تفسير سورة الإنفطار

القطان

تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب تيسير التفسير المعروف بـالقطان.
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ

انفطرت: انشقت. انتثرت: تبعثرت، وتفرقت. فُجرت: فتحت على بعضها وزالت الحواجز التي بينها. بُعثرت: فُرقت وأزيل التراب عن الموتى، واخرجوا منها. ما قدّمت: من اعمال الخير، وما أخرته ولم تعمله. فسوّاك: جعل اعضاءك سوية متناسبة. فعدَلَك: جعلك معتدلا متناسب الخَلق. في أي صورةٍ ما شاء ركّبك: في صورة حسنة هي من أعجب الصور وأحكمها. الدّين: الجزاء يوم القيامة. حافظين: يحصون أعمالكم. يَصْلونها: يدخلونها.
تبدأ السورة بعرض اربعة مشاهد من أهوال يوم القيامة: إذا السماءُ انشقّت وتساقطت كواكبُها متبعثرة، واذا فُجّرت البحارُ وزال ما بينها من حواجز، واذا القبورُ فُتحتت وبُعثرت وخَرج من فيها من الناس أشتاتاً ليُرَوا أعمالهم - عند ذلك تَعلَم كلُّ نفسٍ ما عملتْ وما لم تعمَل.
ثم ينتقل الخطاب الى الانسان في صورة عتاب: يا أيها الانسان، أيُّ شيءٍ خدعَكَ بربك الكريم حتى تجرّأتَ على عصيانه؟ هو الذي أوجدَك من العدَم، وخلقك في هذه الصورةِ المتناسبة الأعضاء مع اعتدال القامة في أحسن تقويم! وبعد كل هذا نجدكم يا بني آدمَ مكذبين بيوم الدين:
﴿كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين﴾ ! ارتَدِعوا عن الاغترار بكرمي لكم، فإنكم محاسَبون ومسئولون.
ثم بين لهم ان أعمالَهم مكتوبةٌ يُحصيها عليهم ملائكةٌ كِرام كاتبون ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ من خيرٍ أو شرّ. كما جاء في سورة الزخرف ٨٠ ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ اما كيفية حفظِهم وكتابتهم، وهل عندَهم أوراق وأقلام، او هناك ألواح تُرسَم فيها الأعمال - فلا نعلم عن ذلك شيئا، وإنما نقول: إن قدرة الله كفيلة بأن يخلق من الطرق ما لا يَظلم به عبادَه.
ثم ذكر نتيجة الحساب، والثواب والعقاب، وبيّن ان العاملين في ذلك اليوم فريقان: وبيّن مآل كل منهما فقال:
﴿إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين﴾
ان المؤمنين الأبرار، الصادقين في إيمانهم - سينالون جناتِ النعيم؛ أما الذين جحدوا وانشقّوا عن أمر الله وهم الفجار - ففي النار، يدخلونها بعد الحساب.
﴿وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ﴾
ذلك أن وعْدَ الله حقٌّ، فهم في جهنم لا محالة.
ثم بين الله اهوال ذلك اليوم وشدائده فقال:
﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين﴾.
إنك أيها الانسان تجهل ذلكَ اليومَ العظيم، فهو فوق ما تتصور بشدائده وأهواله.
﴿يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾.
لا أحد يملك نفعا ولا ضرا لنفسه ولا لغيره في ذلك اليوم.. وكلّ إنسانٍ مشغولٌ بنفسه.. والأمر في ذلك اليوم لله وحده، فهو المتفرد بالأمر والنهي، فلا شفيع ولا نصير، واليه المرجع والمآب.
قراءات:
قرأ الجمهور: فعدَّلك بتشديد الدال، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: فعَدَلك بفتح الدال من غير تشديد. وقرأ ابن كثير وابو عمرو يومُ لا تملكُ برفع يوم، والباقون يومَ لا تملِكُ بالنصب.
سورة الإنفطار
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الانفطار) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (النَّازعات)، وقد افتُتحت بإثباتِ البعث وما يَتقدَّمه من أهوالٍ بوصف دقيق؛ تحذيرًا من عقاب الله، ودلالة على عظمتِه سبحانه، ثم جاءت بالتحذير من الانهماك في الدنيا، والاغترارِ بنِعَمِ الله على خَلْقِه، ومن نسيان اليوم الذي يَفصِل اللهُ فيه بين عباده، ويحاسبهم على كلِّ صغيرة وكبيرة.

ترتيبها المصحفي
82
نوعها
مكية
ألفاظها
81
ترتيب نزولها
82
العد المدني الأول
19
العد المدني الأخير
19
العد البصري
19
العد الكوفي
19
العد الشامي
19

* سورة (الانفطار):

سُمِّيت سورة (الانفطار) بذلك؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ} [الانفطار: 1].

* سورة (الانفطار) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان يدعو الصحابةُ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. إثبات البعث وأهواله (١-٥).

2. التحذير من الانهماك في الدنيا (٦-٨).

3. علَّةُ تكذيب الإنسان ليوم الحساب (٩-١٦).

4. ضخامة يوم الحساب (١٧-١٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /57).

يقول البقاعي: «مقصودها: التحذيرُ من الانهماك في الأعمال السيئة؛ اغترارًا بإحسانِ الربِّ وكرمِه، ونسيانًا ليوم الدِّين، الذي يحاسِبُ فيه على النَّقِير والقِطْمِير، ولا تغني فيه نفسٌ عن نفس شيئًا.
واسمها (الانفطار) أدلُّ ما فيها على ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /165).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /170).