تفسير سورة القيامة

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة القيامة من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ [ القيامة : ٢٢-٢٣ ].
٩٢٤- القاضي عياض : قال ابن نافع وأشهب : قلت يا أبا عبد الله ﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ ينظرون إلى الله ؟. ١
قال : نعم بأعينهم هاتين.
فقلت : له : فإن قوما يقولون : لا ينظر إلى الله، إن ﴿ ناضرة ﴾ بمعنى منتظرة إلى الثواب٢.
قال : كذبوا، بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى عليه السلام :﴿ رب أرني أنظر إليك ﴾٣ أفترى موسى سأل ربه محالا ؟ فقال الله : لن تراني في الدنيا لأنها دار فناء، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾ [ المطففين : ١٥ ].
٩٢٥- أبو نعيم : عن الحسين بن عبد العزيز قال : سمعت أبا حفص يقول : سمعت مالك ابن أنس يقول ﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ قوم يقولون إلى ثوابه، قال مالك : كذبوا فأين هم عن قول الله تعالى :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾٤. ٥
١ - ترتيب المدارك: ٢/٤٢. وينظر: البيان والتحصيل: ١٨/٤٧٨، وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر قال: "أخرج أبو العباس السراج في تاريخه عن الحسن بن عبد العزيز الجروي وهو من شيوخ البخاري، سمعت عمرو بن أبي سلمة يقول: سمعت مالكا بن أنس وقيل له يا أبا عبد الله قول الله تعالى: ﴿إلى ربها ناضرة﴾ يقول قوم: إلى ثوابه، فقال: كذبوا فأين هم عن قوله تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾ ١٣/ ٤٢٦. وقد تعقب محمد أبو زهرة تفسير مالك في هذه المسألة قائلا: "وترى من هذا أن مالكا رضي الله عنه يقرر جواز رؤية الله سبحانه وتعالى وأن الله أخبر أن المؤمنين سيرونه في الآخرة وأنها ستقع، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في ظاهر القرآن.
ويستدل على جوازها بأن موسى عليه السلام طلبها، وموسى النبي الكريم لا يطلب محالا، فلو كانت محالا ما طلبها. وأن النفي للرؤية، إنما يقع على الرؤية في الدنيا، لأن الدنيا هي دار الفناء فالجوارح الإنسانية فيها إلى فناء، إلى أن يعيدها الله سبحانه وتعالى كما بدأها، فتكون إلى البقاء. والباقي لا يرى إلا بما هو من الجوارح التي للقاء، وهذا الأخير دليل خطابي بعث إليه الإيمان بظاهر المنقول وليس برهانا منطقيا، حتى يناقش بأساليب المناطقة ويوضع على نظام أقيستهم" مالك حياته وعصره وآراؤه وفقهه: ١٦٠..

٢ - الثواب: ما يستحق به الرحمة والمغفرة من الله تعالى، والشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم. وقيل الثواب هو إعطاء ما يلائم الطبع. التعريفات: ٧٢. ينظر: أنيس الفقهاء/٢٦١..
٣ - سورة الأعراف: الآية: ١١٣..
٤ - سورة المطففين: الآية: ١٥..
٥ - الحلية: ٦/ ٣٢٦..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ [ القيامة : ٢٢-٢٣ ].

٩٢٤-
القاضي عياض : قال ابن نافع وأشهب : قلت يا أبا عبد الله ﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ ينظرون إلى الله ؟. ١
قال : نعم بأعينهم هاتين.
فقلت : له : فإن قوما يقولون : لا ينظر إلى الله، إن ﴿ ناضرة ﴾ بمعنى منتظرة إلى الثواب٢.
قال : كذبوا، بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى عليه السلام :﴿ رب أرني أنظر إليك ﴾٣ أفترى موسى سأل ربه محالا ؟ فقال الله : لن تراني في الدنيا لأنها دار فناء، ولا ينظر ما يبقى بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾ [ المطففين : ١٥ ].

٩٢٥-
أبو نعيم : عن الحسين بن عبد العزيز قال : سمعت أبا حفص يقول : سمعت مالك ابن أنس يقول ﴿ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة ﴾ قوم يقولون إلى ثوابه، قال مالك : كذبوا فأين هم عن قول الله تعالى :﴿ كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ﴾٤. ٥
١ - ترتيب المدارك: ٢/٤٢. وينظر: البيان والتحصيل: ١٨/٤٧٨، وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر قال: "أخرج أبو العباس السراج في تاريخه عن الحسن بن عبد العزيز الجروي وهو من شيوخ البخاري، سمعت عمرو بن أبي سلمة يقول: سمعت مالكا بن أنس وقيل له يا أبا عبد الله قول الله تعالى: ﴿إلى ربها ناضرة﴾ يقول قوم: إلى ثوابه، فقال: كذبوا فأين هم عن قوله تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾ ١٣/ ٤٢٦. وقد تعقب محمد أبو زهرة تفسير مالك في هذه المسألة قائلا: "وترى من هذا أن مالكا رضي الله عنه يقرر جواز رؤية الله سبحانه وتعالى وأن الله أخبر أن المؤمنين سيرونه في الآخرة وأنها ستقع، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في ظاهر القرآن.
ويستدل على جوازها بأن موسى عليه السلام طلبها، وموسى النبي الكريم لا يطلب محالا، فلو كانت محالا ما طلبها. وأن النفي للرؤية، إنما يقع على الرؤية في الدنيا، لأن الدنيا هي دار الفناء فالجوارح الإنسانية فيها إلى فناء، إلى أن يعيدها الله سبحانه وتعالى كما بدأها، فتكون إلى البقاء. والباقي لا يرى إلا بما هو من الجوارح التي للقاء، وهذا الأخير دليل خطابي بعث إليه الإيمان بظاهر المنقول وليس برهانا منطقيا، حتى يناقش بأساليب المناطقة ويوضع على نظام أقيستهم" مالك حياته وعصره وآراؤه وفقهه: ١٦٠..

٢ - الثواب: ما يستحق به الرحمة والمغفرة من الله تعالى، والشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم. وقيل الثواب هو إعطاء ما يلائم الطبع. التعريفات: ٧٢. ينظر: أنيس الفقهاء/٢٦١..
٣ - سورة الأعراف: الآية: ١١٣..
٤ - سورة المطففين: الآية: ١٥..
٥ - الحلية: ٦/ ٣٢٦..

سورة القيامة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القيامة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القارعة)، وقد تحدَّثتْ عن القيامة، وما يقترن بها من أهوالٍ، وحالِ الإنسان في هذا اليوم العصيب، مقارنةً بما كان عليه في الدنيا من غفلةٍ واستبعاد لهذا اليوم، مع الدعوةِ للاستعداد لهذا اليوم.

ترتيبها المصحفي
75
نوعها
مكية
ألفاظها
165
ترتيب نزولها
31
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
39
العد الكوفي
40
العد الشامي
39

* قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]:

عن موسى بن أبي عائشةَ، قال: حدَّثَنا سعيدُ بن جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ مِن التنزيلِ شِدَّةً، وكان يُحرِّكُ شَفَتَيهِ - فقال لي ابنُ عباسٍ: فأنا أُحرِّكُهما لك كما كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُهما، فقال سعيدٌ: أنا أُحرِّكُهما كما كان ابنُ عباسٍ يُحرِّكُهما، فحرَّكَ شَفَتَيهِ -؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 16-17]، قال: جَمْعُه في صدرِك، ثم تَقرَؤُه، {فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَاْتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 18]، قال: فاستمِعْ له وأنصِتْ، ثم إنَّ علينا أن تَقرأَه، قال: فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جِبْريلُ عليه السلام استمَعَ، فإذا انطلَقَ جِبْريلُ قرَأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأَه». أخرجه البخاري (٧٥٢٤).

* سورة (القيامة):

سُمِّيت سورة (القيامة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بهذا اليومِ العظيم.

1. أهوال يوم القيامة (١-١٥).

2. طريق النجاة (١٦-١٩).

3. عَوْدٌ لمَشاهدِ القيامة (٢٠-٢٥).

4. ساعة الموت (٢٦-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /487).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث، والتذكيرِ بيوم القيامة، وذِكْرِ أشراطه، وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناسُ في الدنيا، واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء، وتكريم أهل السعادة، والتذكير بالموت، وأنه أول مراحلِ الآخرة، والزَّجر عن إيثار منافعِ الحياة العاجلة على ما أُعِدَّ لأهل الخير من نعيم الآخرة». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /337).