ﰡ
وأخرج ابن النجار عن أنس قال :« استأذن العلاء بن يزيد الحضرمي على النبي ﷺ، فأذن له فتحدثا طويلاً ثم قال له : يا علاء تحسن من القرآن شيئاً؟ قال : نعم، ثم قرأ عليه عبس حتى ختمها فانتهى إلى آخرها وزاد في آخرها من عنده : وهو الذي أخرج من الحبلى نسمة تسعى من بين شراسيف وحشا فصاح به النبي ﷺ : يا علاء إنته فقد انتهت السورة » والله أعلم.
أخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت : أنزل سورة عبس وتولى في ابن أم مكتوم والأعمى أتى رسول الله ﷺ فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله ﷺ رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله ﷺ يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول أترى بما أقول بأساً فيقول لا، ففي هذا أنزلت.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت :« كان رسول الله ﷺ في مجلس من ناس من وجوه قريش منهم أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة فيقول لهم أليس حسناً أن جئت بكذا وكذا؟ فيقولون : بلى والله، فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله فأعرض عنه، فأنزل الله ﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾ يعني ابن أم مكتوم ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو يعلى عن أنس قال : جاء ابن أم مكتوم إلى النبي ﷺ وهو يكلم أبيّ بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾ فكان النبي ﷺ بعد ذلك يكرمه.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال :« بينا رسول الله ﷺ يناجي عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام، وكان يتصدى لهم كثيراً، ويحرص أن يؤمنوا، فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبدالله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبدالله يستقرىء النبي ﷺ آية من القرآن. قال يا رسول الله : علمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله ﷺ وعبس في وجهه، وتولى، وكره كلامه، وأقبل على الآخرين. فلما قضى رسول الله ﷺ نجواه، وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله ببعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾ فلما نزل فيه ما نزل أكرمه نبي الله وكلمه يقول له : ما حاجتك؟ هل تريد من شيء؟ ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكم قال : ما رؤي رسول الله ﷺ بعد هذه الآية متصدياً لغني ولا معرضاً عن فقير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : لو أن رسول الله ﷺ كتم شيئاً من الوحي كتم هذا عن نفسه.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة قال :« أقبل ابن أم مكتوم الأعمى وهو الذي نزل فيه ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾ فقال يا رسول الله كما ترى قد كبرت سني ورق عظمي وذهب بصري ولي قائد لا يلائمني قياده إياي فهل تجد لي من رخصة أصلي الصلوات الخمس في بيتي؟ قال هل تسمع المؤذن؟ قال : نعم، قال : ما أجد لك من رخصة ».
وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عجرة :« إن الأعمى الذي أنزل الله فيه ﴿ عبس وتولى ﴾ أتى النبيّ ﷺ فقال : يا رسول الله أني أسمع النداء ولعلي لا أجد قائداً، فقال : إذا سمعت النداء فأجب داعي الله ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ أن جاءه الأعمى ﴾ قال : رجل من بين فهر اسمه عبدالله بن أم مكتوم ﴿ أما من استغنى ﴾ عتبة بن ربيعة وأميه بن خلف.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ عبس وتولى ﴾ قال : هو رسول الله ﷺ لقي رجلاً من أشراف قريش فدعاه إلى الإِسلام، فأتاه عبدالله بن أم مكتوم، فجعل يسأله عن أشياء من أمر الإِسلام، فعبس في وجهه، فعاتبه الله في ذلك، فلما نزلت هذه الآية دعا رسول الله ﷺ ابن أم مكتوم فأكرمه، واستخلفه على المدينة مرتين.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان النبي ﷺ مستخلياً بصنديد من صناديد قريش وهو يدعوه إلى الله وهو يرجو أن يسلم إذا أقبل عبدالله بن أم مكتوم الأعمى، فلما رآه النبي ﷺ كره مجيئه، وقال في نفسه : يقول هذا القرشي إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس فنزل الوحي ﴿ عبس وتولى ﴾ إلى آخر الآية.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة ﴾ قال : هي عند الله ﴿ بأيدي سفرة ﴾ قال : هي القرآن.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ بأيدي سفرة ﴾ قال : كتبة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه ﴿ بأيدي سفرة كرام بررة ﴾ قال : هم أصحاب محمد ﷺ.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : السفرة الكتبة من الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله :﴿ بأيدي سفرة ﴾ قال : كتبة.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عطاء بن أبي رباح مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ سفرة ﴾ قال : بالنبطية القراء.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ كرام بررة ﴾ قال : الملائكة.
وأخرج أحمد والأئمة الستة عن عائشة قالت : قال رسول الله ﷺ « الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه، وهو عليه شاق له أجران » والله أعلم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : ما كان في القرآن قتل الإِنسان إنما عني به الكافر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ ما أكفره ﴾ قال : ما أشد كفره وفي قوله :﴿ فقدره ﴾ قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة، ثم كذا ثم كذا ثم كذا، ثم انتهى خلقه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله :﴿ خلقه فقدره ﴾ قال : قدره في رحم أمه كيف شاء.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله :﴿ ثم السبيل يسره ﴾ يعني بذلك خروجه من بطن أمه يسره له.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : خروجه من الرحم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : خروجه من بطن أمه.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح ﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : خروجه من الرحم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ثم السبيل يسره ﴾ قال : هو كقوله :﴿ إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ﴾ [ الإِنسان : ٣ ] الشقاء والسعادة.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن كعب القرظي قال : قرأت في التوراة، أو قال في مصحف إبراهيم، فوجدت فيها : يقول الله يا ابن آدم ما أنصفتني، خلقتك ولم تك شيئاً، وجعلتك بشراً سوياً، وخلقتك من سلالة من طين، ثم جعلتك نطفة في قرار مكين، ثم خلقت النطفة علقة، فخلقت العلقة مضغة، فخلقت المضغة عظاماً، فكسوت العظام لحماً، ثم أنشأناك خلقاً آخر. يا ابن آدم هل يقدر على ذلك غيري؟ ثم خففت ثقلك على أمك حتى لا تتمرض بك، ولا تتأذى، ثم أوحيت إلى الأمعاء أن اتسعي، وإلى الجوارح أن تفرق فاتسعت الأمعاء من بعد ضيقها، وتفرقت الجوارح من بعد تشبيكها، ثم أوحيت إلى الملك الموكل بالأرحام أن يخرجك من بطن أمك فاستخلصتك على ريشة من جناحه، فاطلعت عليك فإذا أنت خلق ضعيف، ليس لك سن يقطع ولا ضرس يطحن، فاستخلصت لك في صدر أمك عرقاً يدر لك لبناً بارداً في الصيف، حاراً في الشتاء، واستخلصته لك من بين جلد ولحم ودم وعروق، ثم قذفت لك في قلب والدتك الرحمة، وفي قلب أبيك التحنن، فهما يكدان ويجهدان ويربيانك ويغذيانك ولا ينامان حتى ينوماك. ابن آدم : أنا فعلت ذلك بك لا لشيء استأهلته به مني أو لحاجة استعنت على قضائها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ لما يقض ما أمره ﴾ قال : لا يقضي أحد أبداً كل ما افترض عليه.
أخرج ابن المنذر عن عبدالله بن الزبير في قوله :﴿ فلينظر الإِنسان إلى طعامه ﴾ قال : إلى مدخله ومخرجه.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التواضع من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ﴿ فلينظر الإِنسان إلى طعامه ﴾ قال : إلى خرئه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :﴿ فلينظر الإِنسان إلى طعامه ﴾ قال : ملك يثني رقبة ابن آدم إذا جلس على الخلاء لينظر ما يخرج منه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي قلابة قال : مكتوب في التوراة يا ابن آدم انظر إلىما بخلت به إلى ما صار.
وأخرج ابن المنذر عن بشير بن كعب أنه كان يقول لأصحابه إذا فرغ من حديثه : انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيجيء فيقف على مزبلة، فيقول : انظروا إلى عسلهم وإلى سمنهم وإلى بطهم وإلى دجاجهم إلى ما صار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ إنا صببنا الماء صباً ﴾ قال : المطر ﴿ ثم شققنا الأرض شقاً ﴾ عن النبات.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس ﴿ وقضباً ﴾ قال : الفصفصة يعني القت ﴿ وحدائق غلباً ﴾ قال : طوال ﴿ وفاكهة وأباً ﴾ قال : الثمار الرطبة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحدائق كل ملتف والغلب ما غلظ، والأب ما أنبت الأرض مما يأكله والدواب ولا يأكله الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ وحدائق غلباً ﴾ قال : ملتفة ﴿ وفاكهة ﴾ وهو ما أكل الناس ﴿ وأباً ﴾ ما أكلت الأنعام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : الغلب الكرام من النخل.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ﴿ غلباً ﴾ قال : غلاظاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وحدائق غلباً ﴾ قال : شجر في الجنة يستظل به لا يحمل منه شيئاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأب الحشيش للبهائم.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الأب الكلأ والمرعى.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ وأباً ﴾ قال : الأب ما يعتلف منه الدواب. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال نعم أما سمعت قول الشاعر :
ترى به الأب واليقطين مختلطاً | على الشريعة يجري تحتها العذب |