تفسير سورة التكوير

تفسير ابن عباس

تفسير سورة سورة التكوير من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس.
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ﴾ يَقُول تكور كَمَا تكور الْعِمَامَة ويرمى بهَا فِي حجاب النُّور وَيُقَال دهورت وَيُقَال ذهب ضوؤها
﴿وَإِذَا النُّجُوم انكدرت﴾ تساقطت على وَجه الأَرْض
﴿وَإِذَا الْجبَال سُيِّرَتْ﴾ ذهبت عَن وَجه الأَرْض
﴿وَإِذَا العشار﴾ النوق الْحَوَامِل ﴿عُطِّلَتْ﴾ عطلها أَرْبَابهَا اشتغالا بِأَنْفسِهِم
﴿وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ﴾ الْبَهَائِم للْقصَاص وَيُقَال حشرها مَوتهَا
﴿وَإِذَا الْبحار سُجِّرَتْ﴾ فتحت بَعْضهَا فِي بعض المالح فِي العذب فَصَارَت بحراً وَاحِدًا وَيُقَال صيرت نَارا
﴿وَإِذَا النُّفُوس زُوِّجَتْ﴾ قرنت بالأزواج وَيُقَال قرنت بقرينها الْمُؤمن بحور الْعين وَالْكَافِر بالشيطان والصالح بالصالح والفاجر بالفاجر
﴿وَإِذا الموؤودة﴾ المقتولة المدفونة ﴿سُئِلَتْ﴾ أَي سَأَلت أَبَاهَا
﴿بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ بِأَيّ ذَنْب قتلتني وَيُقَال وَإِذا الوائد يَعْنِي الْقَاتِل سُئِلَ بِأَيّ ذَنْب قتلتها
﴿وَإِذَا الصُّحُف﴾ ديوَان الْحَسَنَات والسيئات ﴿نُشِرَتْ﴾ لِلْحسابِ وَيُقَال تطايرت فِي الأكف
﴿وَإِذَا السمآء كُشِطَتْ﴾ نزعت من أماكنها وطويت
﴿وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ﴾ أوقدت للْكَافِرِينَ
﴿وَإِذَا الْجنَّة أُزْلِفَتْ﴾ قربت لِلْمُتقين
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ علمت كل نفس برة أَو فاجرة عِنْد ذَلِك ﴿مَّآ أَحْضَرَتْ﴾ مَا قدمت من خير أَو شَرّ
(فَلاَ أُقْسِمُ) يَقُول أقسم ﴿بالخنس﴾ وَهِي النُّجُوم الَّتِي يخنسن بِالنَّهَارِ ويظهرن بِاللَّيْلِ
﴿الْجوَار الكنس﴾ ويجرين بِاللَّيْلِ إِلَى المجرة يكنسن بِالنَّهَارِ ثمَّ يرجعن إِلَى أماكنهن ويغبن وكنوسهن غيبوبتهن وسقوطهن رجوعهن إِلَى أماكنهن وَهِي هَذِه الأنجم الْخَمْسَة زهرَة وزحل ومريخ ومشتري وَعُطَارِد
﴿وَاللَّيْل إِذَا عَسْعَسَ﴾ إِذا أدبر وَذهب
﴿وَالصُّبْح إِذَا تَنَفَّسَ﴾ إِذا أقبل واستضاء أقسم الله بِهَذِهِ الْأَشْيَاء
﴿إِنَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ يَقُول الله نزل بِهِ جِبْرِيل على رَسُول كريم على الله يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ على أعدائه يَعْنِي بِهِ جِبْرِيل ﴿عِندَ ذِي الْعَرْش مَكِينٍ﴾ عِنْد الله لَهُ الْقدر والمنزلة
﴿مُّطَاعٍ﴾ يَعْنِي جِبْرِيل مُطَاع ﴿ثَمَّ﴾ فِي السَّمَاء يطيعه الْمَلَائِكَة ﴿أَمِينٍ﴾ على الرسَالَة إِلَى أنبيائه
﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ﴾ نَبِيكُم مُحَمَّد يَا معشر قُرَيْش ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ يختنق كَمَا تَقولُونَ
﴿وَلَقَد رَآهُ﴾ رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل ﴿بالأفق الْمُبين﴾ بمطلع الشَّمْس الْمُرْتَفع
﴿وَمَا هُوَ﴾ يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿عَلَى الْغَيْب﴾ على الْوَحْي ﴿بِضَنِينٍ﴾ بمتهم وَيُقَال ببخيل إِن قَرَأت بالضاد
﴿وَمَا هُوَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ﴾ متمرد لعين واسْمه المرمي
﴿فَأيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ من عَذَاب الله يَا معشر الْكفَّار وَأمره وَنَهْيه وَيُقَال فاين تذهبون من أَيْن تكذبون وَيُقَال فَأَيْنَ تميلون عَن الْقُرْآن فَلَا تؤمنون بِهِ
﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿إِلاَّ ذِكْرٌ﴾ عظة من الله ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾ الْجِنّ وَالْإِنْس
﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ﴾ على مَا أمره الله من التَّوْحِيد وَغَيره
﴿وَمَا تشاؤون﴾ من الاسْتقَامَة والتوحيد ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ لكم ذَلِك ﴿رَبُّ الْعَالمين﴾ رب كل ذِي روح دب على وَجه الأَرْض من أهل السَّمَاء وَالْأَرْض
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الانفطار وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع عشرَة وكلماتها ثَمَانُون كلمة وحروفها مائَة وَسَبْعَة
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
سورة التكوير
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المَسَد)، وهي من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما صح في الأثر؛ وذلك لِما أخبَرتْ عنه من الأهوال التي تسبق يومَ القيامة؛ تخويفًا للكفار من عذاب الله الواقع بهم إن بَقُوا على كفرهم، وقد خُتِمت بحقيقةِ الوحي، وإثباتِ مجيئه من عند الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
81
نوعها
مكية
ألفاظها
104
ترتيب نزولها
7
العد المدني الأول
29
العد المدني الأخير
29
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
29

* سورة (التَّكْوير):

سُمِّيت سورة (التَّكْوير) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1].

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

* سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. حقيقة القيامة (١-١٤).

2. حقيقة الوحي (١٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /49).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على تحقيقِ الجزاء صريحًا، وعلى إثبات البعث، وابتُدئ بوصفِ الأهوال التي تتقدمه، وانتُقل إلى وصف أهوال تقع عَقِبَه.

وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذَّبوا به؛ لأنه أوعَدهم بالبعث؛ زيادةً لتحقيقِ وقوع البعث إذ رمَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآنَ بأنه يأتيه به شيطانٌ». "التحرر والتنوير" لابن عاشور (30 /140).