تفسير سورة المدّثر

لطائف الإشارات

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب لطائف الإشارات
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة سماعها نزهة قلوب الفقراء، كلمة سماعها بهجة أسرار الضعفاء، راحة أرواح الأحباء، قوة قلوب الأولياء، سلوة صدور الأصفياء، قرة عيون أهل البلاء.

قوله جلّ ذكره :﴿ يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ ﴾.
يا أيها المتدثر بثوبه.
وهذه السورة من أول ما أُنْزِلَ من القرآن. قيل : إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إلى حِرَاء قبل النُّبُوة، فَبَدا له جبريلُ في الهواء، فرجع الرسول إلى بيت خديجة وهو يقول " دثِّروني دثِّروني " فَدُثِّرَ بثوبٍ فنزل عليه جبريل وقال :﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأنذِرْ ﴾ وقيل : أيها الطالبُ صَرْفَ الأذى عنك بالدثار اطلبْه بالإنذار.
ويقال : قُمْ بنا، وأَسْقِطْ عنك ما سوانا، وأَنذِر عبادَنا ؛ فلقد أقمناك بأشرف المواقف، ووقفناك بأعلى المقامات.
ويقال : لمَّا سَكَنَ إلى قوله ﴿ قُمِ ﴾ وقام قَطَعَ عن السُّكونِ إلى قيامِه، ومن الطمأنينة في قيامه.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾.
كَبِّرُه عن كلِّ طَلَبٍ، ووَصْلٍ وفَصْلٍ، وعِلَّةٍ وخَلْقٍ.
طَهِّرْ قلبك عن الخلائق أجمع، وعن كلِّ صفةٍ مذمومة.
وطَهِّرْ نَفْسَك عن الزَّلاَّت، وقلبَك عن المخالفات، وسِرَّك عن الالتفاتات.
ويقال : أَهْلَكَ طَهِّرْهم بالوعظ ؛ قال تعالى :﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ]، فيعبر عنهن - أحياناً - بالثياب واللِّباس.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾.
أي : المعاصي. ويقال : الشيطان. ويقال : طهِّرْ قلبَك من الخطايا وأشغال الدنيا.
ويقال : مَنْ لا يَصِحُّ جِسْمُه لا يجد شهوةَ الطعام كذلك مَنْ لا يَصِحُّ قلبُه لا يجد حلاوةَ الطاعة.
لا تُعْطِ عطاءَ تطلب به زيادةٍ على ما تعطيه.
ويقال : لا تستكثِرْ الطاعةَ من نفسك.
ويقال : لا تمنُنْ بعملك فتَسْتكثِرَ عملك، وتُعْجَبَ به.
أي : أنت تُؤَذَى في اللَّهِ. فاصبرْ على مقاساةِ أذاهم.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَإِِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾.
يعني : إذا قامت القيامةُ، فذلك يومٌ عسيرٌ على الكافرين غيرُ هيِّنٍ.
قوله جلّ ذكره :﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾.
أي : لا تهتمْ بشأنهم، ولا تَحْتَفِلْ ؛ فإنِّي أكفيكَ أمرَهم.
إنِّي خَلَقْتُه وحدي ؛ لم يشارِكْني في خلقي إيَّاه أحدٌ.
ويحتمل : خَلَقْتُه وَحْدَه لا ناصرَ له.
قوله جلّ ذكرهُ :﴿ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾.
حضوراً معه لا يحتاجون إلى السَّفَرِ.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:قوله جلّ ذكرهُ :﴿ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾.
حضوراً معه لا يحتاجون إلى السَّفَرِ.

أراد : تسهيلَ التصرُّف، أي : مكَّنْتُهُ من التصرُّف في الأمور.
يطمع أن أزيده في النعمة.
جَحوداً.
سأحمله على مشقَّةٍ من العذاب.
أي : لُعِنَ كيف فكَّر، وكيف قَدَّر، ويعني به : الوليد بن المغيرة الذي قال في النبي صلى الله عليه وسلم : إنَّه ليس بشاعرٍ ولا بمجنونٍ ولا بكذَّاب، وإنه ليس ساحر، وما يأتي به ليس إلا سحرٌ يُرْوَى :﴿ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:أي : لُعِنَ كيف فكَّر، وكيف قَدَّر، ويعني به : الوليد بن المغيرة الذي قال في النبي صلى الله عليه وسلم : إنَّه ليس بشاعرٍ ولا بمجنونٍ ولا بكذَّاب، وإنه ليس ساحر، وما يأتي به ليس إلا سحرٌ يُرْوَى :﴿ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:أي : لُعِنَ كيف فكَّر، وكيف قَدَّر، ويعني به : الوليد بن المغيرة الذي قال في النبي صلى الله عليه وسلم : إنَّه ليس بشاعرٍ ولا بمجنونٍ ولا بكذَّاب، وإنه ليس ساحر، وما يأتي به ليس إلا سحرٌ يُرْوَى :﴿ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾.
لا تُبقي لَحْماً، ولا تَذَرُ عَظْماً، تحرق بشرة الوجه وتُسَوِّها، من لاحته الشمسُ ولوَّحته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٨:لا تُبقي لَحْماً، ولا تَذَرُ عَظْماً، تحرق بشرة الوجه وتُسَوِّها، من لاحته الشمسُ ولوَّحته.
قال المشركون : نحن جَمْعٌ كثير. . . فما يفعل بنا تسعة عشر ؟ ! فأنزل الله سبحانه :
﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُواْ إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾.
فيزداد المؤمنون إيماناً، ويقول هؤلاء : أي فائدة في هذا القَدْر ؟ فقال تعالى :﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ﴾. ثم قال :﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾.
أي : تقاصرت علومُ الخَلْقِ فلم تتعلَّقْ إلا بمقدار دون مقدار، والذي أحاط بكل شيء علماً هو الله - سبحانه.
كلاّ - حرفُ ردعٍ وتنبيه ؛ أي : ؛ ارتدعوا عما أنتم عليه، وانتبهوا لغيرِه.
وأقسم بهذه الأشياء ﴿ كَلاَّ وَالْقَمَرِ ﴾ : أي بالقمر، أو بقدرته على القمر.
﴿ وَالَّليْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴾ وقُرِئ " ودَبَرَ " أي : مضى.
﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴾ أي : تجلَّى.
أي : النار لإحدى الدواهي الكُبَر.
ويقال في ﴿ كَلاَّ وَالْقَمَرِ ﴾ إشارةٌ إلى أقمار العلوم إذا أخذ هلالُها في الزيادة بزيادة البراهين، فإنها تزداد، ثم إذا صارت إلى حدِّ التمام في العلم وبلغت الغاية تبدوا إعلام المعرفة، فالعلم يأخذ النقصان، وتطلع شمسُ المعرفة، فكما أنه قَرُبَ القمرُ من الشمس يزداد نقصانه حتى إذا قرب من الشمس تماماً صار محاقاً - كذلك إذا ظَهَرَ سلطانُ العرفانِ تأخذ أقمارُ العلوم في النقصان لزيادة المعارف ؛ كالسراج في ضوء الشمس وضياء النهار. ﴿ وَالَّليْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴾ أي إذا انكشفت ظُلَمُ البواطن، ﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴾ وتجلَّت أنوار الحقائق في السرائر. . . إنها لإحدى العظائم ! وذلك من باب التخويف من عودة الظُّلَم إلى القلوب.
في هذا تحذيرٌ من الشواغل التي هي قواطع عن الحقيقة، فيحذروا المساكنةَ والملاحظةَ إلى الطاعات والموافقات. . . فإنّها - في الحقيقة - لا خطرَ لها.
﴿ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ عن الطاعات. . . وهذا على جهة التهديد.
قوله جلّ ذكره :﴿ كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾.
أي : مرتهنة بما عملت، ثم استثنى :
﴿ إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ ﴾.
فقال : إنهم غير مرتهنين بأعمالهم، ويقال : هم الذين قال الله تعالى في شأنهم :" هؤلاء في الجنة ولا أُبالي " !
وقيل : أَطفال المؤمنين.
﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ ﴿ قالوا ألم نك من المصلين ﴾ ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين ؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ ﴿ قالوا ألم نك من المصلين ﴾ ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين ؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ ﴿ قالوا ألم نك من المصلين ﴾ ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين ؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ ﴿ قالوا ألم نك من المصلين ﴾ ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين ؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾.
هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ ؟ ﴿ قالوا ألم نك من المصلين ﴾ ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين ؟
وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.


﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴾ : نشرع في الباطل،
ونكذَّب بيوم الدين.
وهو معاينة القيامة.
أي : لا تنالهم شفاعةُ مَنْ يشفع.
والتذكرة : القرآن.
كأنهم حُمُرٌ نافرة فرَّت من أَسَدٍ.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:كأنهم حُمُرٌ نافرة فرَّت من أَسَدٍ.
بل يريد كلُّ منهم أن يُعْطَى كتاباً منشوراً.
أي : كَلاَّ لا يُعْطَوْن ما يتمنُّون لأنهم لا يخافون الآخرة.
إلاَّ أَنْ يشاءَ اللَّهُ - لا أَنْ تشاؤوا.
وأهلٌ لأَنْ يغفِرَ لمن يَتَّقِي - إن شاء.
سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).