تفسير سورة المدّثر

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٦٥١- أنا محمدُ بن رافعٍ، نا حُجين بن المُثَنَّى، نا اللَّيثُ، عن ابن شهابٍ، قال: سمعتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابرُ بن عبد اللهِ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"... ثم فتر الوحيُ عنِّي فترةً، فبينما أنا أمشي سمعتُ صوتاً بين السَّماءِ والأرض فرفعتُ بصري قِبَلَ السَّماءِ، فإذا الملكُ الذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السماءِ والأرضِ، فجُئِثْتُ فرقاً حتى هويتُ إلى الأرض. فجئتُ أهلي فقلت: زَمِّلُوني زَمِّلُوني، فَدَثَّرُوني فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ ﴾ [١-٥] "- قال أبو سلمةَ: الرُّجْزُ: الأوثانُ -" ثم حَمِيَ الوَحَيُ وتَتَابعَ ". ٦٥٢- أخبرني محمودُ بن خالدٍ، نا عمرُ، عن الأوزاعيِّ قال: حدَّثني يحيى بنُ أبي كثيرٍ قال: سألتُ أبا سلمة: أيُّ القُرآنِ نزلَ قبلُ؟ قال: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ ﴾ [١] قُلتُ: أو﴿ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ﴾[العلق: ١] قال: سألتُ جابر بن عبد اللهِ: أيُّ القرآنِ نزل قبلُ ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ ﴾ قلتُ: أو﴿ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ﴾[العلق: ١]؟قال جابرٌ: ألا أُحدثُكم بما حدثنا به رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:" جاورتُ بحراءٍ شهراً فلما قضيتُ جواري نزلت فاستبطنتُ بطن الوادي فنُوديتُ، فنظرتُ أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي فلم أر شيئاً،/ ثم نُوديتُ فنظرتُ أمامي وخلفي فلم أر شيئاً، ثم نُوديتُ فنظرتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئاً ثم نظرتُ إلى السماءِ فإذا هو على العرشِ في الهواءِ فأخذتني رجفةٌ فأتيتُ خديجة فأمرتهم فدثروني فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [١-٤] ".- قال أبو عبد الرحمنِ: خالفهُ شيبانُ. ٦٥٣- أنا الربيعُ بن محمد بن عيسى، نا آدمُ، نا شيبانُ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدَّثني إبراهيم بن عبد الله بن قارظٍ الزُّهريُّ، أن جابر بن عبد اللهِ أخبرهُ أنَّ أولَ شيءٍ نزل من القرآن: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ ﴾.
قال جابرٌ: سمعتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:" جاورتُ بحراءٍ فلمَّا قضيتُ جواري أقبلتُ في بطنِ الوادي، فنادى مُنادي، فنظرتُ عن يميني وشمالي وخلفي فلم أر شيئاً، فنظرتُ فوقي فإذا جبريل جالسٌ على عرشٍ بين السماء والأرضِ فجُئِثتُ منهُ فأقبلتُ إلى خديجة فقلتُ: دثِّرُوني دَثِّرونِي، فَدَثَّرُوني وَصَبُّوا عليَّ ماءً بارداً، فأُنزل: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ ﴾ [١] ".
قوله تعالى: ﴿ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ ﴾ [٥٦]٦٥٠- أنا محمدُ بن عبد اللهِ بن عمَّارٍ، عن المُعافى - وهو: ابنُ عمران، عن سهل بن أبي حزمٍ، نا ثابتٌ البُنانيُّ، عن أنس بن مالكٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في قوله ﴿ هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ ﴾ قال:" يقول ربكم أنا أهلٌ أن أُتَّقَى أن يُجعل معي إلهٌ غيري، ومن اتَّقَى أن يجعل معي إلهاً غيري فأنا أهلٌ أن أغفر له ".
سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).