تفسير سورة الإنفطار

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله عز وجل :﴿ إِذَا السَّماء انفَطَرَتْ ﴾ : انشقت.
وقوله جل وعز :﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾.
خرج ما في بطنها من الذهب والفضة، وخرج الموتى بعد ذلك، وهو من أشراط الساعة : أن تخرج الأرضُ أفلاذَ كبدها من ذهبها وفضتها. قال الفراء : الأفلاذ القِطَعُ من الكبد المشرح والمشرحة، الواحد فلِذٌ، وفِلْذةٌ.
وقوله تبارك وتعالى :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ ﴾ من عملها ﴿ وَأَخَّرَتْ ﴾.
وما أخرت : ما سنت من سنة حسنة، أو سيئة فعُمل بها.
وجواب :﴿ إذا السَّماء انفطَرتْ ﴾ قوله :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾.
وقوله جل وعز :﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾.
قرأها الأعمشُ وعاصم :«فَعَدَلك » مخففة. وقرأها أهل الحجاز :«فعدَّلك » مشددة. فمن قرأها بالتخفيف فوجهه والله أعلم : فصرفكَ إلى أي صورةٍ شاء إما : حَسَنٌ، أو قَبيحٌ، أو طويل، أو قصير.
قال :[ حدثنا الفراء قال ] : وحدثني بعض المشيخة عن ليثٍ عن ابن أبى نَجِيح أنه قال : في صورة عمٍّ في صورة أبٍ، في صورة بعض القرابات تشبيها.
ومن قرأ :«فعدَّلك » مشددة، فإنه أراد والله أعلم : جعلك معتدلا معدّل الخلق، وهو أعجب الوجهين إِليّ، وأَجودُهما في العربية ؛ لأنك تقول : في أي صورة ما شاء ركبك، فتجعل في للتركيب أقوى في العربية من أن يكون في للعدل ؛ [ ١٣٠/ب ] لأنك تقول : عَدَلتك إلى كذا وكذا، وصرفتك إلى كذا وكذا، أجود من أن تقول : عَدلتك فيه، وصَرفتك فيه.
وقوله جل وعز :﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾.
بالتاء، وقرأ بعض أهل المدينة بالياء، وبعضهم بالتاء، والأعمشُ وعاصمٌ بالتاء، والتاء أحسنُ الوجهين لقوله :«وإِنَّ عَلَيكُم » ولم يقل : عليهم.
وقوله جل وعز :﴿ وَما هُمْ عَنْها بِغَائبِينَ ﴾.
يقول : إذا دخلوها فليسوا بمُخْرَجين منها.
اجتمع القراء على نصب ﴿ يَوْمَ لا تَمْلِكُ ﴾ والرفع جائز لو قُرئ به. زعم الكسائي : أن العرب تُؤثر الرفعَ إذا أضافوا اليوم إلى يفعل، وتفعلُ، وأفعلُ، ونفعلُ فيقولون : هذا يومُ نفعلُ ذاك، وأفعل ذاك، ونفعلُ ذاك. فإذا قالوا : هذا يومَ فعلتَ، فأضافوا يوم إلى فعلتُ أو إلى إِذْ آثروا النصب، وأنشدونا :
عليَ حينَ عاتبْتُ المشيبَ على الصِّبا وقُلتُ أَلَمَّا تَصْحُ والشَّيبُ وازِعُ ؟
وتجوز في الياء والتاء ما يجوز في فعلت، والأكثر ما فسّر الكسائي.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).