تفسير سورة المدّثر

غريب القرآن

تفسير سورة سورة المدثر من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر. قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السّلامُ في قولهِ تعالى :﴿ يأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ معناه يا أيُّها النائمُ المتدثِّرُ بثيابهِ.
وقوله تعالى :﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ معناه فعَظِّمْ.
وقوله تعالى :﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ معناه فاصلِحْ. وقال الإِمامُ زيد بن علي عليهما السّلامُ.
فَإِنِّي بِحَمْدِ الله لاَ ثَوبَ فَاجِرٍ*** لَبِسْتُ وَلاَ مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ
وقوله تعالى :﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ معناه الوَعيدُ بنَصبِ الرَّاءِ !.
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾ معناه لا تُعطِ عَطيةً وتُريد أن تُعطي أكثرَ منهَا. قال : الإِمامُ زيد بن علي عليهما السّلامُ : هذا حرمَهُ للنبي صلواتُ الله عليهِ وأَحلَهُ لأُمتهِ. ويقال : لاتَمنُنْ عَمَلَكَ تَستَكثِرُ عَلَى رَبكَ.
وقوله تعالى :﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ معناه فاصبِره عَلَى ما أُذِيتَ.
وقوله تعالى :﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ﴾ معناه فإذا نُفِخَ في الصّورِ.
وقوله تعالى :﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾ معناه شَديدٌ.
وقوله تعالى :﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾ معناه خَلقتُهُ وحدَهُ ليسَ مَعهُ مالٌ ولا ولدٌ. وهو الوَليدُ بن المُغيرة المَخزومي.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً ﴾ معناه ألفُ دِينارٍ. ويقال : غَلةُ شَهرٍ بشهرٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾ أي حضوراً قال كانوا عشرةً ويقال : ثلاثةُ عَشر.
وقوله تعالى :﴿ وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً ﴾ من المَالِ والوَلدِ. معناه وَطَّئتُ لَهُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ أي مُعانداً مُجانباً مُعرضاً عنها.
وقوله تعالى :﴿ سَأُرْهِقُهُ ﴾ معناه سَاغشيهِ ﴿ صَعُوداً ﴾ معناه مَشقةٌ من العَذابِ. قال الإِمامُ زيد بن علي عليهما السّلامُ صَعودٌ : عَقبةٌ مَلساءٌ في النِّارِ إذَا وَضَعَ أَحدُهُم يَدهُ عليها ذَابَتْ يَدُهُ. وإذا رَفَعَها عَادَتْ.
وقوله تعالى :﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ معناه لُعِنَ.
وقوله تعالى :﴿ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾ معناه كَشَّرَ وَجهَهُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنْ هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴾ معناه يُؤثرُ عَن غَيرِهِ ويخبرُ بهِ.
وقوله تعالى :﴿ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ ﴾ معناه لا يَموتُ مَنْ فِيها ولا يَحيا.
وقوله تعالى :﴿ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ ﴾ معناه مُغَيرةٌ للجِلدِ.
وقوله تعالى :﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ معناه خَزنةُ جَهنمَ.
وقوله تعالى :﴿ وَلاَ يَرْتَابَ ﴾ يعني ولا يَشُكَّ.
وقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ معناه شَكٌّ ونِفاقٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ﴾ معناه كان آخرهُ. وأدبرَ : معناه وَلَّى.
وقوله تعالى :﴿ وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ ﴾ معناه أَضاءَ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ ﴾ معناه النَّارُ.
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ ﴾ معناه أطفالُ المُسلمين لا يُحاسبون.
وقوله تعالى :﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ معناه بيومِ الجَزاءِ، وهو يومُ القِيامةِ
﴿ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ معناه الموتُ.
وقوله تعالى :﴿ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ ﴾ معناه مَذعورةٌ.
وقوله تعالى :﴿ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ ﴾ معناه من الأَسدِ. ويقال : من الرّماةِ. ويقال : من ذكر النَاسِ !. ويقال : العُصبُ من النَّاسِ.
وقوله تعالى :﴿ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً ﴾ قال الإِمام زيد بن علي عليهما السلامُ : معناه أنَّ الكُفارَ قالوا : إن كانَ محمدٌ صادقاً، فليَصبح تَحتَ كُلِّ واحدٍ صَحيفةٌ أنَّ لَهُ الجَنةَ وأَنهُ آمنٌ مِنَ النَّارِ.
وقوله تعالى :﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ معناه أهلٌ أنْ تُتقى محارِمُهُ. وأهلُ المَغفرةِ : معناهُ هو أهلٌ أنْ يَغفِرَ الذّنوبَ.
سورة المدثر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُدثِّر) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُزمِّل)، وقد جاء فيها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخَلْقِ إلى الإيمان، وتقريرُ صعوبة يوم القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديدُ الوليد بن المغيرة بنقضِ القرآن، وبيانُ عدد زبانية النِّيران، وأن كلَّ أحد رهنُ الإساءة والإحسان، ومَلامةُ الكفار على إعراضهم عن الإيمان، وذِكْرُ وعدِ الكريم بالرحمة والغفران.

ترتيبها المصحفي
74
نوعها
مكية
ألفاظها
256
ترتيب نزولها
4
العد المدني الأول
55
العد المدني الأخير
55
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّرُوني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

* قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ الوليدَ بنَ المُغيرةِ جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ عليه القرآنَ، فكأنَّه رَقَّ له، فبلَغَ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عَمِّ، إنَّ قومَك يرَوْنَ أن يَجمَعوا لك مالًا، قال: لِمَ؟ قال: ليُعطُوكَه؛ فإنَّك أتَيْتَ مُحمَّدًا لِتَعرَّضَ لِما قِبَلَه، قال: قد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنِّي مِن أكثَرِها مالًا! قال: فقُلْ فيه قولًا يبلُغُ قومَك أنَّك مُنكِرٌ له، أو أنَّك كارهٌ له، قال: وماذا أقول؟! فواللهِ، ما فيكم رجُلٌ أعلَمُ بالأشعارِ منِّي، ولا أعلَمُ برَجَزِه ولا بقَصِيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجِنِّ، واللهِ، ما يُشبِهُ الذي يقولُ شيئًا مِن هذا، وواللهِ، إنَّ لِقولِه الذي يقولُ حلاوةً، وإنَّ عليه لَطلاوةً، وإنَّه لَمُثمِرٌ أعلاه، مُغدِقٌ أسفَلُه، وإنَّه لَيعلو، وما يُعلَى، وإنَّه لَيَحطِمُ ما تحته، قال: لا يَرضَى عنك قومُك حتى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتى أُفكِّرَ، فلمَّا فكَّرَ، قال: هذا سِحْرٌ يُؤثَرُ، يأثُرُه مِن غيرِه؛ فنزَلتْ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدٗا} [المدثر: 11]». أخرجه الحاكم (3872).

* سورة (المُدثِّر):

سُمِّيت سورة (المُدثِّر) بهذا الاسم؛ لوصفِ الله نبيَّه بهذا اللفظ في أوَّل السورة.

و(المُدثِّر): هو لابِسُ الدِّثار، وفي ذلك إشارةٌ إلى حديثِ جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «قال ﷺ: جاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فلمَّا قضَيْتُ جِواري، هبَطْتُ، فنُودِيتُ، فنظَرْتُ عن يميني فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ عن شِمالي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ أمامي فلَمْ أرَ شيئًا، ونظَرْتُ خَلْفي فلَمْ أرَ شيئًا، فرفَعْتُ رأسي فرأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خديجةَ، فقلتُ: دَثِّرُوني، وصُبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فدثَّروني، وصَبُّوا عليَّ ماءً باردًا، قال: فنزَلتْ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1-3]». أخرجه البخاري (٤٩٢٢).

1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).

2. تهديد زعماءِ الكفر (١١-٣٠).

3. الحِكْمة في اختيار عدد خَزَنة جهنَّم (٣١-٣٧).

4. الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرِمين (٣٨-٥٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /454).

يقول ابن عاشور عما جاء فيها من مقاصدَ:

«تكريمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأمر بإبلاغ دعوة الرسالة.
وإعلان وَحْدانية الله بالإلهية.
والأمر بالتطهُّر الحِسِّي والمعنوي.
ونبذ الأصنام.
والإكثار من الصدقات.
والأمر بالصبر.
وإنذار المشركين بهول البعث.
وتهديد مَن تصدى للطعن في القرآن، وزعم أنه قولُ البشر.
ووصف أهوال جهنَّم.
والرد على المشركين الذين استخَفُّوا بها، وزعموا قلةَ عدد حفَظتِها.
وتَحدِّي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عددَ حفَظتِها.
وتأييسهم من التخلص من العذاب.
وتمثيل ضلالهم في الدنيا.
ومقابلة حالهم بحال المؤمنين أهلِ الصلاة، والزكاة، والتصديق بيوم الجزاء». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /293).