تفسير سورة المدّثر

الموسوعة القرآنية

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية.
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

٧٤ سورة المدثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١ الى ٧]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧)
١- يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ:
يا أَيُّهَا الخطاب للنبى صلّى الله عليه وسلم.
الْمُدَّثِّرُ المتلفف بثيابه.
٢- قُمْ فَأَنْذِرْ:
قُمْ من مضجعك.
فَأَنْذِرْ فحذر الناس من عذاب الله إن لم يؤمنوا.
٣- وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ:
فَكَبِّرْ أي خص ربك بالتعظيم.
٤- وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ:
فَطَهِّرْ أي طهرها بالماء من النجاسة.
٥- وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ:
وَالرُّجْزَ والعذاب.
فَاهْجُرْ فاترك، أي دم على هجر ما يوصل إلى العذاب.
٦- وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ:
أي ولا تعط أحدا مستكثرا لما تعطيه إياه.
٧- وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ:
أي ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهي، وكل ما فيه جهد ومشقة.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٨ الى ٩]

فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩)
٨- فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ:
فَإِذا نُقِرَ فإذا نفخ.
فِي النَّاقُورِ فى الصور.
٩- فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ:
فَذلِكَ الوقت يومئذ.
يَوْمٌ عَسِيرٌ شديد.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١٠ الى ١٦]
عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤)
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦)
١٠- عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ:
غَيْرُ يَسِيرٍ غير سهل مما هم فيه من مناقشة الحساب وغيرها من الأهوال.
١١- ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً:
أي اتركني وحدي مع من خلقته فإنى أكفيك أمره.
١٢- وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً:
مَمْدُوداً مبسوطا واسعا غير منقطع.
١٣- وَبَنِينَ شُهُوداً:
شُهُوداً حضورا معه.
١٤- وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً:
وَمَهَّدْتُ لَهُ وبسطت له الجاه والرياسة.
تَمْهِيداً بسطة تامة.
١٥- ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ:
أَنْ أَزِيدَ أن أزيده فى ماله وبنيه وجاهه بدون شكر.
١٦- كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً:
كَلَّا ردعا له عن طمعه.
لِآياتِنا للقرآن.
عَنِيداً معاندا مكذبا.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١٧ الى ٢٤]
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١)
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤)
١٧- سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً:
سَأُرْهِقُهُ سأغشيه.
صَعُوداً عقبة شاقة لا يستطيع اقتحامها.
١٨- إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ:
إِنَّهُ فَكَّرَ فى نفسه.
وَقَدَّرَ وهيأ ما يقوله فى القرآن من الطعن.
١٩- فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ:
فَقُتِلَ فاستحق بذلك الهلاك.
كَيْفَ قَدَّرَ كيف هيأ هذا الطعن.
٢٠- ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ:
ثُمَّ قُتِلَ ثم استحق الهلاك.
كَيْفَ قَدَّرَ كيف أعد فى نفسه هذا الطعن.
٢١- ثُمَّ نَظَرَ:
ثُمَّ نَظَرَ فى وجوه الناس.
٢٢- ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ:
ثُمَّ عَبَسَ ثم قطب وجهه.
وَبَسَرَ وزاد فى كلوحه.
٢٣- ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ:
وَاسْتَكْبَرَ وتعاظم أن يعترف به.
٢٤- فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ:
إِنْ هذا ما هذا.
يُؤْثَرُ عن الأولين.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٢٥ الى ٣١]

إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩)
عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (٣١)
٢٥- إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ:
إِنْ هذا ما هذا.
إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ إلا قول الخلق تعلمه محمد صلّى الله عليه وسلم وادعى أنه من عند الله.
٢٦- سَأُصْلِيهِ سَقَرَ:
سَأُصْلِيهِ سأجعله يصلى ويحترق.
سَقَرَ جهنم.
٢٧- وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ:
ما سَقَرُ ما جهنم.
٢٨- لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ:
لا تُبْقِي لحما إلا أحرقته.
وَلا تَذَرُ عظما إلا أحرقته.
٢٩- لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ:
لَوَّاحَةٌ مسودة.
لِلْبَشَرِ لأعالى الجلد.
٣٠- عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ:
تِسْعَةَ عَشَرَ يلون أمرها.
٣١- وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ:
أَصْحابَ النَّارِ خزنتها.
وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ تسعة عشر.
إِلَّا فِتْنَةً إلا اختبارا.
لِيَسْتَيْقِنَ وليحصل اليقين.
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بأن ما يقوله القرآن عن خزنة جهنم إنما هو حق من الله تعالى حيث وافق ذلك كتبهم.
وَلا يَرْتابَ ولا يشك فى ذلك.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ نفاق.
بِهذا مَثَلًا العدد المستغرب استغراب المثل.
كَذلِكَ يمثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى.
وَما هِيَ وما سقر.
إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ إلا تذكرة للبشر وتخويف لهم.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٢ الى ٣٦]
كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦)
٣٢- كَلَّا وَالْقَمَرِ:
كَلَّا ردعا لمن ينذر بها ولم يخف.
وَالْقَمَرِ مقسم به.
٣٣- وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ:
وَاللَّيْلِ أي وبالليل، مقسم به.
إِذْ أَدْبَرَ إذا ذهب.
٣٤- وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ:
وَالصُّبْحِ وبالصبح، مقسم به.
إِذا أَسْفَرَ إذا أضاء وانكشف.
٣٥- إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ:
إِنَّها أي سقر.
لَإِحْدَى الْكُبَرِ لأعظم الدواهي الكبرى.
٣٦- نَذِيراً لِلْبَشَرِ:
نَذِيراً إنذارا وتخويفا.
لِلْبَشَرِ للخلق.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٧ الى ٤٥]
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١)
ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥)
٣٧- لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ:
أَنْ يَتَقَدَّمَ إلى الخير.
أَوْ يَتَأَخَّرَ عنه.
٣٨- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ:
بِما كَسَبَتْ بما عملت.
رَهِينَةٌ مأخوذة.
٣٩- إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ:
أي إلا المسلمين الذين فكوا رقابهم بالطاعة.
٤٠- فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ:
يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضا.
٤١- عَنِ الْمُجْرِمِينَ:
أي عن الكافرين وقد سألوهم عن حالهم.
٤٢- ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ:
أي ما أدخلكم فى جهنم.
٤٣- قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ:
لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ كما يصلى المسلمون.
٤٤- وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ:
كما كان يطعم المسلمون.
٤٥- وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ:
وَكُنَّا نَخُوضُ نندفع وننغمس فى الباطل.
مَعَ الْخائِضِينَ فيه.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٤٦ الى ٥٤]

وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠)
فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤)
٤٦- وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ:
بِيَوْمِ الدِّينِ بيوم الحساب والجزاء.
٤٧- حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ:
الْيَقِينُ أي الموت.
٤٨- فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ:
فَما تَنْفَعُهُمْ فما تغنيهم.
شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ من الملائكة والنبيين والصالحين.
٤٩- فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ:
عَنِ التَّذْكِرَةِ عن العظة بالقرآن.
مُعْرِضِينَ منصرفين.
٥٠- كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ:
مُسْتَنْفِرَةٌ شديدة النفار.
٥١- فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ:
مِنْ قَسْوَرَةٍ من مطارديها.
٥٢- بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً:
صُحُفاً من السماء.
مُنَشَّرَةً واضحة مكشوفة تثبت صدق الرسول صلّى الله عليه وسلم.
٥٣- كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ:
كَلَّا ردعا عما أرادوا.
بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فأعرضوا عن التذكرة وتفننوا فى طلب الآيات.
٥٤- كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ:
كَلَّا حقا.
إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ إن القرآن تذكرة بليغة كافية.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]
فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)
٥٥- فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ:
أي فمن شاء أن يذكره ولا ينساه فعل.
٥٦- وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ:
هُوَ أَهْلُ التَّقْوى هو أهل لأن يتقى.
وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وأهل لأن يغفر لمن يشاء.
سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).