تفسير سورة التكوير

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة التكوير من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ وإذا البحار سُجِّرت ﴾ [ التكوير : ٦ ] أي أُوقدت فصارت نارا.
قال ذلك هنا، وقال في الانفطار ﴿ وإذا البحار فُجّرت ﴾ [ الانفطار : ٣ ] أي سالت مياهها على الأرض، فصارت بحرا واحدا، واختلط العذب بالملح، موافقة في الأول لقوله بعده ﴿ سُعّرت ﴾ [ التكوير : ١٢ ] ليقع الوعيد بتسجير البحار وتسعير النار، وفي الثاني لقوله :﴿ وإذا الكواكب انتثرت ﴾ [ الانفطار : ٢ ] أي تساقطت على الأرض، وصيرورة البحار نارا مسجّرة، يصير أحدهما في وقت، والآخر في آخر، لطول يوم القيامة.
قوله تعالى :﴿ وإذا الموؤودة سئلت بأيّ ذنب قتلت ﴾ ؟ [ التكوير : ٨، ٩ ].
فإن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن سؤال ما ذُكر إنما يحسن من القاتل لا من المقتول ؟
قلتُ : إنما سُئلت لتبكيت قاتلها، وتوبيخه بما يجيب به، فإنها قُتلت بغير ذنب. ونظيره قوله تعالى لعيسى عليه السلام :﴿ أأنت قلت للناس اتّخذوني وأمي إلهين من دون الله... ﴾ ؟ [ المائدة : ١١٦ ].
قوله تعالى :﴿ علمت نفس ما أحضرت ﴾ [ التكوير : ١٤ ] أي علمت كلّ نفس، لقوله تعالى :﴿ يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ] الآية.
فإن قلتَ : لم ختم الآية هنا بقوله :﴿ ما أحضرت ﴾ أي من خير وشرّ، وفي الانفطار بقوله :﴿ علمت نفس ما قدّمت وأخّرت ﴾ [ الانفطار : ٥ ] أي ما قدّمته من الأعمال، وما أخّرته منها فلم تعمله( ١ ).
قلتُ : رعاية للمناسبة، إذْ شروط الجواب هنا طالت بكثرتها، فحسُن اختصاره ليوقف عليه، وشروطه ثَمَّ قصُرت بقلَّتها، فحسن بسطه، تيسُّر الوقف عليه حينئذ.
١ - قال الإمام الطبري: ما قدّمت من عمل صالح، وما أخّرت من شيء سنَّه، فعُمل به بعده، وما ذكره الطبري أولى مما قاله المصنف..
سورة التكوير
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المَسَد)، وهي من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما صح في الأثر؛ وذلك لِما أخبَرتْ عنه من الأهوال التي تسبق يومَ القيامة؛ تخويفًا للكفار من عذاب الله الواقع بهم إن بَقُوا على كفرهم، وقد خُتِمت بحقيقةِ الوحي، وإثباتِ مجيئه من عند الله عز وجل.

ترتيبها المصحفي
81
نوعها
مكية
ألفاظها
104
ترتيب نزولها
7
العد المدني الأول
29
العد المدني الأخير
29
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
29

* سورة (التَّكْوير):

سُمِّيت سورة (التَّكْوير) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1].

سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

* سورة (التَّكْوير) من السُّوَر التي وصفت أحداثَ يوم القيامة بدقة؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الصحابةَ إلى قراءتها:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن سَرَّه أن ينظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّه رأيَ عينٍ، فَلْيَقرأْ: {إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنفَطَرَتْ}، و{إِذَا اْلسَّمَآءُ اْنشَقَّتْ}». أخرجه الترمذي (٣٣٣٣).

1. حقيقة القيامة (١-١٤).

2. حقيقة الوحي (١٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /49).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على تحقيقِ الجزاء صريحًا، وعلى إثبات البعث، وابتُدئ بوصفِ الأهوال التي تتقدمه، وانتُقل إلى وصف أهوال تقع عَقِبَه.

وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذَّبوا به؛ لأنه أوعَدهم بالبعث؛ زيادةً لتحقيقِ وقوع البعث إذ رمَوُا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآنَ بأنه يأتيه به شيطانٌ». "التحرر والتنوير" لابن عاشور (30 /140).