تفسير سورة النبأ

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة النبأ من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ﴾ [ النبأ : ٤، ٥ ].
كرّره تأكيدا، أو الأول توعّد للكفار بما يرونه عنه النزع، والثاني توعّد لهم بما يصيرون إليه من عذاب الآخرة، أو الأول توعد بأهوال القيامة، والثاني توعد بما بعدها من النار وحرّها، أو الأول ردع عن الاختلاف، والثاني عن الكفر، و " ثم " للإشعار بأن الوعيد الثاني أشدّ.
قوله تعالى :﴿ ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا ﴾ [ النبأ : ٦، ٧ ].
وجه اتصاله بما قبله، أنهم لما اختلفوا في النبأ العظيم –وهو البعث- ثم أنكروه، نبّههم الله تعالى بما خلقه وأوجده، على كمال قدرته( ١ )، وغاية قهره، وأن جميع الأشياء طوع إرادته، وفي مشيئته.
١ - أشار تعالى في هذه الآيات إلى الأدلة الدالة على قدرته، وكمال عظمته، ليقيم الحجة على الكفار، فيما أنكروه من أمر البعث والجزاء، وكأنه يقول: إن الإله العظيم الذي قدر إيجاد هذه الأشياء، قادر على إحياء الناس بعد موتهم، فهذا وجه المناسبة..
قوله تعالى :﴿ إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا ﴾ [ النبأ : ٢٥، ٢٦ ].
قال ذلك هنا، وقال بعد ﴿ جزاء من ربك عطاء حسابا ﴾ [ النبأ : ٣٦ ] لأن الأول للكفار، فناسب ذكر ﴿ وفاقا ﴾ أي جزاء موافقا لأعمالهم، كما قال تعالى :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] والثاني للمؤمنين، فناسب ذكر " حسابا " أي كافيا وافيا لأعمالهم، من قولك حسبي أي كفاني.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:قوله تعالى :﴿ إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا ﴾ [ النبأ : ٢٥، ٢٦ ].
قال ذلك هنا، وقال بعد ﴿ جزاء من ربك عطاء حسابا ﴾ [ النبأ : ٣٦ ] لأن الأول للكفار، فناسب ذكر ﴿ وفاقا ﴾ أي جزاء موافقا لأعمالهم، كما قال تعالى :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] والثاني للمؤمنين، فناسب ذكر " حسابا " أي كافيا وافيا لأعمالهم، من قولك حسبي أي كفاني.

سورة النبأ
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّبأ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإثباتِ وقوع يوم القيامة، ودلَّلتْ على صدقِ ذلك بالآيات الكونية التي تملأ هذا الكونَ؛ فالله الذي خلَق هذا الكون بآياته العظام وسيَّره بأبدَعِ نظام قادرٌ على بعثِ الناس، ومجازاتهم على أعمالهم؛ فللعاصين النارُ جزاءً وِفاقًا، وللمتقين الجنةُ جزاءً من ربك عطاءً حسابًا، وسورة (النبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ لما ذكَرتْ من مشاهدِ يوم القيامة.

ترتيبها المصحفي
78
نوعها
مكية
ألفاظها
174
ترتيب نزولها
80
العد المدني الأول
40
العد المدني الأخير
40
العد البصري
41
العد الكوفي
40
العد الشامي
40

* سورة (النَّبأ):

سُمِّيت سورة (النَّبأ) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (النَّبأ) في فاتحتها؛ وهو: خبَرُ الساعة والبعث الذي يسأل الناسُ عن وقوعه.

* وتُسمَّى كذلك بسورة (عمَّ)، أو (عمَّ يتساءلون)، أو (التساؤل)؛ لافتتاحِها بها.

سورة (النَّبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

1. تساؤل المشركين عن النبأ (١-٥).

2. الآيات الكونية (٦-١٦).

3. أحداث يوم القيامة (١٧-٣٠).

4. جزاء المتقين (٣١-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /4).

يقول البقاعي: «مقصودها: الدلالةُ على أن يوم القيامة الذي كانوا مُجمِعين على نفيه، وصاروا بعد بعثِ النبي صلى الله عليه وسلم في خلافٍ فيه مع المؤمنين: ثابتٌ ثباتًا لا يحتمل شكًّا ولا خلافًا بوجه؛ لأن خالقَ الخَلْقِ - مع أنه حكيمٌ قادر على ما يريد - دبَّرهم أحسنَ تدبير، وبنى لهم مسكنًا وأتقَنه، وجعلهم على وجهٍ يَبقَى به نوعُهم من أنفسهم، بحيث لا يحتاجون إلى أمرٍ خارج يرونه، فكان ذلك أشَدَّ لأُلفتهم، وأعظَم لأُنْسِ بعضهم ببعض، وجعَل سَقْفَهم وفراشهم كافلَينِ لمنافعهم، والحكيم لا يترك عبيدَه - وهو تامُّ القدرة، كامل السلطان - يَمرَحون، يَبغِي بعضهم على بعض، ويأكلون خيرَه ويعبدون غيرَه، فكيف إذا كان حاكمًا؟! فكيف إذا كان أحكَمَ الحاكمين؟!
هذا ما لا يجوز في عقلٍ، ولا يخطر ببالٍ أصلًا؛ فالعلم واقع به قطعًا.
وكلٌّ من أسمائها واضحٌ في ذلك؛ بتأمُّل آيته، ومبدأ ذكرِه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /151).