تفسير سورة التكوير

الوجيز للواحدي

تفسير سورة سورة التكوير من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي.
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي عشرون وثمان آيات

﴿إذا الشمس كورت﴾ ذهب ضوؤها
﴿وإذا النجوم انكدرت﴾ تساقطت وتناثرت
﴿وإذا الجبال سيرت﴾ عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثاً
﴿وإذا العشار﴾ يعني: النُّوق الحوامل ﴿عطلت﴾ سُيِّبت وأُهملت تركها أربابها ولم يكن مالٌ أعجب إليهم منها لإيتان ما يشغلهم عنها
﴿وإذا الوحوش حشرت﴾ جُمعت للقصاص
﴿وإذا البحار سجرت﴾ أُوقدت فصارت ناراً ويقال: تقذف الكواكب فيها ثم تضطرم فتصير ناراً
﴿وإذا النفوس زوجت﴾ قُرِن كلُّ أحدٍ بمَنْ يعمل عمله فأُلحق الفاجر بالفاجر والصَّالح بالصَّالح وقيل: قُرنت الأجساد بالأرواح
﴿وإذا الموؤدة﴾ وهي الجارية تدفن حيَّةً ﴿سئلت﴾
﴿بأيِّ ذنب قتلت﴾ وسؤالها سؤال توبيخ لوائدها لأنها تقول: قتلت بغير ذنبٍ وهذا كقوله تعالى لعيسى عليه السلام: ﴿أأنت قلت للنَّاسِ﴾ الآية
﴿وإذا الصحف نشرت﴾ كُتُب الأعمال
﴿وإذا السماء كشطت﴾ قُلعت كما يكشط الغطاء عن الشَّيء
﴿وإذا الجحيم سعِّرت﴾ أُوقدت
﴿وإذا الجنة أزلفت﴾ قرِّبت لأهلها حتى يروها
﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ أي: إذا كانت هذه الأشياء التي تكون في القيامة علمت في ذلك الوقت كلُّ نفسٍ ما أحضرت من عملٍ
﴿فلا أقسم﴾ لا زائدة ﴿بالخنس﴾ وهي النُّجوم الخمس تخنس أَيْ: ترجع في مجراها وراءها وتكنس: تدخل في كناسها أَيْ: تغيب في المواضع التي تغيب فيها فهي الكنَّس جمع كانس
﴿الجوار الكنس﴾
﴿والليل إذا عسعس﴾ أقبل بظلامه وقيل: أدبر
﴿والصبح إذا تنفس﴾ امتدَّ حتى يصير نهاراً بيِّناً
﴿إنه لقول رسول كريم﴾ أي: القرآن لتنزيلُ جبريلٍ
﴿ذي قوة﴾ من صفة جبريل ﴿عند ذي العرش مكين﴾ ذي مكانةٍ ومنزلةٍ
﴿مطاع ثمَّ﴾ تطيعه الملائكة في السَّماء ﴿أَمين﴾ على الوحي
﴿وما صاحبكم﴾ محمد ﷺ ﴿بمجنون﴾ كما زعمتم
﴿ولقد رآه﴾ رأى جبريل عليه السَّلام في صورته ﴿بالأفق المبين﴾ وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق
﴿ما هو﴾ يعني محمدا ﷺ ﴿على الغيب﴾ أي: على الوحي وخبر السماء ﴿بضنين﴾ بمتَّهم أَيْ: هو الثِّقة بما يؤدِّيه عن الله تعالى
﴿ما هو﴾ يعني: القرآن ﴿بقول شيطان رجيم﴾
﴿فأين تذهبون﴾ فأيَّ طريقٍ تسلكون أبينَ من هذه الطَّريقة التي قد بُيِّنت لكم؟
﴿إن هو إلاَّ ذكر﴾ ليس القرآن إلا عظمة ﴿للعالمين﴾
﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾ يتبع الحقَّ ويعمل به ثمَّ أعلمهم أنَّهم لا يقدرون على ذلك إلاَّ بمشيئة الله تعالى فقال:
﴿وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله رب العالمين﴾
سورة التكوير
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المَسَد)، وهي من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما صح في الأثر؛ وذلك لِما أخبَرتْ عنه من الأهوال التي تسبق يومَ القيامة؛ تخويفًا للكفار من عذاب الله الواقع بهم إن بَقُوا على كفرهم، وقد خُتِمت بحقيقةِ الوحي، وإثباتِ مجيئه من عند الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
81
نوعها
مكية
ألفاظها
104
ترتيب نزولها
7
العد المدني الأول
29
العد المدني الأخير
29
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
29

* سورة (التَّكْوير):

سُمِّيت سورة (التَّكْوير) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1].

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

* سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. حقيقة القيامة (١-١٤).

2. حقيقة الوحي (١٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /49).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على تحقيقِ الجزاء صريحًا، وعلى إثبات البعث، وابتُدئ بوصفِ الأهوال التي تتقدمه، وانتُقل إلى وصف أهوال تقع عَقِبَه.

وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذَّبوا به؛ لأنه أوعَدهم بالبعث؛ زيادةً لتحقيقِ وقوع البعث إذ رمَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآنَ بأنه يأتيه به شيطانٌ». "التحرر والتنوير" لابن عاشور (30 /140).