تفسير سورة عبس

الوجيز للواحدي

تفسير سورة سورة عبس من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي.
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي أربعون آية

﴿عبس﴾ كلح ﴿وتولَّى﴾ أعرض
﴿أن﴾ لأَنْ ﴿جاءه الأعمى﴾ وهو عبد الله بن أمِّ مكتوم أتى النبيَّ ﷺ وهو يدعو أشراف قريش إلى الإِسلام فجعل يُناديه ويكرِّر النِّداء ولا يدري أنَّه مشتغلٌ حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله ﷺ فعبس وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم فأنزل الله تعالى هذه الآيات
﴿ومَا يدريك لعله﴾ لعلَّ الأعمى ﴿يزكَّى﴾ يتطهَّر من ذنوبه بالإِسلام وذلك أنَّه أتاه يطلب الإِسلام ويقول له: علِّمني ممَّا علمك الله
﴿أو يَذكَّر﴾ يتَّعظ ﴿فتنفعه الذكرى﴾ الموعظة ثمَّ عاتبه عز وجل فقال:
﴿أمَّا من استغنى﴾ أثرى من المال
﴿فأنت له تصدَّى﴾ تُقبِلُ عليه وتتعرَّض له
﴿وما عليك أن لا يزكَّى﴾ أيُّ شيء عليك في أنْ لا يُسلم لأنَّه ليس عليك إسلامه إنَّما عليك البلاغ
﴿وأمَّا مَنْ جاءك يسعى﴾ أي: الأعمى
﴿وهو يخشى﴾ الله تعالى
﴿فأنت عنه تلهى﴾ تتشاغل
﴿كلا﴾ ردع وزجر أي: لا تفعل مثل ما فعلت ﴿إنها﴾ إنَّ آيات القرآن ﴿تذكرة﴾ تذكيرٌ للخلق
﴿فمن شاء ذكره﴾ يعني: القرآن ثمَّ أخبر بجلالته في اللَّوح المحفوظ عنده فقال:
﴿في صحف مكرمة﴾
﴿مرفوعة﴾ رفيعة القدر ﴿مطهرة﴾ لا يمسها إلى المطهرون
﴿بأيدي سفرة﴾ كَتَبةٍ وهم الملائكة
﴿كرام بررة﴾ جمع بارٍّ
﴿قتل الإنسان﴾ لُعن الكافر يعني: عُتبة بن أبي لهب ﴿ما أكفره﴾ ما أشدَّ كفره
﴿من أي شيء خلقه﴾ استفهامٌ معناه التَّقرير ثمَّ فسَّر فقال:
﴿من نطفة خلقه فقدَّره﴾ أطواراً من علقةٍ ومضغةٍ إلى أن خرج من بطن أُمِّه وهو قوله:
﴿ثم السبيل يسره﴾ أي: طريق خروجه من بطن أُمِّه
﴿ثمَّ أماته﴾ قبض روحه ﴿فأقبره﴾ جعل له قبراً يُوارى فيه ولم يجعله ممَّن يُلقى إلى السِّباع والطير
﴿ثمَّ إذا شاء أنشره﴾ أحياه بعد موته
﴿كلا﴾ حقاً ﴿لما﴾ لم ﴿يقض﴾ هذا الكافر ﴿ما أمره﴾ به ربُّه
﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾ كيف قدَّره ربُّه ودبَّره له
﴿أنّا صببنا الماء صباً﴾ أي: المطر من السَّحاب
﴿ثم شققنا الأرض شقاً﴾ بالنبات
﴿فأنبتنا فيها حباً﴾
﴿وعنباً وقضباً﴾ وهو القت الرطب
﴿وزيتونا ونخلا﴾
﴿وحدائق غلباً﴾ بساتين كثيرة الأشجار
﴿وفاكهة وأباً﴾ أي: الكلأ الذي ترعاه الماشية
﴿متاعاً﴾ منفعةً ﴿لكم ولأنعامكم﴾
﴿فإذا جاءت الصاخَّة﴾ صيحة القيامة
﴿يوم يفرُّ المرء من أخيه﴾ ﴿وأمه وأبيه﴾
﴿وأمه وأبيه﴾
﴿وصاحبته وبنيه﴾ لا يلتفت إلى واحدٍ منهم لشغله بنفسه وهو قوله:
﴿لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه﴾ يشغله عن شأن غيره
﴿وجوهٌ يومئذٍ مسفرة﴾ مضيئةٌ
﴿ضاحكة مستبشرة﴾ فرحةٌ
﴿ووجوه يومئذ عليها غبرة﴾ غبارٌ
﴿ترهقها﴾ تغشاها ﴿قترة﴾ ظلمةٌ وسوادٌ
﴿أولئك﴾ أهل هذه الحال ﴿هم الكفرة الفجرة﴾
سورة عبس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (عبَسَ) من السُّوَر المكية، وقد نزلت في عتابِ الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إعراضه عن ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى، بسبب انشغاله مع صناديدِ قريش، وهذا العتاب لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم المقارنةَ بين المصالح والمفاسد، وإعلاءٌ من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت السورة على ذكرِ آيات الله ونِعَمه على خَلْقِه؛ مذكِّرةً إياهم بيوم (الصاخَّة)، حين ينقسم الناس إلى أهل جِنان، وأهل نيران.

ترتيبها المصحفي
80
نوعها
مكية
ألفاظها
133
ترتيب نزولها
24
العد المدني الأول
42
العد المدني الأخير
42
العد البصري
41
العد الكوفي
42
العد الشامي
40

* قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ اْلْأَعْمَىٰ ٢ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ اْلذِّكْرَىٰٓ} [عبس: 1-4]:

عن عُرْوةَ، عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «أُنزِلتْ في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى»، قالت: «أتى النبيَّ ﷺ، فجعَلَ يقولُ: يا نبيَّ اللهِ، أرشِدْني! قالت: وعند النبيِّ ﷺ رجُلٌ مِن عُظَماءِ المشركين، فجعَلَ النبيُّ ﷺ يُعرِضُ عنه، ويُقبِلُ على الآخَرِ، فقال النبيُّ ﷺ: «يا فلانُ، أتَرى بما أقولُ بأسًا؟»، فيقولُ: لا؛ فنزَلتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1]». أخرجه ابن حبان (٥٣٥).

* سورة (عبَسَ):

سُمِّيت سورة (عبَسَ) بذلك؛ لقوله تعالى في أولها: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} [عبس: 1].

1. عتابُ المُحبِّ (١-١٦).

2. تفكُّر وتدبُّر (١٧-٣٢).
3. يومَك.. يومَك (٣٣-٤٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /41).

عتابُ اللهِ نبيَّه صلى الله عليه وسلم عتابَ المُحبِّ؛ لتزكيةِ نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ولتعليمه الموازنةَ بين مراتبِ المصالح والمفاسد، وفي حادثةِ عُبُوسِه صلى الله عليه وسلم في وجهِ الأعمى أوضَحُ الدلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /157)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /102).