تفسير سورة النبأ

أوضح التفاسير

تفسير سورة سورة النبأ من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير.
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ﴾ أي عن أي شيء يتساءلون؟
﴿عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ أي يتساءلون عن النبإ العظيم؛ وهو البعث
﴿كَلاَّ﴾ ردع عن التساؤل، وعن التكذيب ﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ عاقبة اختلافهم وتكذيبهم؛ ويقال لهم: ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً﴾ أي فراشاً. والمهاد: جمع مهد، وهو فراش الطفل
﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ لتثبت بها الأرض؛ كما تثبت الخيمة بالأوتاد
﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً﴾ أصنافاً
﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً﴾ أي راحة، أو موتاً؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ﴾
﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً﴾ ستراً يستركم؛ كما يستر اللباس الجسم عن الأبصار
﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً﴾ تقومون فيه لمعاشكم، أو هو وقت حياة: تبعثون فيه من نومكم؛ الذي هو الموتة الصغرى كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً﴾
﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً﴾ السموات
﴿وَجَعَلْنَا﴾ لكم ﴿سِرَاجاً وَهَّاجاً﴾ الشمس
﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ﴾ السحب، وسميت بالمعصرات: لأنها تتحلب بالمطر، وأعصروا: أمطروا. وقيل: «المعصرات» الريح تعتصر السحاب فيمطر؛ ومنه الإعصار: وهو الريح تثير السحاب ﴿مَآءً ثَجَّاجاً﴾ سيالاً، منصباً بكثرة
﴿وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً﴾ أي بساتين ملتفة الأشجار
﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً﴾ وقتاً؛ يثاب فيه المؤمن، ويعاقب فيه الكافر
﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ﴾ القرن؛ ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام بأمر ربه ﴿فَتَأْتُونَ﴾ من قبوركم إلى الموقف
﴿أَفْوَاجاً﴾ جماعات جماعات، وزمراً زمراً
﴿فَكَانَتْ سَرَاباً﴾ أي لا شيء، وكان مكانها منبسطاً كالذي يرى عليه السراب
﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً﴾ تترصد الكافرين؛ كمن يترصد لعدوه ليفتك به
﴿لِلطَّاغِينَ﴾ الكافرين ﴿مَآباً﴾ مرجعاً؛ ليس لهم مدخل غيرها فيدخلونها
﴿لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً﴾ ماكثين في جهنم دهوراً
﴿لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً﴾ هو ما يتبرد به، أو هو بمعنى النوم، أو الموت ﴿وَلاَ﴾ يذوقون فيها ﴿شَرَاباً﴾ يطفيء ظمأهم، ويروي غلتهم
﴿إِلاَّ حَمِيماً﴾ ماء بالغاً نهاية الحرارة ﴿وَغَسَّاقاً﴾ هو ما يسيل من صديد أهل النار
﴿جَزَآءً وِفَاقاً﴾ أي موافقاً لأعمالهم السيئة
﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً﴾ أي لا يخافون محاسبة الله تعالى لهم؛ على كفرهم وبغيهم
﴿وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ﴾ بحججنا وأدلتنا ﴿كِذَّاباً﴾ تكذيباً
﴿وَكُلَّ شيْءٍ﴾ فعلوه ﴿أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً﴾ أي كتابة
﴿فَذُوقُواْ﴾ جزاء أعمالكم ﴿فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً﴾ فوق عذابكم
﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً﴾ فوزاً بمطلوبهم، وظفراً بمرغوبهم؛ وهو الجنة
﴿حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً﴾ (انظر آية ٢٦٦ من سورة البقرة)
﴿وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً﴾ نواهد مستويات في السن
﴿وَكَأْساً دِهَاقاً﴾ مترعة ملأى
﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾ باطلاً وهجراً من القول ﴿وَلاَ كِذَّاباً﴾ ولا تكذيباً من أحد لأحد، أو لا يسمعون فيها كذباً
﴿عَطَآءً حِسَاباً﴾ أي تفضلاً على حسب أعمالهم
﴿لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً﴾ أي لا يستطيع أن يكلمه أحد من خشيته، وهو بمعنى أنهم لا يملكون الشفاعة إلا بإذنه
﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ﴾ جبريل عليه السلام. وقيل: «الروح» خلق كالناس وليسوا بالناس ﴿صَفَّا﴾ مصطفين
﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ﴾ هو اليوم ﴿الْحَقِّ﴾ الذي يكذب به الكافرون ﴿فَمَن شَآءَ﴾ منكم أيها الناس ﴿اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً﴾ أي مرجعاً؛ بأن يؤمن ويعمل الصالحات
﴿إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً﴾ في يوم القيامة. وقربه: أن الميت حين يقوم من قبره يظن أنه ما لبث فيه سوى يوم أو بعض يوم ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ ﴿يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ أي ينظر ثوابه، أو عقابه؛ على ما قدم من خير أو شر ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً﴾ وذلك لأن الله تعالى يحشر الحيوانات يوم القيامة؛ فيقتص للجماء من القرناء، وبعد ذلك يصيرها تراباً؛ فيتمنى الكافر أن لو كان كذلك (انظر آية ٣٨ من سورة الأنعام).
730
سورة النازعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

730
سورة النبأ
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّبأ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بإثباتِ وقوع يوم القيامة، ودلَّلتْ على صدقِ ذلك بالآيات الكونية التي تملأ هذا الكونَ؛ فالله الذي خلَق هذا الكون بآياته العظام وسيَّره بأبدَعِ نظام قادرٌ على بعثِ الناس، ومجازاتهم على أعمالهم؛ فللعاصين النارُ جزاءً وِفاقًا، وللمتقين الجنةُ جزاءً من ربك عطاءً حسابًا، وسورة (النبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ لما ذكَرتْ من مشاهدِ يوم القيامة.

ترتيبها المصحفي
78
نوعها
مكية
ألفاظها
174
ترتيب نزولها
80
العد المدني الأول
40
العد المدني الأخير
40
العد البصري
41
العد الكوفي
40
العد الشامي
40

* سورة (النَّبأ):

سُمِّيت سورة (النَّبأ) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (النَّبأ) في فاتحتها؛ وهو: خبَرُ الساعة والبعث الذي يسأل الناسُ عن وقوعه.

* وتُسمَّى كذلك بسورة (عمَّ)، أو (عمَّ يتساءلون)، أو (التساؤل)؛ لافتتاحِها بها.

سورة (النَّبأ) من السُّوَر التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لرسولِ اللهِ: يا رسولَ اللهِ، أراكَ قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ، والواقعةُ، والمُرسَلاتُ، و{عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ}، و{إِذَا اْلشَّمْسُ كُوِّرَتْ}». أخرجه الحاكم (3314).

1. تساؤل المشركين عن النبأ (١-٥).

2. الآيات الكونية (٦-١٦).

3. أحداث يوم القيامة (١٧-٣٠).

4. جزاء المتقين (٣١-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /4).

يقول البقاعي: «مقصودها: الدلالةُ على أن يوم القيامة الذي كانوا مُجمِعين على نفيه، وصاروا بعد بعثِ النبي صلى الله عليه وسلم في خلافٍ فيه مع المؤمنين: ثابتٌ ثباتًا لا يحتمل شكًّا ولا خلافًا بوجه؛ لأن خالقَ الخَلْقِ - مع أنه حكيمٌ قادر على ما يريد - دبَّرهم أحسنَ تدبير، وبنى لهم مسكنًا وأتقَنه، وجعلهم على وجهٍ يَبقَى به نوعُهم من أنفسهم، بحيث لا يحتاجون إلى أمرٍ خارج يرونه، فكان ذلك أشَدَّ لأُلفتهم، وأعظَم لأُنْسِ بعضهم ببعض، وجعَل سَقْفَهم وفراشهم كافلَينِ لمنافعهم، والحكيم لا يترك عبيدَه - وهو تامُّ القدرة، كامل السلطان - يَمرَحون، يَبغِي بعضهم على بعض، ويأكلون خيرَه ويعبدون غيرَه، فكيف إذا كان حاكمًا؟! فكيف إذا كان أحكَمَ الحاكمين؟!
هذا ما لا يجوز في عقلٍ، ولا يخطر ببالٍ أصلًا؛ فالعلم واقع به قطعًا.
وكلٌّ من أسمائها واضحٌ في ذلك؛ بتأمُّل آيته، ومبدأ ذكرِه وغايته». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /151).