تفسير سورة الإنفطار

تيسير التفسير

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب تيسير التفسير
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الانفطار مكية وآياتها تسع عشرة، نزلت بعد سورة النازعات. وتبدأ السورة بذكر مشاهد من أهوال يوم القيامة ولكن بطريقة أخصر مما ورد في " التكوير "، وبشخصية خاصة. فتبدأ بذكر أربعة أمور : انفطار السماء، وتناثر الكواكب، وتفجير البحار، وبعثرة القبور.
بعد ذلك ينتقل الحديث بصورة عتاب وتحذير إلى ذلك الإنسان الذي ينكر فضل ربه الكريم مع أنه خلقه فسوّاه في أبدع صورة وأحسن تقويم. إن الإنسان لا يعرف للنعمة حقها ولا يشكر ربه على الفضل الذي آتاه إياه.
ثم تبين السورة تكذيب الإنسان بيوم الدين وجحوده، وتؤكد وجود الملائكة الكرام البررة حافظين عليه، يكتبون كل ما يفعله ويقوله. وبعد ذلك تقرر أن الناس يوم الحساب فريقان : فريق في الجنة، وفريق في السعير. وتصور ذلك اليوم وهوله، وتَجرّد النفوس من كل حول فيه، مع تفرد الله سبحانه بأمره الجليل﴿ وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين- يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ﴾.
السورة لطيفة في مبناها، عذبة في ألفاظها، تبشّر وتنذر، والأمر كله يعود إلى الله تعالى.

انفطرت : انشقت.
تبدأ السورة بعرض مشاهد من أهوال يوم القيامة :
إذا السماءُ انشقّت.
انتثرت : تبعثرت، وتفرقت.
وتساقطت كواكبُها متبعثرة.
فُجرت : فتحت على بعضها وزالت الحواجز التي بينها.
وإذا فُجّرت البحارُ وزال ما بينها من حواجز.
بُعثرت : فُرقت وأزيل التراب عن الموتى، وأخرجوا منها.
وإذا القبورُ فُتحتت وبُعثرت وخَرج من فيها من الناس أشتاتاً ليُرَوا أعمالهم.
ما قدّمت : من أعمال الخير، وما أخرته ولم تعمله.
عند ذلك تَعلَم كلُّ نفسٍ ما عملتْ وما لم تعمَل.
ثم ينتقل الخطاب إلى الإنسان في صورة عتاب : يا أيها الإنسان، أيُّ شيءٍ خدعَكَ بربك الكريم حتى تجرّأتَ على عصيانه ؟
فسوّاك : جعل أعضاءك سوية متناسبة.
فعدَلَك : جعلك معتدلا متناسب الخَلق.
هو الذي أوجدَك من العدَم.
قراءات :
قرأ الجمهور : فعدَّلك بتشديد الدال، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : فعَدَلك بفتح الدال من غير تشديد.
في أي صورةٍ ما شاء ركّبك : في صورة حسنة هي من أعجب الصور وأحكمها.
وخلقك في هذه الصورةِ المتناسبة الأعضاء مع اعتدال القامة في أحسن تقويم !
الدّين : الجزاء يوم القيامة.
وبعد كل هذا نجدكم يا بني آدمَ، مكذبين بيوم الدين :
﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين ﴾ ! ارتَدِعوا عن الاغترار بكرمي لكم، فإنكم محاسَبون ومسئولون.
حافظين : يحصون أعمالكم.
ثم بين لهم أن أعمالَهم مكتوبةٌ يُحصيها عليهم،
ملائكةٌ كِرام كاتبون.
﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ من خيرٍ أو شرّ. كما جاء في سورة الزخرف ٨٠ ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم، بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾.
أما كيفية حفظِهم وكتابتهم، وهل عندَهم أوراق وأقلام، أو هناك ألواح تُرسَم فيها الأعمال، فلا نعلم عن ذلك شيئا، وإنما نقول : إن قدرة الله كفيلة بأن يخلق من الطرق ما لا يَظلم به عبادَه.
ثم ذكر نتيجة الحساب، والثواب والعقاب، وبيّن أن العاملين في ذلك اليوم فريقان : وبيّن مآل كل منهما فقال :
﴿ إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ ﴾
إن المؤمنين الأبرار، الصادقين في إيمانهم سينالون جناتِ النعيم.
أما الذين جحدوا وانشقّوا عن أمر الله وهم الفجار ففي النار.
يَصْلونها : يدخلونها.
يدخلونها بعد الحساب.
ذلك أن وعْدَ الله حقٌّ، فهم في جهنم لا محالة.
ثم بين الله أهوال ذلك اليوم وشدائده فقال :
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾.
إنك أيها الإنسان، تجهل ذلكَ اليومَ العظيم، فهو فوق ما تتصور بشدائده وأهواله.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:ثم بين الله أهوال ذلك اليوم وشدائده فقال :
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾.
إنك أيها الإنسان، تجهل ذلكَ اليومَ العظيم، فهو فوق ما تتصور بشدائده وأهواله.

لا أحد يملك نفعا ولا ضرا لنفسه ولا لغيره في ذلك اليوم.. وكلّ إنسانٍ مشغولٌ بنفسه.. والأمر في ذلك اليوم لله وحده، فهو المتفرد بالأمر والنهي، فلا شفيع ولا نصير، واليه المرجع والمآب.
قراءات :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو يومُ لا تملكُ برفع يوم، والباقون يومَ لا تملِكُ بالنصب.
والحمد لله رب العالمين.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).