تفسير سورة التكوير

لطائف الإشارات

تفسير سورة سورة التكوير من كتاب لطائف الإشارات
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة أثلجت من قوم قلوبا، وأوهجت من آخرين قلوبا ؛ من المطيعين أثلجتها، ومن العاصين أوهجتها، ومن المريدين أبهجتها، ومن العارفين أزعجتها.

قوله جلّ ذكره :﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾.
ذَهَبَ ضَوْؤُها.
تناثرت وسقطت عَلَى الأرض.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾.
أُزِيلَتْ عنها مناكبُها.
وهي النُّوق الحواملُ التي أتى حَمْلُها عَشْرَةَ أشهر. . . أهملت في ذلك اليوم لشدة أهواله، ( واشتغال الناس بأنفسهم عنها ).
أُحْيِيَتْ، وجُمِعَتْ في القيامة لِيُقْتَصَّ لبعضها من بعض ؛ فيقتصّ للجّماء من القَرْناء - وهذا على جهة ضَرْبِ المثل ؛ إذ لا تكليف عليها.
ولا يبعد أن يكون بإيصال منافع إلى ما وصل إليه الالم - اليومَ- على العِوَضِ. . جوازاً لا وجوباً على ما قالَه أهلُ البِدَع.
أُوقدت - مِنْ سَجَرْتُ التنور أُسْجُرُه سَجْراً، أي : أَحْمَيْتُه.
بالأزواج.
نُشِرَتْ، أي : بُسِطَت.
أي : نُزِعَتْ وطُوِيَتْ.
أُوقِدَت.
أي : قُرِّبَتْ من المتقين.
قوله جلّ ذكره :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ ﴾.
هو جوابٌ لهذه الأشياء، وهذه الأشياء تحصل عند قيام القيامة.
وفي قيام هذه الطائفة ( يقصد الصوفية ) عند استيلاء هذه الأحوال عليهم، وتجلِّي هذه المعاني لقلوبهم توجد هذه الأشياء.
فمن اختلاف أحوالهم : أنَّ لشموسهم في بعض الأحيان كسوفاً وذلك عندما يُرَدُّون.
ونجومُ علومِهم قد تنكدر لاستيلاء الهوى على المريدين في بعض الأحوال، فعند ذلك ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ ﴾.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجِوَارِ الْكُنَّسِ ﴾.
أي : أُقْسِمُ، والخُنَّس والكُنَّس هي النجوم إذا غربت.
ويقال : البقر الوحشي.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:قوله جلّ ذكره :﴿ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجِوَارِ الْكُنَّسِ ﴾.
أي : أُقْسِمُ، والخُنَّس والكُنَّس هي النجوم إذا غربت.
ويقال : البقر الوحشي.

قوله جلّ ذكره :﴿ وَالَّليْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾.
عسعس. أي جاءَ وأقبل.
﴿ نَفْسٌ ﴾ : خرج من جوف الليلِ.
أقسم بهذه الأشياء، وجواب القسم :
﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾.
إن هذا القرآنَ لقولُ رسولٍ كريمٍ، يعني به جبريل عليه السلام.
﴿ مَكِينٍ ﴾ من المكانة، وقد بلغ من قوته أنه قلع قرية آلِ لوطٍ وقلَبَها.
وهذا أيضاً من جواب القَسَم.
رأى محمدٌ جبريلَ عليه السلام بالأفق المبين ليلةَ المعراج.
ويقال : رأى ربَّه وكان صلى الله عليه وسلم بالأفق المبين.
بمُتَّهَمٍ.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾.
إلى متى تتطوحون في أودية الظنون والحسبان ؟
وإلى أين تذهبون عن شهود مواضع الحقيقة ؟
وهلاَّ رجعتم إلى مولاكم فيما سَرَّكم أو أساءَكم ؟
ما هذا القرآن إِلاَّ ذكرى ﴿ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾. . . وقد مضى القولُ في الاستقامة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:ما هذا القرآن إِلاَّ ذكرى ﴿ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾... وقد مضى القولُ في الاستقامة.
أَنْ يشاؤوا.
سورة التكوير
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المَسَد)، وهي من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما صح في الأثر؛ وذلك لِما أخبَرتْ عنه من الأهوال التي تسبق يومَ القيامة؛ تخويفًا للكفار من عذاب الله الواقع بهم إن بَقُوا على كفرهم، وقد خُتِمت بحقيقةِ الوحي، وإثباتِ مجيئه من عند الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
81
نوعها
مكية
ألفاظها
104
ترتيب نزولها
7
العد المدني الأول
29
العد المدني الأخير
29
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
29

* سورة (التَّكْوير):

سُمِّيت سورة (التَّكْوير) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1].

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

* سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. حقيقة القيامة (١-١٤).

2. حقيقة الوحي (١٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /49).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على تحقيقِ الجزاء صريحًا، وعلى إثبات البعث، وابتُدئ بوصفِ الأهوال التي تتقدمه، وانتُقل إلى وصف أهوال تقع عَقِبَه.

وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذَّبوا به؛ لأنه أوعَدهم بالبعث؛ زيادةً لتحقيقِ وقوع البعث إذ رمَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآنَ بأنه يأتيه به شيطانٌ». "التحرر والتنوير" لابن عاشور (30 /140).