسائي عن جابر قال: قام معاذ فصلى العشاء فطول، (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان أنت يا معاذ؟ أين أنت عن ": سبح اسم ربك "، والضحى، " وإذا السماء انفطرت" وأصل الحديث في الصحيحين ولكن بدون ذكر " إذا السماء انفطرت، وقد تفرد بها النسائي/١٢ فتح. [أخرجه النسائي في " تفسيره"].
﴿ وإذا الكواكب انتثرت ﴾ : تساقطت،
﴿ وإذا البحار فجرت ﴾ : فتح بعضها إلى بعض، فصارت بحرا واحدا، أو فتحت مجاريها فيذهب ماؤها فلا يبقى بحر،
﴿ وإذا القبور بعثرت ﴾ : قلب ترابها١، وبعث من فيها من الموتى أحياء،
١ يقال: بعثر يبعثر بعثرة: إذا قلب التراب، ويقال: بعتر المتاع: قلبه ظهرا لبطن، وبعثرت الحوض وبهثرته: إذا هدمته وجعلت أعلاه أسفله، قال الرازي: المراد من هذه الآيات أنه إذا وقعت هذه الأشياء، التي هي أشراط الساعات فهناك يحصل الحشر والنشر، وهي هاهنا أربعة اثنان منها يتعلقان بالعلويات، واثنان يتعلقان بالسفليات، والمراد بهذه الآيات بيان تخريب العالم وفناء الدنيا، وانقطاع التكاليف، والسماء كالسقف، والأرض كالبناء، ومن أراد تخريب دار فإنه يبدأ أولا بتخريب السقف، ثم يلزم من تخريب السماء انتثار الكواكب، ثم بعد تخريب السماء والكواكب، يخرب كل ما على وجه الأرض من البحار، ثم بعد ذلك تخرب الأرض التي فيها الأموات، وأشار إلى ذلك بقوله:" وإذا القبور بعثرت"، ثم ذكر سبحانه الجواب عما تقدم فقال:﴿علمت نفس﴾الآية /١٢ فتح..
﴿ علمت نفسي ما قدمت١ وأخرت ﴾ جواب إذا، ومعناه ما مر في سورة لا أقسم،
١ أي: ما قدمت من عمل خيرا وشرا، وأخرت من سنة حسنة، أو سيئة، لأن لها أجر ما سنه من السنن الحسنة، وأجر من عمل بها، كما في الحديث، ولما أخبر عن وقوع الحشر والنشر ذكر ما يدل عقلا على وقوعه فقال:﴿يا أيها الإنسان ما غرك﴾ الآية/١٢ فتح..
﴿ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ﴾، أي شيء جرأك على عصيان من لطف بك حتى قابلت الطاعة بالمعاصي، وما عرفت أن الكرم يقتضي عدم التسوية بين المطيع والعاصي، عن ابن عباس وغيرهما : غره والله جهله،
﴿ الذي خلقك فسواك ﴾ : جعل أعضاءك سليمة مسواة، ﴿ فعدلك ﴾ : صيرك معتدلا متناسبة الخلق، وقراءة التخفيف إما بمعنى التشديد، وإما بمعنى عدلك وصرفك عن صورة غيرك، وخلقك خلقة حسنة لا كالبهائم،
﴿ في أي صورة ما شاء ركبك ﴾ : ركبك في أي صورة شاء، فما زائدة، في الحديث١ " إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضر كل عرق بينه وبين آدم، ثم قرأ ﴿ في أي صورة ما شاء ركبك ﴾ "، وعن عكرمة وغيره : إن شاء في صورة كلب، أو خنزير، لكن بلطف الله خلقه في شكل حسن،
١ رواه ابن أبي حاتم، والطبراني في أثناء حديث مطول/١٢ منه..
﴿ كلا ﴾، ردع عن الاغترار بالرب الكريم، ﴿ بل تكذبون بالدين ﴾، إضراب إلى بيان حقيقة ما هو السبب في الاغترار والدين : والجزاء،
﴿ وإن عليكم لحافظين كرما كاتبين ﴾ : ملائكة كراما على الله يكتبون الأعمال، والأقوال، وكراما صفة لحافظين،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:﴿ وإن عليكم لحافظين كرما كاتبين ﴾ : ملائكة كراما على الله يكتبون الأعمال، والأقوال، وكراما صفة لحافظين،
﴿ يعلمون ما تفعلون١، فالجزاء ثابت محقق، وأنتم تكذبون به،
١ وعن الفضيل أنه كان إذا قرأها قال: ما أشدها من آية على الغافلين/١٢ فتح..
﴿ إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ﴾ يعني لأجل ذلك يكتبون،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:﴿ إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ﴾ يعني لأجل ذلك يكتبون،
﴿ يصلونها ﴾ : يدخلونها، ﴿ يوم الدين ﴾
﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ : قط بعد دخولها، بل هم مخلدون فيها،
﴿ وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين ﴾، فيه تعجيب وتعظيم لشأنه، أي : لا يدري كنهه أحد، وإن تأمله مرات،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين ﴾، فيه تعجيب وتعظيم لشأنه، أي : لا يدري كنهه أحد، وإن تأمله مرات،
﴿ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ﴾ : لا يقدر أحد على نفع أحد، ولا على ضره، وقراءة " يوم " بالرفع فعلى البدل من يوم الدين، أو هو يوم لا تملك ﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ : وحده لا كما ملكهم في الدنيا بعض الأمور ظاهرا.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).