تفسير سورة النازعات

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة النازعات من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً ﴾: الملائكة تنزع أرواح الكفار إغراقا كما يغرق النازع في القوس. ﴿ وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً ﴾: الملائكة تنشط أرواح المؤمنين: أي تحل حلا رفيقا كما ينشط العقال من يد البعير أي يحل حلا برفق. ﴿ وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً ﴾: الملائكة، جعل نزولها كالسباحة. ﴿ فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً ﴾: الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إذ كانت الشياطين تسترق السمع. ﴿ فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ﴾: الملائكة تنزل بالتدبير من عند الله جل اسمه. وقال أبو عبيدة: ﴿ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً ﴾ إلى قوله ﴿ فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً ﴾: هذه كلها النجوم. ﴿ فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ﴾: الملائكة.
﴿ ٱلرَّاجِفَةُ ﴾ هي النفخة الأولى.
﴿ ٱلرَّادِفَةُ ﴾ هي النفخة الثانية.
﴿ وَاجِفَةٌ ﴾ أي خافقة: أي شديدة الاضطراب. وإنما سمي الوجيف في السير لشدة هزه واضطرابه.
﴿ ٱلْحَافِرَةِ ﴾ الرجوع إلى أول الأمر، يقال رجع فلان في حافرته، وعلى حافرته، إذا رجع من حيث جاء. وقوله عز وجل: ﴿ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ ﴾ أي نعود بعد الموت أحياء.
﴿ نَّخِرَةً ﴾ وناخرة أي بالية. ويقال نخرة: بالية، وناخرة: يعني عظاما فارغة يصير فيها مر هبوب الريح كالنخير.
﴿ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ يعني نفخة الصور. والزجرة: الصيحة بشدة وانتهار.
(ساهرة) يعني وجه الأرض، وسميت ساهرة لأن فيها سهرهم ونومهم، وأصلها مسهورة ومسهور فيها، فصرف من مفعول إلى فاعله، كما قيل: عيشة راضية أي مرضية. ويقال: الساهرة: أرض القيامة.
﴿ طُوًى ﴾ انظر ١٢ من طه.
﴿ فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ ﴾: أي أغرقه في الدنيا ويعذبه في الآخرة. وفي التفسير ﴿ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ ﴾: نكال قوله﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ﴾[القصص: ٣٨]، وقوله ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ فنكل الله به نكال هاتين الكلمتين وانظر ٦٦ من البقرة.
﴿ أَغْطَشَ لَيْلَهَا ﴾ أظلم ليلها.
﴿ دَحَاهَا ﴾ أي بسطها.
﴿ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ يعني يوم القيامة. والطامة الداهية لأنها تطم على كل شيء أي تعلوه وتغطيه.
﴿ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا ﴾: متى مثبتها، من أرساها الله أي أثبتها: أي متى الوقت الذي تقوم عنده؟ وليس من القيام على الرجل إنما هو من القيام على الحق، من قولك: قام الحق، أي ظهر وثبت.
سورة النازعات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (النَّازعات) من السُّوَر المكية، وقد افتُتحت بذكرِ الملائكة التي تَنزِع الأرواح؛ ليبعثَ اللهُ الناس بعد ذلك في يوم الطامَّة الكبرى؛ ليكونَ من اتقى في الجِنان، ويذهبَ من طغى وآثر الحياةَ الدنيا إلى الجحيم مأواه، وقد ذكَّرت السورةُ الكريمة بنِعَمِ الله على خَلْقه وقوَّته وقهره بعد أن بيَّنتْ إقامةَ الحُجَّة على الكافرين، كما أقام موسى عليه السلام الحُجَّةَ على فرعون بالإبلاغ.

ترتيبها المصحفي
79
نوعها
مكية
ألفاظها
179
ترتيب نزولها
81
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
46
العد الشامي
45

- قوله تعالى: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَىٰهَا ٤٢ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَىٰهَآ} [النازعات: 42-43]:

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسألُ عن الساعةِ حتى أُنزِلَ عليه: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اْلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَىٰهَا ٤٢ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَىٰهَآ} [النازعات: 42-43]». أخرجه الحاكم (3895).

* سورة (النَّازعات):

سُمِّيت سورة (النَّازعات) بذلك؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بـ(النَّازعات)؛ وهم: الملائكةُ الذين ينتزعون أرواحَ بني آدم.

1. مَشاهد اليوم الآخِر (١-١٤).

2. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (١٥-٢٦).

3. لفتُ النظر إلى خَلْقِ السموات والأرض (٢٧-٣٣).

4. أحداث يوم القيامة (٣٤-٤١).

5. سؤال المشركين عن وقتِ الساعة (٤٢-٤٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /23).

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت على إثباتِ البعث والجزاء، وإبطال إحالة المشركين وقوعَه، وتهويلِ يومه، وما يعتري الناسَ حينئذٍ من الوَهَلِ، وإبطال قول المشركين بتعذُّرِ الإحياء بعد انعدام الأجساد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /59).