تفسير سورة القيامة

معاني القرآن

تفسير سورة سورة القيامة من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ ( ٤ ) أي : على أَنْ نَجْمعَ. أي : بَلَى نَجْمَعُها قادِرِين. وواحد " البَنَانِ " : بَنَانَةٌ.
وقال ﴿ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴾ ( ١٠ ) أيْ : أينَ الفِرار. وقال الشاعر :[ من المديد وهو الشاهد الثالث والسبعون بعد المئتين ] :
يا لَبَكْرِ أنْشرُوا لِي كُلَيْبَاً يا لَبَكْرِ أَيْنَ أَيْنَ الفِرار
لأنَّ كلَّ مصدرٍ يُبنى هذا البناء فإنما يجعل " مَفْعَِلاً " وإذا أراد المكان [ ١٧٩ ب ] قال ﴿ المَفِرّ ﴾ وقد قرئت ﴿ أَيْنَ المَفِرّ ﴾ لأنَّ كلَّ ما كانَ فعلُه على " يَفْعِل " كان " المَفْعِل " منه مكسورا نحو " المَضْرِب " إذا أردت المكان الذي يضرب فيه.
وقال ﴿ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾ ( ١٤ ) فجعله هو البصيرة كما تقول للرجل : " أَنْتَ حُجَّةٌ على نَفْسِكَ ".
[ و ] قال ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴾ ( ٢٢ ) أيْ : حَسَنَةٌ ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ ( ٢٣ ) يعني - و الله أعلم - بالنظر إلى الله إلى ما يأتيهم من نعمه ورزقه. وقد تقول : " وَاللهِ ما أَنْظُرُ إِلاَّ إِلَى اللهِ وإِلَيْكَ " أي : انتظر ما عند الله وما عندك.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:[ و ] قال ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴾ ( ٢٢ ) أيْ : حَسَنَةٌ ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ ( ٢٣ ) يعني - و الله أعلم - بالنظر إلى الله إلى ما يأتيهم من نعمه ورزقه. وقد تقول :" وَاللهِ ما أَنْظُرُ إِلاَّ إِلَى اللهِ وإِلَيْكَ " أي : انتظر ما عند الله وما عندك.
وقال ﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى ﴾ ( ٣١ ) أي : فَلَمْ يصدّق ولم يصلّ. كما تقول " ذَهَبَ فَلاَ جاءَني ولا جاءَك ".
وقال ﴿ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾ ( ٤٠ ) وقال بعضهم ﴿ يُحيِ الموتى ﴾ فأخفى وجعله بين الإدغام وغير الإدغام ولا يستقيم أن تكون ها هنا مدغما لأن الياء الآخرة ليست تثبت على حال واحد [ إذ ] تصير ألفا في قولك " يَحْيَا " وتحذف في الجزم فهذا لا يلزمه الإدغام ولا يكون فيه إلا الإخفاء وهو بين الإدغام وبين البيان.
سورة القيامة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القيامة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (القارعة)، وقد تحدَّثتْ عن القيامة، وما يقترن بها من أهوالٍ، وحالِ الإنسان في هذا اليوم العصيب، مقارنةً بما كان عليه في الدنيا من غفلةٍ واستبعاد لهذا اليوم، مع الدعوةِ للاستعداد لهذا اليوم.

ترتيبها المصحفي
75
نوعها
مكية
ألفاظها
165
ترتيب نزولها
31
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
39
العد الكوفي
40
العد الشامي
39

* قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]:

عن موسى بن أبي عائشةَ، قال: حدَّثَنا سعيدُ بن جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ} [القيامة: 16]، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعالِجُ مِن التنزيلِ شِدَّةً، وكان يُحرِّكُ شَفَتَيهِ - فقال لي ابنُ عباسٍ: فأنا أُحرِّكُهما لك كما كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحرِّكُهما، فقال سعيدٌ: أنا أُحرِّكُهما كما كان ابنُ عباسٍ يُحرِّكُهما، فحرَّكَ شَفَتَيهِ -؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُۥ وَقُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 16-17]، قال: جَمْعُه في صدرِك، ثم تَقرَؤُه، {فَإِذَا قَرَأْنَٰهُ فَاْتَّبِعْ قُرْءَانَهُۥ} [القيامة: 18]، قال: فاستمِعْ له وأنصِتْ، ثم إنَّ علينا أن تَقرأَه، قال: فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جِبْريلُ عليه السلام استمَعَ، فإذا انطلَقَ جِبْريلُ قرَأَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأَه». أخرجه البخاري (٧٥٢٤).

* سورة (القيامة):

سُمِّيت سورة (القيامة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بهذا اليومِ العظيم.

1. أهوال يوم القيامة (١-١٥).

2. طريق النجاة (١٦-١٩).

3. عَوْدٌ لمَشاهدِ القيامة (٢٠-٢٥).

4. ساعة الموت (٢٦-٤٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /487).

يقول ابن عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث، والتذكيرِ بيوم القيامة، وذِكْرِ أشراطه، وإثبات الجزاء على الأعمال التي عملها الناسُ في الدنيا، واختلاف أحوال أهل السعادة وأهل الشقاء، وتكريم أهل السعادة، والتذكير بالموت، وأنه أول مراحلِ الآخرة، والزَّجر عن إيثار منافعِ الحياة العاجلة على ما أُعِدَّ لأهل الخير من نعيم الآخرة». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /337).