تفسير سورة القيامة.
وهي مكية.
وعن عمر - رضي الله - عنه أنه قال : من أراد أن يشاهد القيامة فليقرأ سورة القيامة. وعن المغيرة بن شعبة أنه قال : يقولون القيامة ومن مات فقد قامت قيامته. أورد هذين الأثرين النقاش في تفسيره.
ﰡ
وَعنهُ أَيْضا أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: ﴿لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة﴾ فَقَالَ: إِن رَبنَا تَعَالَى يقسم بِمَا شَاءَ من خلقه.
وَاخْتلفُوا فِي قَوْله: " لَا " على أَقْوَال: أحد الْأَقْوَال: أَنَّهَا صلَة، أَي: زَائِدَة على مَا هُوَ مَذْهَب كَلَام الْعَرَب، وَأنكر الْفراء هَذَا وَقَالَ: الصِّلَة إِنَّمَا تكون فِي أثْنَاء الْكَلَام، فَأَما فِي ابْتِدَاء الْكَلَام فَلَا، وَمعنى قَوْله: ﴿لَا﴾ أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا يَزْعمُونَ أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار، ثمَّ ابْتَدَأَ بقوله: ﴿أقسم﴾ وَأجَاب من قَالَ بالْقَوْل الأول أَن الْقُرْآن كُله مُتَّصِل بعضه بِالْبَعْضِ فِي الْمَعْنى، فيصلح أَن تكون " لَا " صلَة فِي هَذَا الْموصل وَإِن كَانَ (عِنْد) ابْتِدَاء السُّورَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث أَن معنى قَوْله: ﴿لَا﴾ على معنى التَّنْبِيه، كَأَنَّهُ قَالَ: أَلا فَتنبه ثمَّ أقسم، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(أَلا وَأَبِيك ابْنة العامري | لَا يَدعِي قوم أَنِّي أفر) |
وَأنكر النحويون
وَقَوله: ﴿بِيَوْم الْقِيَامَة﴾ سميت الْقِيَامَة؛ لِأَن النَّاس يقومُونَ فِي هَذَا الْيَوْم لِلْحسابِ وَجَزَاء الْأَعْمَال.
وَعَن الْحسن أَنه قَالَ: أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة، وَلم يقسم بِالنَّفسِ اللوامة.
وَالأَصَح أَن الْقسم بهما.
وَفِي اللوامة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا الْفَاجِرَة تلام يَوْم الْقِيَامَة، فَمَعْنَى اللوامة: الملومة هَاهُنَا على هَذَا القَوْل.
وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ الْأَصَح -: أَنَّهَا المؤمنة تلوم نَفسهَا على مَا تفعل من الْمعاصِي.
قَالَ مُجَاهِد: الْمُؤمن يلوم نَفسه على الْمعاصِي، وَالْكَافِر يمْضِي قدما قدما فِي الْمعاصِي وَلَا يفكر فِيهِ.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه مَا من أحد إِلَّا وَيَلُوم نَفسه يَوْم الْقِيَامَة؛ إِن كَانَ محسنا يلوم أَلا ازْدَادَ واستكثر من الْإِحْسَان، وَإِن كَانَ مسيئا يلوم نَفسه أَلا أقلع عَن الْإِسَاءَة والمعاصي.
وَقَوله: ﴿قَادِرين﴾ أَي: بلَى لنجمعنكم قَادِرين.
وَقيل: بلَى نقدر قَادِرين.
وَقَوله: ﴿على أَن نسوي بنانه﴾ أَي: على تَسْوِيَة بنانه، وَهِي أَطْرَاف الْأَصَابِع، وفيهَا عِظَام صغَار، وخصها بِالذكر؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذا قدر على جمع الْعِظَام الصغار فعلى الْكِبَار أقدر على جمعهَا وإحيائها.
وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿على أَن نسوي بنانه﴾ أَن
وَهُوَ بِمَعْنى التسويف فِي ترك الْمعاصِي وَالتَّوْبَة إِلَى الله.
وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس أَن مَعْنَاهُ: هُوَ التَّكْذِيب بالقيامة، والفجور هُوَ الْميل عَن الْحق، والكاذب مائل عَن الصدْق فَهُوَ فَاجر.
وَحكى ابْن قُتَيْبَة أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى عمر - رَضِي الله - عَنهُ وَقَالَ: إِن بَعِيري قد دبر فَاحْمِلْنِي على بعير، فَلم يحملهُ عمر، فولى الْأَعرَابِي وَهُوَ يَقُول:
(أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر... مَا مَسّه من نقب وَلَا دبر)
(اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ إِن كَانَ فجر... )
أَي: كذب.
قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿يفجر أَمَامه﴾ أَي: يمْضِي أَمَامه رَاكِبًا هَوَاهُ لَا يفكر فِي ذَنْب، وَلَا يَتُوب عَن مَعْصِيّة.
وَقَوله: " برق " أَي: تحير وجزع، وَيُقَال: غشيه مثل الْبَرْق.
وَمِنْه يُقَال: بِئْر منخسفة وَغير منخسفة.
وَعَن أبي حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ أَنه قَالَ: الْكُسُوف أَن يذهب بعض
وَهُوَ قَول مَرْوِيّ عَن غَيره أَيْضا.
قَالَ ابْن مَسْعُود: يصيران كالبعيرين القرينين، ثمَّ يلقيان فِي النَّار فيصيران نَارا على الْكفَّار، وَهَذَا على معنى قَوْله.
وَعَن مُجَاهِد: وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر أَي: كور كِلَاهُمَا.
وَأما قَوْله: ﴿لَا وزر﴾ فِيهِ أَقْوَال: قَالَ سعيد بن جُبَير: لَا محيص.
وَقَالَ عِكْرِمَة: لَا مَنْعَة.
وَعَن مُجَاهِد: لَا منجا.
وَقَالَ مطرف بن عبد الله بن الشخير، وَالضَّحَّاك: لَا جبل.
وَهُوَ قَول مَشْهُور، وَقد كَانَت الْعَرَب إِذا طرقتهم الْخَيل قَالُوا: الْوزر الْوزر، أَي: الْجَبَل الْجَبَل.
قَالَ الشَّاعِر:
(لعمرك مَا للفتى من وزر | إِذا الْمَوْت يُدْرِكهُ وَالْكبر) |
وَيُقَال: ﴿بِمَا قدم وَأخر﴾ بِأول عمله وَآخره.
وَهُوَ محكي عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم.
وَقيل: ﴿بِمَا قدم وَأخر﴾
وَعَن زيد بن أسلم: بِمَا قدم من المَال للصدقة، وَأخر من المَال للْوَرَثَة.
وَقيل: هُوَ شَهَادَة الْجَوَارِح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ ابْن عَبَّاس: تشهد عَلَيْهِ يَدَاهُ وَرجلَاهُ وفرجه وَغير ذَلِك.
وَدخلت التَّاء فِي قَوْله ﴿بَصِيرَة﴾ للْمُبَالَغَة مثل قَوْلهم: عَلامَة وَرِوَايَة وَمَا يشبهها.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وَلَو ألْقى معاذيره﴾ أَي: ستوره، وَاحِدهَا معذار، قَالَ الزّجاج: وَهُوَ السّتْر.
وَقيل: هُوَ لُغَة يَمَانِية.
وَالْمعْنَى: أَنه وَإِن ستر جَمِيع أعمله بالستور، فَإِنَّمَا تظهر يَوْم الْقِيَامَة ويجازى عَلَيْهِ.
الحَدِيث.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَانَ يُحَرك لِسَانه حبا للوحي، ذكره الضَّحَّاك.
و" قرآنه " أَي: نيسر قِرَاءَته عَلَيْك؛ فالقرآن هَاهُنَا بِمَعْنى الْقِرَاءَة.
وَقَالَ قَتَادَة: إِن علينا جمعه وقرآنه فِي صدرك وتآليفه على مَا أَنزَلْنَاهُ.
وَيُقَال: إِذا قَرَأَهُ جِبْرِيل عَلَيْك فَاتبع قرآنه، وَقيل: فَاتبع قرآنه أَي: فَاتبع الْقُرْآن بِالْعَمَلِ بِهِ فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي.
والنضرة: هِيَ النِّعْمَة والبهجة فِي اللُّغَة.
وَقَوله: ﴿إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ هُوَ النّظر إِلَى الله تَعَالَى بالأعين، وَهُوَ ثَابت للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة بوعد الله تَعَالَى وبخبر الرَّسُول.
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس بِإِسْنَادِهِ عَن إِسْرَائِيل عَن ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: " إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة لمن ينظر فِي ملكه ألف سنة يرى أقصاه كَمَا يرى أدناه، وَإِن أفضلهم منزلَة لمن ينظر إِلَى الله تَعَالَى كل يَوْم مرَّتَيْنِ ".
وَفِي رِوَايَة: " غدْوَة وعشيا، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وجود يَوْمئِذٍ ناضرة﴾ ".
وَالَّذِي ذَكرْنَاهُ من النّظر إِلَى الله هُوَ قَول عَامَّة الْمُفَسّرين، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَيْضا أَنه حمل الْآيَة على هَذَا، وَذكره سَائِر الروَاة.
وَحكى بَعضهم عَن مُجَاهِد: إِلَى ثَوَاب رَبهَا ناظرة، وَلَيْسَ يَصح؛ لِأَن الْعَرَب لَا تطلق هَذَا اللَّفْظ فِي مثل هَذَا الْموضع إِلَّا وَالْمرَاد مِنْهُ النّظر بِالْعينِ، وَلَعَلَّ القَوْل المحكي عَن مُجَاهِد لَا يثبت؛ لِأَنَّهُ لم يُورد من يوثق بروايته.
وَحمل بَعضهم قَوْله: ﴿ناظرة﴾ أَي: منتظرة، وَهَذَا أَيْضا تَأْوِيل بَاطِل؛ لِأَن الْعَرَب لَا تصل قَوْله: " ناظرة " بِكَلِمَة " إِلَى " إِلَّا بِمَعْنى النّظر بِالْعينِ، قَالَ الشَّاعِر:
(نظرت إِلَيْهَا بالمحصب من منى | ولي نظر وَلَوْلَا التحرج عَارِم) |
(فإنكما إِن تنظراني سَاعَة | من الدَّهْر تنفعني لَدَى أم جُنْدُب) |
وقوله :( إلى ربها ناظرة ) هو النظر إلى الله تعالى بالأعين، وهو ثابت للمؤمنين في الجنة بوعد الله تعالى وبخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه : أخبرنا أبو الحسن بن النقور، أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، أخبرنا البغوي، أخبرنا هدبة [ بن ]١ خالد عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى الله تعالى " ٢.
قال رضي الله عنه : أخبرنا أبو علي الشافعي بمكة، أخبرنا أبو الحسن بن فراس بإسناده عن إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه ألف سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى الله تعالى كل يوم مرتين ". وفي رواية :" غدوة وعشيا، ثم قرأ قوله تعالى :( وجود يومئذ ناضرة ) " ٣.
والذي ذكرناه من النظر إلى الله هو قول عامة المفسرين، وهو مروي عن الحسن البصري أيضا أنه حمل الآية على هذا، وذكره سائر الرواة.
وحكى بعضهم عن مجاهد : إلى ثواب ربها ناظرة، وليس يصح ؛ لأن العرب لا تطلق هذا اللفظ في مثل هذا الموضع إلا والمراد منه النظر بالعين، ولعل القول المحكي عن مجاهد لا يثبت ؛ لأنه لم يورده من يوثق بروايته.
وحمل بعضهم قوله :( ناظرة ) أي : منتظرة، وهذا أيضا تأويل باطل ؛ لأن العرب لا تصل قوله :" ناظرة " بكلمة " إلى " إلا بمعنى النظر بالعين، قال الشاعر :.
نظرت إليها بالمحصب من منى | ولي نظر ولولا التحرج عارم |
فإنكما إن تنظراني ساعة | من الدهر تنفعني لدى أم جندب |
٢ - تقدم تخريجه..
٣ - رواه الترمذي٥/ ٤٠٢، رقم ٣٣٣٠، وقال: غريب، وأحمد ٢/ ١٣، ٦٤، وعبد بن حميد ٢٦ رقم ٨١٩، وأبو يعلى ١٠/ ٧٦- ٧٧ رقم ٥٧١٢، ٥٧٢٩، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم ٩٦، في السنة رقم ٢٧٤، ٢٧٥، والطبري ٢٩/ ١٢٠، وابن عدي في الكامل ٢/ ١٠٦، والآجري في الشريعة ٢٦٩، والحاكم ٢/ ٥٠٩- ٥١٠، وأبو الشيخ في العظمة رقم ٦٠٦، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٨٧، وفي صفة الجنة رقم ٤٥١، والبيهقي في البعث رقم ٤٧٧- ٤٧٨،
وقال الهيثمي في المجمع ١٠/ ٤١٠: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، وفي أسانيدهم ثوير بن أبي فاختة، وهو مجمع على ضعفه. قلت: وبه أعله الذهبي في تلخيصه على المستدرك..
٤ - في "الأصل" و"ك": أرادت..
وَقيل: فاقرة: واهية، أَو أَمر عَظِيم.
والتراقي جمع ترقوة،
وَقيل مَعْنَاهُ: أَن الْمَلَائِكَة يَقُولُونَ من يرقي بِرُوحِهِ أَي: تصعد مَلَائِكَة الرَّحْمَة أَو مَلَائِكَة الْعَذَاب.
وَهُوَ صَحِيح عَنهُ، وَهُوَ المعني.
وَقيل: يجْتَمع عَلَيْهِ كرب الْمَوْت وهول المطلع.
قَالَ الضَّحَّاك: هُوَ فِي أَمر عَظِيم، النَّاس يجهزون بدنه، وَالْمَلَائِكَة يجهزون روحه.
وَعَن الْحسن: " والتفت السَّاق بالساق " أَي: فِي الْكَفَن، وَهُوَ السَّاق الْمَعْرُوف، وعَلى القَوْل الأول السَّاق بِمَعْنى الشدَّة.
وَقد ذكرنَا من قبل.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نزلت الْآيَة فِي أبي جهل بن هِشَام.
ومشية الْمُطَيْطَاء هِيَ مشْيَة التَّبَخْتُر.
وَقيل: هُوَ أَن يولي مطاؤه، والمطا الظّهْر.
وَفِي بعض التفاسير: أَنه مشْيَة بني مَخْزُوم.
وَقيل: التمطي: هُوَ التمدد من كسل أَو مرض، فَأَما من الْمَرَض فَهُوَ غير مَذْمُوم، وَأما من الكسل إِذا كَانَ تثاقلا عَن الْحق فَهُوَ مَذْمُوم.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهَا: وليك الْمَكْرُوه وقارب مِنْك، وَهَذَا قَول قَتَادَة وَجَمَاعَة.
وَالْقَوْل الثَّالِث: الذَّم أولى لَك، ثمَّ طرحت لفظ الذَّم للاستغناء عَنْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْلُوم، ذكره عَليّ بن عِيسَى.
وَفِي التَّفْسِير: " أَن النَّبِي لَقِي أَبَا جهل وَهُوَ يخرج من بَاب بني مَخْزُوم يتبختر، فَأخذ بِيَدِهِ وهزه مرّة أَو مرَّتَيْنِ، ثمَّ قَالَ لَهُ: أولى لَك فَأولى، فَأخْبر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن قَول الرَّسُول على مَا قَالَ "، وَهَذَا قَول حسن؛ لِأَن أولى فِي لُغَة الْعَرَب بِمَعْنى كَاد وهم، وَلَفْظَة كَاد بالخلق أليق؛ فَهُوَ حِكَايَة من الله تَعَالَى لقَوْل الرَّسُول.
وأنشدوا فِي كلمة أولى قَول الخنساء:
(هَمَمْت بنفسي بعض الهموم | فَأولى لنَفْسي أولى لَهَا) |
(سأحمل نَفسِي على آلَة | فإمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا) |
فأحد الأقوال أن معناها : الويل لك ثم الويل لك.
والثاني : معناها : وليك المكروه وقارب منك، وهذا قول قتادة وجماعة.
والقول الثالث : الذم أولى لك، ثم طرحت لفظ الذم للاستغناء عنها ولأنه معلوم، ذكره علي بن عيسى.
وفي التفسير :" أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل وهو يخرج من باب بني مخزوم يتبختر، فأخذ بيده وهزه مرة أو مرتين، ثم قال له : أولى لك فأولى، فأخبر الله تعالى في القرآن قول الرسول على ما قال " ١، وهذا قول حسن ؛ لأن أولى في لغة العرب بمعنى كاد وهم، ولفظة كاد بالخلق أليق ؛ فهو حكاية من الله تعالى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم. وأنشدوا في كلمة أولى قول الخنساء :.
هممت بنفسي بعض الهموم | فأولى لنفسي أولى لها |
سأحمل نفسي على آلة | فإما عليها وإما لها |
قَالَه مُجَاهِد.
وَقيل: لَا يبْعَث وَلَا يُحَاسب وَلَا يُعَاقب، قَالَ الشَّاعِر:
(فأقسم بِاللَّه جهد الْيَمين | مَا ترك الله شَيْئا سدى) |