تفسير سورة القيامة

تفسير الجلالين

تفسير سورة سورة القيامة من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين.
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿لا﴾ زائدة في الموضعين {أقسم بيوم القيامة
﴿وَلَا أُقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة﴾ الَّتِي تَلُوم نَفْسهَا وَإِنْ اجْتَهَدَتْ فِي الْإِحْسَان وَجَوَاب الْقَسَم مَحْذُوف أَيْ لَتُبْعَثُنَّ دَلَّ عليه
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَان﴾ أَيْ الْكَافِر ﴿أَلَّنْ نَجْمَع عِظَامه﴾ للبعث والإحياء
﴿بَلَى﴾ نَجْمَعهَا ﴿قَادِرِينَ﴾ مَعَ جَمْعهَا ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانه﴾ وَهُوَ الْأَصَابِع أَيْ نُعِيد عِظَامهَا كَمَا كَانَتْ مَعَ صِغَرهَا فَكَيْفَ بِالْكَبِيرَةِ
﴿بَلْ يُرِيد الْإِنْسَان لِيَفْجُر﴾ اللَّام زَائِدَة وَنَصَبَهُ بِأَنْ مُقَدَّرَة أَيْ أَنْ يُكَذِّب ﴿أَمَامه﴾ أَيْ يَوْم الْقِيَامَة دَلَّ عَلَيْهِ
﴿يَسْأَل أَيَّانَ﴾ مَتَى ﴿يَوْم الْقِيَامَة﴾ سُؤَال اسْتِهْزَاء وتكذيب
﴿فإذا برق البصر﴾ بكسر الراء وفتحها دَهَشَ وَتَحَيَّرَ لِمَا رَأَى مِمَّا كَانَ يُكَذِّبهُ
﴿وخسف القمر﴾ أظلم وذهب ضوؤه
﴿وَجُمِعَ الشَّمْس وَالْقَمَر﴾ فَطَلَعَا مِنْ الْمَغْرِب أَوْ ذهب ضوؤهما وَذَلِكَ فِي يَوْم الْقِيَامَة
١ -
﴿يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرّ﴾ الْفِرَار
١ -
﴿كَلَّا﴾ رَدْع عَنْ طَلَب الْفِرَار ﴿لَا وَزَر﴾ لَا مَلْجَأ يَتَحَصَّن بِهِ
١ -
﴿إلَى رَبّك يَوْمئِذٍ الْمُسْتَقَرّ﴾ مُسْتَقَرّ الْخَلَائِق فَيُحَاسَبُونَ ويجازون
١ -
﴿يُنَبَّأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ بِأَوَّلِ عمله وآخره
١ -
﴿بل الإنسان على نفسه بصيرة﴾ شاهد تنطلق جَوَارِحه بِعَمَلِهِ وَالْهَاء لِلْمُبَالَغَةِ فَلَا بُدّ مِنْ جزائه
١ -
﴿وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيره﴾ جَمْع مَعْذِرَة عَلَى غَيْر قِيَاس أَيْ لَوْ جَاءَ بِكُلِّ مَعْذِرَة مَا قبلت منه
١ -
تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﴿لَا تُحَرِّك بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ قَبْل فَرَاغ جِبْرِيل مِنْهُ ﴿لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ﴾ خَوْف أَنْ يَنْفَلِت مِنْك
١ -
﴿إنَّ عَلَيْنَا جَمْعه﴾ فِي صَدْرك ﴿وَقُرْآنه﴾ قِرَاءَتك إيَّاهُ أَيْ جَرَيَانه عَلَى لِسَانك
١ -
﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ عَلَيْك بِقِرَاءَةِ جِبْرِيل ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنه﴾ اسْتَمِعْ قِرَاءَته فَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِع ثُمَّ يَقْرَؤُهُ
١ -
﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانه﴾ بِالتَّفْهِيمِ لَك وَالْمُنَاسَبَة بَيْن هَذِهِ الْآيَة وَمَا قَبْلهَا أَنَّ تِلْكَ تَضَمَّنَتْ الْإِعْرَاض عَنْ آيَات اللَّه وَهَذِهِ تَضَمَّنَتْ الْمُبَادَرَة إلَيْهَا بِحِفْظِهَا
٢ -
﴿كَلَّا﴾ اسْتِفْتَاح بِمَعْنَى أَلَا ﴿بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَة﴾ الدُّنْيَا بِالْيَاءِ وَالتَّاء فِي الْفِعْلَيْنِ
٢ -
﴿وَتَذَرُونَ الْآخِرَة﴾ فَلَا يَعْمَلُونَ لَهَا
٢ -
﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ﴾ أَيْ فِي يَوْم الْقِيَامَة ﴿نَاضِرَة﴾ حسنة مضيئة
779
٢ -
780
﴿إلَى رَبّهَا نَاظِرَة﴾ أَيْ يَرَوْنَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى فِي الْآخِرَة
٢ -
﴿وَوُجُوه يَوْمئِذٍ بَاسِرَة﴾ كَالِحَة شَدِيدَة الْعُبُوس
٢ -
﴿تَظُنّ﴾ تُوقِن ﴿أَنْ يُفْعَل بِهَا فَاقِرَة﴾ دَاهِيَة عَظِيمَة تكسر فقار الظهر
٢ -
﴿كلا﴾ بمعنى إلا ﴿إلا بَلَغَتْ﴾ النَّفْس ﴿التَّرَاقِيَ﴾ عِظَام الْحَلْق
٢ -
﴿وقيل﴾ قال من حوله ﴿من راق﴾ يرقيه ليشفى
٢ -
﴿وَظَنَّ﴾ أَيْقَنَ مَنْ بَلَغَتْ نَفْسه ذَلِكَ ﴿أَنَّهُ الفراق﴾ فراق الدنيا
٢ -
﴿وَالْتَفَّتْ السَّاق بِالسَّاقِ﴾ أَيْ إحْدَى سَاقَيْهِ بِالْأُخْرَى عِنْد الْمَوْت أَوْ الْتَفَّتْ شِدَّة فِرَاق الدُّنْيَا بِشِدَّةِ إقْبَال الْآخِرَة
٣ -
﴿إلَى رَبّك يَوْمئِذٍ الْمَسَاق﴾ أَيْ السَّوْق وَهَذَا يَدُلّ عَلَى الْعَامِل فِي إذَا وَالْمَعْنَى إذَا بَلَغَتْ النَّفْس الْحُلْقُوم تُسَاق إلَى حُكْم رَبّهَا
٣ -
﴿فَلَا صَدَّقَ﴾ الْإِنْسَان ﴿وَلَا صَلَّى﴾ أَيْ لَمْ يُصَدِّق وَلَمْ يُصَلِّ
٣ -
﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿وَتَوَلَّى﴾ عَنْ الْإِيمَان
٣ -
﴿ثُمَّ ذَهَبَ إلَى أَهْله يَتَمَطَّى﴾ يَتَبَخْتَر فِي مِشْيَته إعجابا
٣ -
﴿أَوْلَى لَك﴾ فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة وَالْكَلِمَة اسْم فِعْل وَاللَّام لِلتَّبْيِينِ أَيْ وَلِيّك مَا تَكْرَه ﴿فَأَوْلَى﴾ أَيْ فَهُوَ أَوْلَى بِك مِنْ غيرك
٣ -
﴿ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى﴾ تَأْكِيد
٣ -
﴿أَيَحْسَبُ﴾ يَظُنّ ﴿الْإِنْسَان أَنْ يُتْرَك سُدًى﴾ هَمْلًا لَا يُكَلَّف بِالشَّرَائِعِ لَا يَحْسَب ذَلِكَ
٣ -
﴿أَلَمْ يَكُ﴾ أَيْ كَانَ ﴿نُطْفَة مِنْ مَنِيّ يُمْنَى﴾ بِالْيَاءِ وَالتَّاء تُصَبّ فِي الرَّحِم
٣ -
﴿ثُمَّ كَانَ﴾ الْمَنِيّ ﴿عَلَقَة فَخَلَقَ﴾ اللَّه مِنْهَا الإنسان ﴿فسوى﴾ عدل أعضاءه
٣ -
﴿فَجَعَلَ مِنْهُ﴾ مِنْ الْمَنِيّ الَّذِي صَارَ عَلَقَة قِطْعَة دَم ثُمَّ مُضْغَة أَيْ قِطْعَة لَحْم ﴿الزَّوْجَيْنِ﴾ النَّوْعَيْنِ ﴿الذَّكَر وَالْأُنْثَى﴾ يَجْتَمِعَانِ تَارَة وَيَنْفَرِد كُلّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَر تَارَة
780
٤ -
781
﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ﴾ الْفَعَّال لِهَذِهِ الْأَشْيَاء ﴿بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم بلى = ٧٦ سورة الإنسان
سورة القيامة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القيامة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القارعة)، وقد تحدَّثتْ عن القيامة، وما يقترن بها من أهوالٍ، وحالِ الإنسان في هذا اليوم العصيب، مقارنةً بما كان عليه في الدنيا من غفلةٍ واستبعاد لهذا اليوم، مع الدعوةِ للاستعداد لهذا اليوم.

ترتيبها المصحفي
75
نوعها
مكية
ألفاظها
165
ترتيب نزولها
31
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
39
العد الكوفي
40
العد الشامي
39

* قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]:

عن موسى بن أبي عائشةَ، قال: حدَّثَنا سعيدُ بن جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ مِن التنزيلِ شِدَّةً، وكان يُحرِّكُ شَفَتَيهِ - فقال لي ابنُ عباسٍ: فأنا أُحرِّكُهما لك كما كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُهما، فقال سعيدٌ: أنا أُحرِّكُهما كما كان ابنُ عباسٍ يُحرِّكُهما، فحرَّكَ شَفَتَيهِ -؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 16-17]، قال: جَمْعُه في صدرِك، ثم تَقرَؤُه، {فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَاْتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 18]، قال: فاستمِعْ له وأنصِتْ، ثم إنَّ علينا أن تَقرأَه، قال: فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جِبْريلُ عليه السلام استمَعَ، فإذا انطلَقَ جِبْريلُ قرَأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأَه». أخرجه البخاري (٧٥٢٤).

* سورة (القيامة):

سُمِّيت سورة (القيامة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بهذا اليومِ العظيم.

1. أهوال يوم القيامة (١-١٥).

2. طريق النجاة (١٦-١٩).

3. عَوْدٌ لمَشاهدِ القيامة (٢٠-٢٥).

4. ساعة الموت (٢٦-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /487).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث، والتذكيرِ بيوم القيامة، وذِكْرِ أشراطه، وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناسُ في الدنيا، واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء، وتكريم أهل السعادة، والتذكير بالموت، وأنه أول مراحلِ الآخرة، والزَّجر عن إيثار منافعِ الحياة العاجلة على ما أُعِدَّ لأهل الخير من نعيم الآخرة». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /337).