تفسير سورة الإنفطار

صفوة البيان لمعاني القرآن

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ
سور الانفطار
اشتملت هذه السورة على طائفة من أهوال الساعة. وأقسم الله بها لعظمها على أن النفوس ستعلم يوم القيامة كل ما عملته في الدنيا. وفي ذلك تأكيد للبعث والحساب والجزاء ؛

فقال تعالى :﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ انشقت لنزول الملائكة ؛ من الفطر وهو الشق ؛ قال تعالى : " إذا السماء انشقت " وقال : " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا " ١.
١ آية ٢٥ الفرقان..
﴿ وإذا الكواكب انتشرت ﴾ تساقطت وتهاوت متفرقة ؛ وهو كقوله تعالى : " وإذا النجوم انكدرت " ١ أي تناثرت. يقال : نثر الشيء ينثره وينثره نثرا ونثارا، رماه متفرقا ؛ فانتثر وتناثر.
١ آية ٢ التكوير..
﴿ وإذا البحار فجرت ﴾ شققت جوانبها فزالت الحواجز التي بينها، واختلط عذبها بملحها وصارت بحرا واحدا ؛ وهو كقوله تعالى : " وإذا البحار سجرت " ١ على أحد المعنيين السابقين ؛ من الفجر، وهو شق الشيء شقا واسعا. يقال : فجره فتفجر. وتفجر الماء : سال
١ آية ٦ التكوير..
﴿ وإذا القبور بعثرت ﴾ قلبت ترابها، وأثير ما فيها من الموتى فبعثوا للجزاء، يقال : بعثر الشيء، فرقه وبدده وقلب بعضه على بعض، واستخرجه فكشفه وأثار ما فيه.
﴿ علمت نفس ما قدمت وأخرت ﴾ ما أسلفت من خير أو شر، وما أخرت
من سنة حسنة أو سيئة بها بعدها. أو ما عملت مما كلفت به، وما لم تعمل منه. وهو جواب " إذا " في الآيات الأربع.
﴿ ما غرك ﴾ أي شيء خدعك ؟ وجرأك على عصيانه وارتكاب ما لا يليق بشأنه عز وجل !. يقال : غره غرا وغرورا، خدعه وأطمعه بالباطل ؛ فاغتر هو. والخطاب للكافر والمؤمن العاصي.
﴿ فسواك ﴾ جعل أعضاءك سوية سليمة، مهيأة لمنافعها، على حسب ما تقتضيه الحكمة ؛ من التسوية، وهي في الأصل جعل الأشياء على سواء. ﴿ فعدلك ﴾ على بعضها ببعض ؛ بحيث اعتدلت ولم تتفاوت ؛ من عدل فلانا بفلان ؛ إذا ساوى بينهما. أو صرفها عن خلقة غير ملائمة لها وجعلها حسنة ؛ من عدل بمعنى صرف. وقرئ بالتشديد بمعنى صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه ؛ فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا إحدى العينين أوسع، ولم يخالف بين الأعضاء في الألوان والهيئات. وعن بعضهم : أن المخفف والمشدد بمعنى واحد، ولا عبرة بشذوذ الخلقة في قلة من الأفراد.
﴿ في أي صورة... ﴾ أي ركبك في أي صورة من الصور المختلفة اقتضتها مشيئته تعالى.
﴿ بل تكذبون... ﴾ أي ليس هناك شيء يقتضي غروركم بالله، ولكن تكذيبكم بالبعث والجزاء، أو بدين الإسلام اللذين هما من جملة أحكامه هو الذي حملكم على ما ارتكبتموه.
﴿ كاتبين ﴾ يكتبون أعمالكم كلها ويحصونها عليكم. والظواهر دالة على أن الكتب حقيقي ؛ لإقامة الحجة على العباد يوم الحساب. وأما العلم بآلة الكتابة وما يكتب فيه فمفوض إليه تعالى.
﴿ إن الأبرار... ﴾ بيان لنتيجة الحفظ والكتب من الثواب والعقاب. والأبرار : هم المؤمنون الذين بروا وصدقوا في الإيمان. جمع بر – بالفتح – وهو المتصف بالخير.
﴿ وإن الفجار... ﴾ هم المكذبون رسول الله والقرآن، والمكذبون بيوم الدين المنكرون للبعث والجزاء ؛ من الفجور، وهو شق ستر الديانة. يقال : فجر فجورا فهو فاجر، وهم فجار وفجرة. وأصله الفجر. وهو شق الشيء شقا واسعا.
﴿ يصلونها ﴾ يدخلونها. أو يقاسون حرها.
﴿ يوم لا تملك... ﴾ بيان ليوم الدين. وأنه يوم الجزاء الذي لا تنفع فيه نفس نفسا أخرى، ولا ينفع فيه إلا العمل ؛ والأمر فيه لله وحده، لا سلطان لسواه.
والله أعلم
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).