تفسير سورة النبأ

تفسير النسفي

تفسير سورة سورة النبأ من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي.
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة النبأ مكية وهي أربعون آية

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١)
عَمَّ أصله عن ما وقرىء بها ثم أدغمت النون في الميم فصار عما وقرىء بها ثم حذفت الألف تخفيفاً لكثرة الاستعمال في الاستفهام وعليه الاستعمال الكثير وهذا استفهام تفخيم للمستفهم عنه لأنه تعالى لا تخفى عليه خافية ﴿يَتَسَاءلُونَ﴾ يسأل بعضهم بعضاً أو يسألون غيرهم من المؤمنين والضمير لأهل
مكة كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث ويسألون المؤمنين عنه على طريق الاستهزاء
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)
﴿عَنِ النبإ العظيم﴾ أي البعث وهو بيان للشأن المفخم وتقديره عم يتساءلون عن النبإ العظيم
الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)
﴿الذى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ فمنهم من يقطع بإنكاره ومنهم من يشك وقيل الضمير للمسلمين والكافرين وكانوا جميعا يتساءلون عنه فالمسلم يسأل ليزداد خشية والكافر يسأل استهزاء
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤)
﴿كلا﴾ ردع الاختلاف والتساؤل هزؤاً ﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون عيانا أن ما يتساءلون عنه حق
ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥)
﴿ثم كلا سيعلمون﴾ كرر الردع للتشديد وثم يشعر بأن الثاني أبلغ من الأول وأشد
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦)
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض﴾ لما أنكروا البعث قيل لهم ألم يخلق من أضيف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة فلم تنكرون قدرته على البعث وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات أو قيل لهم لم فعل هذه الأشياء والحكيم لا يفعل عبثاً وإنكار البعث يؤدي إلى أنه عابث في كل ما فعل ﴿مهادا﴾ فراشاً فرشناها لكم حتى سكنتموها
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)
﴿والجبال أوتادا﴾ للأرض لئلا تميد بكم
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨)
﴿وخلقناكم أزواجا﴾ ذكر وأنثى
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩)
﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً﴾ قطعاً لأعمالكم وراحة لأبدانكم والسبب القطع
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠)
﴿وجعلنا الليل لِبَاساً﴾ ستراً يستركم عن العيون إذا أردتم إخفاء ما لا تحبون الاطلاع عليه
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١)
﴿وجعلنا النهار معاشا﴾ وقت معاش تنقلبون في حوائجكم ومكاسبكم
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢)
﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً﴾ سبع سموات ﴿شِدَاداً﴾ جمع شديدة أي محكمة قوية لا يؤثّر فيها مرور الزمان أو غلاظاً غلظ كل واحدة مسيرة خمسمائة عام
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣)
﴿وجعلنا سراجا وهاجا﴾ مضيا وقّاداً أي جامعاً للنور والحرارة والمراد الشمس
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤)
﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات﴾ أي السحائب إذا أعصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر ومنه أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض أو الرياح لانها تنشىء السحاب وتدر أخلافه فيصح أن يجعل مبدأ للإنزال وقد جاء أن الله تعالى يبعث الرياح فتحمل الماء من السماء إلى السحاب ﴿مَاءً ثَجَّاجاً﴾ منصباً بكثرة
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥)
﴿لِّنُخْرِجَ بِهِ﴾ بالماء ﴿حَبّاً﴾ كالبر والشعير ﴿وَنَبَاتاً﴾ وكلأ
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (١٦)
﴿وجنات﴾ بساتين ﴿أَلْفَافاً﴾ ملتفة الأشجار واحدها لف كجذع وأجذاع ولفيف كشريف وأشراف أولا واحد له كأوزاع أو هي جمع الجمع فهي جمع لف واللف جمع لفاء وهي شجرة مجتمعة ولا وقف من أَلَمْ نَجْعَلِ إلى ألفافا والوقف الضروري على أوتادا معاشا
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧)
﴿إن يوم الفصل﴾ بين المحسن والمسييء والمحق والمبطل ﴿كان ميقاتا﴾
590
وقيا محدوداً ومنتهى معلوماً لوقوع الجزاء أو ميعاداً للثواب والعقاب
591
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨)
﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾ بدل من يَوْمُ الفصل
أو عطف بيان ﴿فِى الصور﴾ في القرن ﴿فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً﴾ حال أي جماعات مختلفة أو أمماً كل أمة مع رسولها
وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩)
﴿وَفُتِحَتِ السماء﴾ خفيف كوفي أي شقت لنزول الملائكة ﴿فَكَانَتْ أبوابا﴾ فصارت ذات أبواب وطرق وفروج وما لها اليوم من فروج
وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠)
﴿وَسُيِّرَتِ الجبال﴾ عن وجه الأرض ﴿فَكَانَتْ سَرَاباً﴾ أي هباء تخيّل الشمس أنه ماء
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١)
﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً﴾ طريقاً عليه ممر الخلق فالمؤمن يمر عليها والكافر يدخلها وقيل المرصاد الحد الذي يكون فيه الرصد أي هي حد الطاغين الذين يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها لأن مجازهم عليها
لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢)
﴿للطاغين مآبا﴾ للكافرين مرجعا
لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)
﴿لابثين﴾ ماكثين حال مقدرة من الضمير في في للطاغين حمزة لَّبِثِينَ واللبث أقوى إذ اللابث من وجد منه فلبث وإن قل واللبث من شأنه اللبث والمقام في المكان ﴿فيها﴾ في جهنم ﴿أحقابا﴾ في ظرف جمع حقب وهو لدهر ولم يرد به عدد محصور بل الأبد كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية ولا يستعمل الحقب والحقبة والحقبة إلا إذا أريد تتابع الأزمنة وتواليها وقيل الحقب ثمانون سنة وسئل بعض العلماء عن هذه الآية فأجاب بعد عشرين سنة لابثين فِيهَا أَحْقَاباً
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤)
﴿لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً﴾ أي غير ذائقين حال من ضمير لابثين فإذا انقضت هذه الأحقاب الذي عذ بوافيها بمنع البرد والشرب بدلوابأحقاب أخر فيها عذاب آخر وهي أحقاب بعد أحقاب لا انقطاع لها وقيل هو من حقب عامنا إذا قل مطره وخيره وحقب فلان إذا أخطأ الرزق فهو حقب وجمعه
591
أحقاب فينتصب حالاً عنهم أي لابثين فيها حقبين جهدين ولا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً تفسير له وقوله
592
إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)
﴿إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً﴾ استثناء منقطع أي لاَ يَذُوقُونَ في جهنم أو في الأحقاب بَرْداً روْحاً ينفس عنهم حر النار أو نوماً ومنه منع البرد البرد وَلاَ شَرَاباً يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميماً ماء حاراً حرق ما يأتي عليه وغساقا ماء يسله من صديدهم وبالتشديد كوفي غير أبي بكر
جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦)
﴿جَزَاءً﴾ جوزوا جزاء ﴿وفاقا﴾ موافقاً لأعمالهم مصدر بمعنى الصفة أو ذا وفاق ثم استأنف معللا فقال
إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧)
﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً﴾ لا يخافون محاسبة الله إياهم أو لم يؤمنوا بالبعث فيرجوا حسابا
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨)
﴿وكذبوا بآياتنا كِذَّاباً﴾ تكذيباً وفعّال في باب فعّل كله فاش
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩)
﴿وَكُلَّ شىْءٍ﴾ نصب بمضمر يفسره ﴿أحصيناه كتابا﴾ مكتوباً في اللوح حال أو مصدر في موضع إحصاء أو أحصيناً في معنى كتبنا لأن الاحصاء يكون بالكتابة غالباً وهذه الآية اعتراض لأن قوله
فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (٣٠)
﴿فَذُوقُواْ﴾ مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات أي فذوقوا جزاءكم والا لنفات شاهد على شدة
﴿فلن نزيدكم إلا عذابا إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا﴾
والغضب ﴿فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً﴾ في الحديث هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١)
﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً﴾ مفعل من الفوز يصلح مصدراً أي نجاة من كل مكروه وظفراً بكل محبوب ويصلح للمكان وهو الجنة ثم أبدل مه بدل البعض من الكل فقال
حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢)
﴿حَدَائِقَ﴾ بساتين فيها أنواع الشجر المثمر جمع
592
حديقة وأعنابا كروماً عطف على حَدَائِقَ
593
وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣)
﴿وَكَوَاعِبَ﴾ نواهد ﴿أَتْرَاباً﴾ لدات مستويات في السن
وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤)
﴿وكأسا دهاقا﴾ مملوأة
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥)
﴿لا يسمعون فيها﴾ في الجن حال من ضمير خبر إن ﴿لغواً﴾ باطلاً ﴿ولا كِذَّاباً﴾ الكسائي خفيف بمعنى مكاذبة أي لا يكذب بعضهم بعضا أو لا يكاذبه
جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (٣٦)
﴿جزاءً﴾ مصدر أي جزاهم جزاء ﴿مّن رَّبِّكَ عطاء﴾ مصدر أبو بدل مم جزاء ﴿حساباً﴾ صفة يعني كافياً أو على حسب أعمالهم
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (٣٧)
﴿رّبِّ السّماواتِ والأرضِ وما بينهما الرّحمنِ﴾ بجرهما ابن عامر وعاصم بدلاً من ربك ومن رفعهما فرب خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره الرحمن أو الرحمن صفته ولا يملكون خبرا وهما خبران والضمير في لا يملكون لأهل السموات والأرض وفي منه خطاباً لله تعالى أي لا يملكون الشفاعة من عذابه تعالى إلا بإذنه أو لا يقدر أحد أن يخاطبه تعالى خوفا
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)
﴿يوم يقوم﴾ إن جعلته ظرفا للايملكون لا تقف على خطاباً وإن جعلته ظرفاً للايتكلمون تقف ﴿الرُّوحُ﴾ جبريل عند الجمهور وقيل هو ملك عظيم ما خلق الله تعالى بعد العرش خلقاً أعظم منه ﴿والملائكة صَفَّاً﴾ حال أي مصطفين ﴿لاّ يتكلّمون﴾ أي الخلائق ثم خوفا ﴿إلا من أذن له الرحمن﴾ في الكلام أو الشفاعة ﴿وقال صواباً﴾ حقاً بأن قال المشفوع له لا إله إلا الله في الدنيا أو لا يؤذن إلا لمن يتكلم بالصواب في أمر الشفاعة
ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (٣٩)
﴿ذلك اليوم الحقُّ﴾ الثابت وقوعه ﴿فمن شاءَ اتخذ إلى ربه مآبا﴾ مرجعا بالعمل الصالح
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)
﴿إنا أنذرناكم﴾ أيهما الكفار ﴿عذاباً قريباً﴾ في الآخرة لأن ما هو آتٍ
593
قريب ﴿يَوْمَ ينظُرُ المرءُ﴾ الكافر قوله إنا أنذرنا كم عذاباً قريباً ﴿ما قدّمت يداه﴾ من الشر لقوله وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وتخصيص الأيدي لأن أكثر الأعمال تقع بها وإن احتمل أن لا يكون للأيدي مدخل فيما ارتكب من الآثام ﴿وَيقولُ الكَافِرُ﴾ وضع الظاهر موضع المضمر لزيادة الذم أو المرء عالم وخص منه الكافر وما قدمت يداه ما عمل من خير وشرا وهو المرمن لذكر الكافر بعده وما قدم من خير
وما استفهامية منصوبة بقدمت أي ينظر أي شيء قدمت يداه أو موصولة منصوبة بينظر يقال نظرته يعني نظرت إليه والراجع من الصلة محذوف أي ما قدمته ﴿يا ليتني كنت تراباً﴾ في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف أو ليتنى كنت تراباً في هذا اليوم فلم أبعث وقيل يحشر الله الحيوان غير المكلف حتى يقتص للجماء من القرناء ثم يرده تراباً فيود الكافر حاله وقيل الكافر إبليس يتمنى أن يكون كآدم مخلوقاً من التراب ليثاب ثواب أولاده المؤمنين والله أعلم
594
سورة النازعات ست وأربعون آية مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

595
سورة النبأ
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّبأ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإثباتِ وقوع يوم القيامة، ودلَّلتْ على صدقِ ذلك بالآيات الكونية التي تملأ هذا الكونَ؛ فالله الذي خلَق هذا الكون بآياته العظام وسيَّره بأبدَعِ نظام قادرٌ على بعثِ الناس، ومجازاتهم على أعمالهم؛ فللعاصين النارُ جزاءً وِفاقًا، وللمتقين الجنةُ جزاءً من ربك عطاءً حسابًا، وسورة (النبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ لما ذكَرتْ من مشاهدِ يوم القيامة.

ترتيبها المصحفي
78
نوعها
مكية
ألفاظها
174
ترتيب نزولها
80
العد المدني الأول
40
العد المدني الأخير
40
العد البصري
41
العد الكوفي
40
العد الشامي
40

* سورة (النَّبأ):

سُمِّيت سورة (النَّبأ) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (النَّبأ) في فاتحتها؛ وهو: خبَرُ الساعة والبعث الذي يسأل الناسُ عن وقوعه.

* وتُسمَّى كذلك بسورة (عمَّ)، أو (عمَّ يتساءلون)، أو (التساؤل)؛ لافتتاحِها بها.

سورة (النَّبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

1. تساؤل المشركين عن النبأ (١-٥).

2. الآيات الكونية (٦-١٦).

3. أحداث يوم القيامة (١٧-٣٠).

4. جزاء المتقين (٣١-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /4).

يقول البقاعي: «مقصودها: الدلالةُ على أن يوم القيامة الذي كانوا مُجمِعين على نفيه، وصاروا بعد بعثِ النبي صلى الله عليه وسلم في خلافٍ فيه مع المؤمنين: ثابتٌ ثباتًا لا يحتمل شكًّا ولا خلافًا بوجه؛ لأن خالقَ الخَلْقِ - مع أنه حكيمٌ قادر على ما يريد - دبَّرهم أحسنَ تدبير، وبنى لهم مسكنًا وأتقَنه، وجعلهم على وجهٍ يَبقَى به نوعُهم من أنفسهم، بحيث لا يحتاجون إلى أمرٍ خارج يرونه، فكان ذلك أشَدَّ لأُلفتهم، وأعظَم لأُنْسِ بعضهم ببعض، وجعَل سَقْفَهم وفراشهم كافلَينِ لمنافعهم، والحكيم لا يترك عبيدَه - وهو تامُّ القدرة، كامل السلطان - يَمرَحون، يَبغِي بعضهم على بعض، ويأكلون خيرَه ويعبدون غيرَه، فكيف إذا كان حاكمًا؟! فكيف إذا كان أحكَمَ الحاكمين؟!
هذا ما لا يجوز في عقلٍ، ولا يخطر ببالٍ أصلًا؛ فالعلم واقع به قطعًا.
وكلٌّ من أسمائها واضحٌ في ذلك؛ بتأمُّل آيته، ومبدأ ذكرِه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /151).