تفسير سورة المدّثر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ﴾ [ المدثر : ٩، ١٠ ].
فائدة ذكره بعد قوله :﴿ فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين ﴾ رفع توهّم أن يُراد ب " عسير " عسير يُرجى تيسيرُه، كما يرجى تيسير العسر من أمور الدنيا، وقيل : فائدته التوكيد.
قوله تعالى :﴿ إنه فكّر وقدّر فقُتل كيف قدّر ثم قتل كيف قدّر ﴾ [ المدثر : ١٨-٢٠ ].
ذكر " قدر " ثلاث مرات، و " قُتل كيف قدّر " مرتين، لأن المعنى أن الوليد( ١ ) فكّر في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وما أتى به، وقدّر ماذا يمكنه أن يقول فيهما، فقال الله :﴿ فقُتل كيف قدّر ﴾ أي على أي حال كان تقديره، فالتقدير الأول مغاير للثاني والثالث، لاختلاف المقدَّر، وقوله :﴿ ثم قتل كيف قدر ﴾ كرّره للمبالغة فهو تأكيد، ولزم منه أن " قَدّر " الثالث تأكيد للثاني، وأن " قُتِل " الثاني تأكيد للأول، و " ثُمّ " للدلالة على أن مدخولها أبلغ ممّا قبلها.
وقيل : المراد بالقتل الأول : لغو الوليد وتعذيبه، فهو مغاير للثاني.
١ - هو "الوليد بن المغيرة" الذي سمع القرآن وتأثر به، وكاد أن يسلم وقال لقومه: لقد سمعت كلاما ما هو من كلام الإنس ولا الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وأنه ليعلو وما يُعلى عليه. الخ وانظر قصته في كتابنا صفوة التفاسير ٢/٤٧٥..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:قوله تعالى :﴿ إنه فكّر وقدّر فقُتل كيف قدّر ثم قتل كيف قدّر ﴾ [ المدثر : ١٨-٢٠ ].
ذكر " قدر " ثلاث مرات، و " قُتل كيف قدّر " مرتين، لأن المعنى أن الوليد( ١ ) فكّر في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وما أتى به، وقدّر ماذا يمكنه أن يقول فيهما، فقال الله :﴿ فقُتل كيف قدّر ﴾ أي على أي حال كان تقديره، فالتقدير الأول مغاير للثاني والثالث، لاختلاف المقدَّر، وقوله :﴿ ثم قتل كيف قدر ﴾ كرّره للمبالغة فهو تأكيد، ولزم منه أن " قَدّر " الثالث تأكيد للثاني، وأن " قُتِل " الثاني تأكيد للأول، و " ثُمّ " للدلالة على أن مدخولها أبلغ ممّا قبلها.
وقيل : المراد بالقتل الأول : لغو الوليد وتعذيبه، فهو مغاير للثاني.
١ - هو "الوليد بن المغيرة" الذي سمع القرآن وتأثر به، وكاد أن يسلم وقال لقومه: لقد سمعت كلاما ما هو من كلام الإنس ولا الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وأنه ليعلو وما يُعلى عليه. الخ وانظر قصته في كتابنا صفوة التفاسير ٢/٤٧٥..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:قوله تعالى :﴿ إنه فكّر وقدّر فقُتل كيف قدّر ثم قتل كيف قدّر ﴾ [ المدثر : ١٨-٢٠ ].
ذكر " قدر " ثلاث مرات، و " قُتل كيف قدّر " مرتين، لأن المعنى أن الوليد( ١ ) فكّر في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وما أتى به، وقدّر ماذا يمكنه أن يقول فيهما، فقال الله :﴿ فقُتل كيف قدّر ﴾ أي على أي حال كان تقديره، فالتقدير الأول مغاير للثاني والثالث، لاختلاف المقدَّر، وقوله :﴿ ثم قتل كيف قدر ﴾ كرّره للمبالغة فهو تأكيد، ولزم منه أن " قَدّر " الثالث تأكيد للثاني، وأن " قُتِل " الثاني تأكيد للأول، و " ثُمّ " للدلالة على أن مدخولها أبلغ ممّا قبلها.
وقيل : المراد بالقتل الأول : لغو الوليد وتعذيبه، فهو مغاير للثاني.
١ - هو "الوليد بن المغيرة" الذي سمع القرآن وتأثر به، وكاد أن يسلم وقال لقومه: لقد سمعت كلاما ما هو من كلام الإنس ولا الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وأنه ليعلو وما يُعلى عليه. الخ وانظر قصته في كتابنا صفوة التفاسير ٢/٤٧٥..

قوله تعالى :﴿ لا تُبقي ولا تذر لوّاحة للبشر عليها تسعة عشر ﴾ [ المدثر : ٢٨-٣٠ ].
قيل : معناهما واحد، أي لا تُبقي ولا تذر للكفار شيئا، من لحم ولا عصب إلا أهلكته، ثم يعود كما كان. وقيل : متغايران، أي لا تُبقي لهم لحما، ولا تذر لهم عظما، أو لا تُبقيهم أحياء، ولا تذرهم أمواتا.
فإن قلتَ : لأي معنى خصّ عدد خزنة جهنم ب " تسعة عشر " ؟   !
قلتُ : لأنها موافقة لعدد أسباب فساد النفس الإنسانية( ١ )، وهي القُوى " الإنسانية، والطبيعية " إذِ القوى الإنسانية إثنتا عشر : الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشهوة والغضب.
والقوى الطبيعية سبعة : الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة، والغاذية، والنّامية، والمولِّدة، والمجموع تسعة عشر.
١ - هذا التعليل لعدد خزنة جهنم بأسباب فساد النفس غريب وبعيد، والأظهر أن يُقال: إنه ابتلاء وامتحان لإيمان الناس، ثم هو موافق لما جاء في التوراة والإنجيل من أن عدد خزنة جهنم تسعة عشر ملكا، ولهذا قال تعالى: ﴿وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا﴾ والله أعلم..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٨:قوله تعالى :﴿ لا تُبقي ولا تذر لوّاحة للبشر عليها تسعة عشر ﴾ [ المدثر : ٢٨-٣٠ ].
قيل : معناهما واحد، أي لا تُبقي ولا تذر للكفار شيئا، من لحم ولا عصب إلا أهلكته، ثم يعود كما كان. وقيل : متغايران، أي لا تُبقي لهم لحما، ولا تذر لهم عظما، أو لا تُبقيهم أحياء، ولا تذرهم أمواتا.
فإن قلتَ : لأي معنى خصّ عدد خزنة جهنم ب " تسعة عشر " ؟   !
قلتُ : لأنها موافقة لعدد أسباب فساد النفس الإنسانية( ١ )، وهي القُوى " الإنسانية، والطبيعية " إذِ القوى الإنسانية إثنتا عشر : الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشهوة والغضب.
والقوى الطبيعية سبعة : الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة، والغاذية، والنّامية، والمولِّدة، والمجموع تسعة عشر.
١ - هذا التعليل لعدد خزنة جهنم بأسباب فساد النفس غريب وبعيد، والأظهر أن يُقال: إنه ابتلاء وامتحان لإيمان الناس، ثم هو موافق لما جاء في التوراة والإنجيل من أن عدد خزنة جهنم تسعة عشر ملكا، ولهذا قال تعالى: ﴿وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا﴾ والله أعلم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٨:قوله تعالى :﴿ لا تُبقي ولا تذر لوّاحة للبشر عليها تسعة عشر ﴾ [ المدثر : ٢٨-٣٠ ].
قيل : معناهما واحد، أي لا تُبقي ولا تذر للكفار شيئا، من لحم ولا عصب إلا أهلكته، ثم يعود كما كان. وقيل : متغايران، أي لا تُبقي لهم لحما، ولا تذر لهم عظما، أو لا تُبقيهم أحياء، ولا تذرهم أمواتا.
فإن قلتَ : لأي معنى خصّ عدد خزنة جهنم ب " تسعة عشر " ؟   !
قلتُ : لأنها موافقة لعدد أسباب فساد النفس الإنسانية( ١ )، وهي القُوى " الإنسانية، والطبيعية " إذِ القوى الإنسانية إثنتا عشر : الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشهوة والغضب.
والقوى الطبيعية سبعة : الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة، والغاذية، والنّامية، والمولِّدة، والمجموع تسعة عشر.
١ - هذا التعليل لعدد خزنة جهنم بأسباب فساد النفس غريب وبعيد، والأظهر أن يُقال: إنه ابتلاء وامتحان لإيمان الناس، ثم هو موافق لما جاء في التوراة والإنجيل من أن عدد خزنة جهنم تسعة عشر ملكا، ولهذا قال تعالى: ﴿وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا﴾ والله أعلم..

سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).