تفسير سورة التكوير

النهر الماد من البحر المحيط

تفسير سورة سورة التكوير من كتاب النهر الماد من البحر المحيط
لمؤلفه أبو حيان الأندلسي . المتوفي سنة 745 هـ

﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ الآية، هذه السورة مكية ومناسبتها لما قبلها في غاية الظهور كورت قال ابن عباس: أدخلت في العرش وانكدرت قال ابن عباس: تساقطت وسيرت أي في الجو تسيير السحاب. والعشار أنفس ما عند العرب من المال وتعطيلها تركها مسيبة مهملة حشرت أي جمعت من كل ناحية فقال ابن عباس: جمعت بالموت فلا تبعث ولا تحضر يوم القيامة وسجرت تقدم في الطور.﴿ وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ أي المؤمن مع المؤمن والكافر مع الكافر كقوله:﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً ﴾[الواقعة: ٧].
والمؤودة البنت ووأدها دفنها في التراب كقوله:﴿ أَمْ يَدُسُّهُ فِي ٱلتُّرَابِ ﴾[النحل: ٥٩].
﴿ سُئِلَتْ ﴾ هذه السؤال لتوبيخ الفاعلين للوأد لأن سؤالها يؤدي إلى سؤال الفاعلين وجاءت قتلت بناء على أن الكلام إخبار عنها ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت لقيل قتلت: والصحف المنشورة صحف الأعمال كانت مطوية على الأعمال فنشرت يوم القيامة ليقرأ كل إنسان كتابه، وكشط السماء طيها كطي السجل.﴿ سُعِّرَتْ ﴾ أضرمت وأزلفت قربت.﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ ﴾ من خير تدخل به الجنة أو من شر تدخل به النار، والخنس قال الجمهور: الدراري السبعة الشمس والقمر وزحل وعطارد والمريخ والزهرة والمشتري تجري الخمس مع الشمس والقمر وترجع حتى تخفى مع ضوء الشمس فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس.﴿ عَسْعَسَ ﴾ أقسم بإِقباله وإدباره وتنفسه كونه يجيء معه روح ونسيم فكأنه نفس له على المجاز.﴿ إِنَّهُ ﴾ أي القرآن.﴿ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ الجمهور على أنه جبريل عليه السلام ووصفه بالكريم يقتضي نفي المذام كلها وإثبات صفة المدح اللائقة به.﴿ ثَمَّ ﴾ إشارة إلى عند ذي العرش أنه مطاع في ملائكته المقربين يصدرون عن أمره.﴿ أَمِينٍ ﴾ مقبول القول يصدق فيما يقوله مؤتمن على ما يرسل به من وحي وامتثال أمر.﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ نفي عنه ما كانوا ينسبون إليه ويهتونه به من الجنون.﴿ وَلَقَدْ رَآهُ ﴾ أي رأى الرسول جبريل والأفق الناحية من السماء القريبة.﴿ بِضَنِينٍ ﴾ من قرأ بالظاء أي بمتهم ومن قرأ بالضاد معناه ببخيل.﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ أي الذي يتراءى له إنما هو ملك لا مثل الذي يتراءى للكهان.﴿ فَأيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾ إستضلال لهم حيث نسبوه مرة إلى الجنون ومرة إلى الكهانة ومرة إلى غير ذلك مما هو بريء منه.﴿ إِنْ هُوَ ﴾ أي القرآن.﴿ إِلاَّ ذِكْرٌ ﴾ تذكرة وعظة.﴿ لِمَن شَآءَ ﴾ بدل من للعالمين ثم عذق مشيئة العبد بمشيئة الله تعالى.
سورة التكوير
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المَسَد)، وهي من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما صح في الأثر؛ وذلك لِما أخبَرتْ عنه من الأهوال التي تسبق يومَ القيامة؛ تخويفًا للكفار من عذاب الله الواقع بهم إن بَقُوا على كفرهم، وقد خُتِمت بحقيقةِ الوحي، وإثباتِ مجيئه من عند الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
81
نوعها
مكية
ألفاظها
104
ترتيب نزولها
7
العد المدني الأول
29
العد المدني الأخير
29
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
29

* سورة (التَّكْوير):

سُمِّيت سورة (التَّكْوير) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1].

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

* سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. حقيقة القيامة (١-١٤).

2. حقيقة الوحي (١٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /49).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على تحقيقِ الجزاء صريحًا، وعلى إثبات البعث، وابتُدئ بوصفِ الأهوال التي تتقدمه، وانتُقل إلى وصف أهوال تقع عَقِبَه.

وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذَّبوا به؛ لأنه أوعَدهم بالبعث؛ زيادةً لتحقيقِ وقوع البعث إذ رمَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآنَ بأنه يأتيه به شيطانٌ». "التحرر والتنوير" لابن عاشور (30 /140).