تفسير سورة القيامة

الموسوعة القرآنية

تفسير سورة سورة القيامة من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية.
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

٧٥ سورة القيامة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤)
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦)
١- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ:
أي أقسم وأؤكد القسم بيوم القيامة، وهو الحق الثابت.
وإدخال (لا) النافية على فعل القسم مستفيض فى كلامهم وأشعارهم. وفائدتها توكيد القسم.
٢- وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ:
اللَّوَّامَةِ التي تلوم صاحبها على الذنب والتقصير.
٣- أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ:
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ بعد أن خلقناه من عدم.
أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ أن لن نجمع ما بلى من عظامه.
٤- بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ:
بَلى نجمعها.
قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ما دق من عظام أصابعه، فكيف بما كبر من عظام جسمه.
٥- بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ:
بَلْ أينكر الإنسان البعث.
يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يريد أن يبقى على الفجور فيما يستقبل من أيام عمره كلها.
٦- يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ:
يَسْئَلُ مستبعدا قيام الساعة.
أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ متى يكون يوم القيامة.

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٧ الى ٩]

فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)
٧- فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ:
أي فإذا تحير البصر فزعا ودهشا.
٨- وَخَسَفَ الْقَمَرُ:
أي وذهب ضوء القمر.
٩- وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ:
أي وقرن الشمس والقمر فى الطلوع من المغرب.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٠ الى ١٥]
يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤)
وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥)
١٠- يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ:
أَيْنَ الْمَفَرُّ أي الفرار من العذاب.
١١- كَلَّا لا وَزَرَ:
كَلَّا ردعا لك أيها الإنسان عن طلب المفر.
لا وَزَرَ لا ملجأ لك.
١٢- إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ
الْمُسْتَقَرُّ
المنتهى.
١٣- يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
يُنَبَّؤُا
يخبر.
بِما قَدَّمَ
بما قدمه من عمل.
وَأَخَّرَ
وما أخره.
١٤- بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
بَصِيرَةٌ
حجة واضحة تلزمه بما فعل أو ترك.
١٥- وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
وَلَوْ أَلْقى
ولو طرح.
مَعاذِيرَهُ
أعذاره.
أي ولو أدلى بعذر أو حجة لم ينفعه ذلك.

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٦ الى ٢٣]

لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠)
وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)
١٦- لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
بِهِ
بالقرآن، أي لا تحرك بالقرآن لسانك حين الوحى.
لِتَعْجَلَ بِهِ
أي لتعجل بقراءته وحفظه.
١٧- إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
جَمْعَهُ
فى صدرك.
وَقُرْآنَهُ
وإثبات قراءته فى لسانك.
١٨- فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
فَإِذا قَرَأْناهُ
أي فإذا قرأه عليك رسولنا.
فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
فاتبع قراءته منصتا له.
١٩- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ:
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بعد ذلك.
بَيانَهُ إذا أشكل عليك شىء منه.
٢٠- كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ:
كَلَّا ردعا لكم عن إنكار البعث وهو الحق.
بَلْ أنتم.
تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ الدنيا ومتاعها.
٢١- وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ:
أي وتتركون الآخرة ونعيمها.
٢٢- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ:
ناضِرَةٌ حسنة ناعمة.
٢٣- إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ:
ناظِرَةٌ بدون تحديد بصفة أو وجهة أو مسافة.

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٢٤ الى ٣٢]

وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨)
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)
٢٤- وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ:
باسِرَةٌ كالحة شديدة العبوس.
٢٥- تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ:
تَظُنُّ تتوقع.
فاقِرَةٌ داهية تقصم فقرات الظهر.
٢٦- كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ:
كَلَّا ردعا لكم عن حب الدنيا التي تفارقونها.
إِذا بَلَغَتِ أي الروح.
التَّراقِيَ عظام النحر.
٢٧- وَقِيلَ مَنْ راقٍ
وَقِيلَ
أي وقال الحاضرون بعضهم لبعض.
مَنْ راقٍ
هل من راق يرقيه مما به.
٢٨- وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ:
وَظَنَّ أي المحتضر.
أَنَّهُ الْفِراقُ أن الذي نزل به هو فراق الدنيا.
٢٩- وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ:
أي والتوت إحدى الساقين على الأخرى عند نزع الروح.
٣٠- إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ:
الْمَساقُ مساق العباد إما إلى جنة وإما إلى نار.
٣١- فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى:
فَلا صَدَّقَ بالرسول والقرآن.
وَلا صَلَّى ولا أدى لله فرائض الصلوات.
٣٢- وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى:
وَلكِنْ كَذَّبَ بالقرآن.
وَتَوَلَّى وأعرض عن الإيمان.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٣٣ الى ٣٨]
ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧)
ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨)
٣٣- ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى:
يَتَمَطَّى يمد ظهره متبخترا.
٣٤- أَوْلى لَكَ فَأَوْلى:
أَوْلى لَكَ هلاك لك أيها المكذب.
فَأَوْلى فهلاك.
٣٥- ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى:
ثُمَّ أَوْلى لَكَ ثم هلاك دائم لك.
فَأَوْلى فهلاك.
٣٦- أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً:
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ المنكر للبعث.
أَنْ يُتْرَكَ سُدىً مهملا يرتع فى حياته ثم يموت فلا يبعث ويحاسب على عمله.
٣٧- أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى:
أَلَمْ يَكُ الإنسان.
نُطْفَةً ماء قليلا.
مِنْ مَنِيٍّ من قطرة ماء.
يُمْنى يراق فى الرحم.
٣٨- ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى:
عَلَقَةً قطعة دم جامد.
فَخَلَقَ فخلقه الله.
فَسَوَّى فسواه فى أحسن تقويم.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)
٣٩- فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى:
الزَّوْجَيْنِ الصنفين.
٤٠- أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى:
أَلَيْسَ ذلِكَ المبدع الفعال لهذه الأشياء.
سورة القيامة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القيامة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القارعة)، وقد تحدَّثتْ عن القيامة، وما يقترن بها من أهوالٍ، وحالِ الإنسان في هذا اليوم العصيب، مقارنةً بما كان عليه في الدنيا من غفلةٍ واستبعاد لهذا اليوم، مع الدعوةِ للاستعداد لهذا اليوم.

ترتيبها المصحفي
75
نوعها
مكية
ألفاظها
165
ترتيب نزولها
31
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
39
العد الكوفي
40
العد الشامي
39

* قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]:

عن موسى بن أبي عائشةَ، قال: حدَّثَنا سعيدُ بن جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ مِن التنزيلِ شِدَّةً، وكان يُحرِّكُ شَفَتَيهِ - فقال لي ابنُ عباسٍ: فأنا أُحرِّكُهما لك كما كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُهما، فقال سعيدٌ: أنا أُحرِّكُهما كما كان ابنُ عباسٍ يُحرِّكُهما، فحرَّكَ شَفَتَيهِ -؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 16-17]، قال: جَمْعُه في صدرِك، ثم تَقرَؤُه، {فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَاْتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 18]، قال: فاستمِعْ له وأنصِتْ، ثم إنَّ علينا أن تَقرأَه، قال: فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جِبْريلُ عليه السلام استمَعَ، فإذا انطلَقَ جِبْريلُ قرَأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأَه». أخرجه البخاري (٧٥٢٤).

* سورة (القيامة):

سُمِّيت سورة (القيامة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بهذا اليومِ العظيم.

1. أهوال يوم القيامة (١-١٥).

2. طريق النجاة (١٦-١٩).

3. عَوْدٌ لمَشاهدِ القيامة (٢٠-٢٥).

4. ساعة الموت (٢٦-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /487).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث، والتذكيرِ بيوم القيامة، وذِكْرِ أشراطه، وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناسُ في الدنيا، واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء، وتكريم أهل السعادة، والتذكير بالموت، وأنه أول مراحلِ الآخرة، والزَّجر عن إيثار منافعِ الحياة العاجلة على ما أُعِدَّ لأهل الخير من نعيم الآخرة». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /337).