تفسير سورة النازعات

تفسير الجلالين

تفسير سورة سورة النازعات من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين.
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿وَالنَّازِعَات﴾ الْمَلَائِكَة تَنْزِع أَرْوَاح الْكُفَّار ﴿غَرْقًا﴾ نَزْعًا بشدة
﴿وَالنَّاشِطَات نَشْطًا﴾ الْمَلَائِكَة تَنْشِط أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ أَيْ تسلها برفق
﴿وَالسَّابِحَات سَبْحًا﴾ الْمَلَائِكَة تَسْبَح مِنْ السَّمَاء بِأَمْرِهِ تَعَالَى أَيْ تَنْزِل
﴿فَالسَّابِقَات سَبْقًا﴾ الْمَلَائِكَة تَسْبِق بِأَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الجنة
﴿فَالْمُدَبِّرَات أَمْرًا﴾ الْمَلَائِكَة تُدَبِّر أَمْر الدُّنْيَا أَيْ تَنْزِل بِتَدْبِيرِهِ وَجَوَاب هَذِهِ الْأَقْسَام مَحْذُوف أَيْ لَتُبْعَثُنَّ يَا كُفَّار مَكَّة وَهُوَ عَامِل فِي
﴿يَوْم تَرْجُف الرَّاجِفَة﴾ النَّفْخَة الْأُولَى بِهَا يَرْجُف كُلّ شَيْء أَيْ يَتَزَلْزَل فَوُصِفَتْ بِمَا يَحْدُث منها
﴿تَتْبَعهَا الرَّادِفَة﴾ النَّفْخَة الثَّانِيَة وَبَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة وَالْجُمْلَة حَال مِنْ الرَّاجِفَة فَالْيَوْم وَاسِع لِلنَّفْخَتَيْنِ وَغَيْرهمَا فَصَحَّ ظَرْفِيَّته لِلْبَعْثِ الْوَاقِع عَقِب الثَّانِيَة
﴿قُلُوب يَوْمئِذٍ وَاجِفَة﴾ خَائِفَة قَلِقَة
﴿أَبْصَارهَا خَاشِعَة﴾ ذَلِيلَة لِهَوْلِ مَا تَرَى
١ -
﴿يَقُولُونَ﴾ أَيْ أَرْبَاب الْقُلُوب وَالْأَبْصَار اِسْتِهْزَاء وَإِنْكَارًا لِلْبَعْثِ ﴿أَئِنَّا﴾ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ﴿لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَة﴾ أَيْ أَنُرَدُّ بَعْد الْمَوْت إِلَى الْحَيَاة وَالْحَافِرَة اِسْم لِأَوَّلِ الْأَمْر وَمِنْهُ رَجَعَ فُلَان فِي حَافِرَته إِذَا رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ
١ -
﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَة﴾ وَفِي قِرَاءَة نَاخِرَة بَالِيَة مُتَفَتِّتَة نَحْيَا
١ -
﴿قَالُوا تِلْكَ﴾ أَيْ رَجْعَتنَا إِلَى الْحَيَاة ﴿إِذًا﴾ إن صحت ﴿كرة﴾ رجعة ﴿خاسرة﴾ ذات خسر إن قال تعالى
١ -
﴿فَإِنَّمَا هِيَ﴾ أَيْ الرَّادِفَة الَّتِي يَعْقُبهَا الْبَعْث ﴿زَجْرَة﴾ نَفْخَة ﴿وَاحِدَة﴾ فَإِذَا نُفِخَتْ
789
١ -
790
﴿فَإِذَا هُمْ﴾ أَيْ كُلّ الْخَلَائِق ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ بِوَجْهِ الأرض أحياء بعد ما كَانُوا بِبَطْنِهَا أَمْوَاتًا
١ -
﴿هَلْ أَتَاك﴾ يَا مُحَمَّد ﴿حَدِيث مُوسَى﴾ عَامِل في
١ -
﴿إِذْ نَادَاهُ رَبّه بِالْوَادِ الْمُقَدَّس طُوًى﴾ اِسْم الوادي بالتنوين وتركه فقال
١ -
﴿اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّهُ طَغَى﴾ تَجَاوَزَ الْحَدّ في الكفر
١ -
﴿فَقُلْ هَلْ لَك﴾ أَدْعُوك ﴿إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ وَفِي قِرَاءَة بِتَشْدِيدِ الزَّاي بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِيهَا تَتَطَهَّر مِنْ الشِّرْك بِأَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
١ -
﴿وَأَهْدِيَك إِلَى رَبّك﴾ أَدُلّك عَلَى مَعْرِفَته بِبُرْهَانٍ ﴿فتخشى﴾ فتخافه
٢ -
﴿فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى﴾ مِنْ آيَاته السَّبْع وَهِيَ الْيَد أَوْ الْعَصَا
٢ -
﴿فَكَذَّبَ﴾ فِرْعَوْن مُوسَى ﴿وَعَصَى﴾ اللَّه تَعَالَى
٢ -
﴿ثُمَّ أَدْبَرَ﴾ عَنْ الْإِيمَان ﴿يَسْعَى﴾ فِي الْأَرْض بِالْفَسَادِ
٢ -
﴿فَحَشَرَ﴾ جَمَعَ السَّحَرَة وَجُنْده ﴿فَنَادَى﴾
٢ -
﴿فَقَالَ أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى﴾ لَا رَبّ فَوْقِي
٢ -
﴿فَأَخَذَهُ اللَّه﴾ أَهْلَكَهُ بِالْغَرَقِ ﴿نَكَال﴾ عُقُوبَة ﴿الْآخِرَة﴾ أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَة ﴿وَالْأُولَى﴾ أَيْ قَوْله قَبْلهَا مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي وَكَانَ بَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة
٢ -
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الْمَذْكُور ﴿لَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى﴾ الله تعالى
٢ -
﴿أَأَنْتُمْ﴾ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه أي مُنْكِرُو الْبَعْث ﴿أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء﴾ أَشَدّ خَلْقًا ﴿بَنَاهَا﴾ بَيَان لِكَيْفِيَّةِ خَلْقهَا
٢ -
﴿رَفَعَ سَمْكهَا﴾ تَفْسِير لِكَيْفِيَّةِ الْبِنَاء أَيْ جَعَلَ سَمْتهَا فِي جِهَة الْعُلُوّ رَفِيعًا وَقِيلَ سَمْكهَا سَقْفهَا ﴿فَسَوَّاهَا﴾ جَعَلَهَا مُسْتَوِيَة بِلَا عَيْب
٢ -
﴿وَأَغْطَشَ لَيْلهَا﴾ أَظْلَمَهُ ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ أَبْرَزَ نُور شَمْسهَا وَأُضِيفَ إِلَيْهَا اللَّيْل لِأَنَّهُ ظِلّهَا وَالشَّمْس لأنها سراجها
٣ -
﴿وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ بَسَطَهَا وَكَانَتْ مَخْلُوقَة قَبْل السَّمَاء مِنْ غَيْر دَحْو
٣ -
﴿أَخْرَجَ﴾ حَال بِإِضْمَارِ قَدْ أَيْ مُخْرِجًا ﴿مِنْهَا مَاءَهَا﴾ بِتَفْجِيرِ عُيُونهَا ﴿وَمَرْعَاهَا﴾ مَا تَرْعَاهُ النَّعَم مِنْ الشَّجَر وَالْعُشْب وَمَا يَأْكُلهُ النَّاس مِنْ الْأَقْوَات وَالثِّمَار وَإِطْلَاق الْمَرْعَى عَلَيْهِ اِسْتِعَارَة
٣ -
﴿وَالْجِبَال أَرْسَاهَا﴾ أَثْبَتَهَا عَلَى وَجْه الْأَرْض لِتَسْكُن
790
٣ -
791
﴿مَتَاعًا﴾ مَفْعُول لَهُ لِمُقَدَّرٍ أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتْعَة أَوْ مَصْدَر أَيْ تَمْتِيعًا ﴿لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ جَمْع نَعَم وَهِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم
٣ -
﴿فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى﴾ النَّفْخَة الثَّانِيَة
٣ -
﴿يَوْم يَتَذَكَّر الْإِنْسَان﴾ بَدَل مِنْ إِذَا ﴿مَا سَعَى﴾ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ
٣ -
﴿وَبُرِّزَتْ﴾ أُظْهِرَتْ ﴿الْجَحِيم﴾ النَّار الْمُحْرِقَة ﴿لِمَنْ يَرَى﴾ لِكُلِّ رَاءٍ وَجَوَاب إِذَا
٣ -
﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴾ كَفَرَ
٣ -
﴿وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات
٣ -
﴿فَإِنَّ الْجَحِيم هِيَ الْمَأْوَى﴾ مَأْوَاهُ
٤ -
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه﴾ قِيَامه بَيْن يَدَيْهِ ﴿وَنَهَى النَّفْس﴾ الْأَمَّارَة ﴿عَنْ الْهَوَى﴾ الْمُرْدِي باتباع الشهوات
٤ -
﴿فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى﴾ وَحَاصِل الْجَوَاب فَالْعَاصِي فِي النَّار وَالْمُطِيع فِي الْجَنَّة
٤ -
﴿يَسْأَلُونَك﴾ أَيْ كُفَّار مَكَّة ﴿عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ مَتَى وُقُوعهَا وَقِيَامهَا
٤ -
﴿فِيمَ﴾ فِي أَيّ شَيْء ﴿أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾ أَيْ لَيسَ عِنْدك عِلْمهَا حَتَّى تَذْكُرهَا
٤ -
﴿إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا﴾ مُنْتَهَى عِلْمهَا لَا يَعْلَمهُ غيره
٤ -
﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر﴾ إِنَّمَا يَنْفَع إِنْذَارك ﴿مَنْ يخشاها﴾ يخافها
٤ -
﴿كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا﴾ فِي قُبُورهمْ ﴿إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا﴾ عَشِيَّة يَوْم أَوْ بُكْرَته وَصَحَّ إِضَافَة الضُّحَى إِلَى الْعَشِيَّة لِمَا بَيْنهمَا مِنْ الْمُلَابَسَة إِذْ هُمَا طَرَفَا النَّهَار وحسن الإضافة وقوع الكلمة فاصلة = ٨٠ سورة عبس
سورة النازعات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّازعات) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بذكرِ الملائكة التي تَنزِع الأرواح؛ ليبعثَ اللهُ الناس بعد ذلك في يوم الطامَّة الكبرى؛ ليكونَ من اتقى في الجِنان، ويذهبَ من طغى وآثر الحياةَ الدنيا إلى الجحيم مأواه، وقد ذكَّرت السورةُ الكريمة بنِعَمِ الله على خَلْقه وقوَّته وقهره بعد أن بيَّنتْ إقامةَ الحُجَّة على الكافرين، كما أقام موسى عليه السلام الحُجَّةَ على فرعون بالإبلاغ.

ترتيبها المصحفي
79
نوعها
مكية
ألفاظها
179
ترتيب نزولها
81
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
46
العد الشامي
45

- قوله تعالى: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَىٰهَا ٤٢ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَىٰهَآ} [النازعات: 42-43]:

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسألُ عن الساعةِ حتى أُنزِلَ عليه: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَىٰهَا ٤٢ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَىٰهَآ} [النازعات: 42-43]». أخرجه الحاكم (3895).

* سورة (النَّازعات):

سُمِّيت سورة (النَّازعات) بذلك؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بـ(النَّازعات)؛ وهم: الملائكةُ الذين ينتزعون أرواحَ بني آدم.

1. مَشاهد اليوم الآخِر (١-١٤).

2. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (١٥-٢٦).

3. لفتُ النظر إلى خَلْقِ السموات والأرض (٢٧-٣٣).

4. أحداث يوم القيامة (٣٤-٤١).

5. سؤال المشركين عن وقتِ الساعة (٤٢-٤٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /23).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث والجزاء، وإبطال إحالة المشركين وقوعَه، وتهويلِ يومه، وما يعتري الناسَ حينئذٍ من الوَهَلِ، وإبطال قول المشركين بتعذُّرِ الإحياء بعد انعدام الأجساد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /59).