تفسير سورة المدّثر

إيجاز البيان

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان.
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ

ومن سورة المدثر
٤ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: لا تلبسها «١» على غدر ولا إثم «٢». [وقيل: قلبك طهّر] «٣».
٥ وَالرُّجْزَ بالكسر «٤» : العذاب، وبالضمّ: الأوثان.
٦ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ: لا تعط شيئا لتصيب أكثر منه «٥». وقيل «٦» : لا تمنن لعملك تستكثر على ربك. وقيل «٧» : لا تنقص من الخير تستكثر الثّواب.
٨ النَّاقُورِ: أول النّفختين، فاعول من «النّقر».
١١ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ: الوليد بن المغيرة «٨»، وَحِيداً: لا مال ولا بنين.
(١) في «ج» : أي الثياب الملبوسة، فَطَهِّرْ: نقها مما يفسد الصلاة. وقيل: لا تلبسها على غدر ولا إثم.
(٢) ذكره الفراء في معانيه: ٣/ ٢٠٠، ونقله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٤٩٥ عن سفيان ابن عيينة.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (٢٩/ ١٤٤، ١٤٥) عن ابن عباس، وعكرمة.
(٣) ما بين معقوفين عن «ك»، وذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: ٤/ ٣٤١، ونقله البغوي في تفسيره: ٤/ ٤١٣ عن سعيد بن جبير، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: ٨/ ٤٠١.
(٤) هذه قراءة السبعة إلّا عاصما كما في السبعة لابن مجاهد: ٦٥٩، والتبصرة لمكي: ٣٦٤ وانظر معنى القراءتين في معاني الفراء: ٣/ ٢٠١، وتفسير الطبري: ٢٩/ ١٤٧، والكشف لمكي: ٢/ ٣٤٧.
(٥) ذكره الفراء في معانيه: ٣/ ٢٠١، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٤٩٦، وأخرجه الطبري في تفسيره: (٢٩/ ١٤٨، ١٤٩) عن ابن عباس، وعكرمة، والضحاك، ومجاهد، وقتادة.
قال البغوي في تفسيره: ٤/ ٤١٤: «هذا قول أكثر المفسرين».
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره: ٢٩/ ١٤٩ عن الحسن، والربيع بن أنس.
(٧) نقله الماوردي في تفسيره: ٤/ ٣٤٣ عن مجاهد، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير:
٨/ ٤٠٢.
(٨) كما في تفسير الطبري: ٢٩/ ١٢، وتفسير الماوردي: ٤/ ٣٤٤، وأسباب النزول للواحدي:
٥١٤، وتفسير ابن كثير: ٨/ ٢٩٢، ومفحمات الأقران: ٢٠٢. [.....]
١٣ وَبَنِينَ شُهُوداً: كانوا عشرة بنين لا يغيبون عن عينه.
١٧ سَأُرْهِقُهُ: أعجله بعنف، صَعُوداً: عقبة في النار «١».
٢٩ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ: مسوّدة للجلود «٢». وقيل «٣» : معطشة للنّاس.
٣٠ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ: هكذا ذكره في الكتب المتقدمة، فذكره كذا في القرآن ليستيقنوا.
وقيل: التسعة نهاية الآحاد، والعشرة بداية العشرات، وتسعة عشر جامعة لهما لأكثر القليل وأقل الكثير فكان أجمع الأعداد فجعلت بحسابها خزنة النّار «٤».
٣١ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ: من كثرتهم «٥».
وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى: أي: هذه النّار «٦».
(١) قال الفخر الرازي في تفسيره: ٣٠/ ٢٠٠: «وفي الصعود» قولان:
الأول: أنه مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعب الذي لا يطاق مثل قوله: يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً، و «صعود» من قولهم: عقبة صعود وكدود: شاقه المصعد.
والثاني: أن صَعُوداً اسم لعقبة في النار كلما وضع يده عليها ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت، وعنه عليه الصلاة والسلام: «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه أبدا» اه-.
ينظر الحديث عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في مسند الإمام أحمد: ٣/ ٧٥، وسنن الترمذي: ٥/ ٤٢٩، كتاب التفسير، تفسير سورة الأنبياء، حديث رقم (٣٣٢٦)، وتفسير الطبري: ٢٩/ ١٥٥، والمستدرك للحاكم: ٢/ ٥٠٧، كتاب التفسير، سورة المدثر.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) معاني القرآن للفراء: ٣/ ٢٠٣، وتفسير الطبري: ٢٩/ ١٥٩، ومعاني الزجاج: ٥/ ٢٤٧، وتفسير البغوي: ٤/ ٤١٦، وتفسير القرطبي: ١٩/ ٧٧.
(٣) نقله الماوردي في تفسيره: ٤/ ٣٤٨ عن الأخفش.
واللّوح: العطش كما في المفردات للراغب: ٤٥٦، واللسان: ٢/ ٥٨٥ (لوح).
(٤) ينظر ما سبق في تفسير الماوردي: ٤/ ٣٤٩.
(٥) تفسير الطبري: ٢٩/ ١٦٢.
(٦) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٢٩/ ١٦٢ عن قتادة، ومجاهد.
ونقله الماوردي في تفسيره: ٤/ ٣٥٠ عن قتادة.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٥/ ٢٤٨، وتفسير البغوي: ٤/ ٤١٧.
٣٣ إِذْ أَدْبَرَ: جاء بعد النّهار. دبر الشّيء وأدبر. وقبل وأقبل «١».
٣٨ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ. قال قتادة»
: غلق النّاس إلّا أصحاب اليمين، ثم قرأ: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ «٣».
٥٠ مُسْتَنْفِرَةٌ: بكسر الفاء نافرة، وبفتحها «٤» منفّرة.
و «القسورة» : الرماة «٥». وقيل «٦» : الأسد، فعولة من «القسر».
٥٦ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى: أهل أن يتقى.
ومن سورة القيامة
١ لا أُقْسِمُ: دخول/ لا لتأكيد القسم، والإثبات من طريق النّفي [١٠٣/ ب]
(١) بمعنى واحد كما في معاني القرآن للفراء: ٣/ ٢٠٤، وتفسير الطبري: ٢٩/ ١٦٢، ومعاني الزجاج: ٥/ ٢٤٨.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره: ٢٩/ ١٦٥، وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٨/ ٤١٨، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد عن قتادة.
(٣) سورة الأنعام: آية: ٦٩.
(٤) بالفتح قراءة نافع، وابن عامر كما في السبعة لابن مجاهد: ٦٦٠، والتبصرة لمكي: ٣٦٤، والتيسير للداني: ٢١٦.
وانظر توجيه القراءتين في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٤٩٨، والكشف لمكي:
٢/ ٣٤٧، وتفسير القرطبي: ١٩/ ٨٩، والبحر المحيط: ٨/ ٣٨٠.
(٥) ذكره الفراء في معانيه: ٣/ ٢٠٦، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٤٩٨، وأخرجه الطبري في تفسيره: (٢٩/ ١٦٨، ١٦٩) عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وعكرمة.
(٦) بلسان الحبشة، وقيل: بلغة قريش.
ينظر: كتاب اللغات الواردة في القرآن لأبي عبيدة: ٣٠٢.
ومعاني القرآن للفراء: ٣/ ٢٧٦، والبحر المحيط: ٨/ ٣٨٠، واللسان: ٥/ ٩٢ (قسر).
وروى هذا القول عن أبي هريرة، وابن عباس، وزيد بن أسلم رضي الله تعالى عنهم.
ينظر تفسير الطبري: ٢٩/ ١٧٠، وتفسير ابن كثير: ٨/ ٢٩٨، والدر المنثور:
٨/ ٣٣٩.
سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).